آيات من القرآن الكريم

وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ۩
ﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺ ﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬ

ينتفع بعبادة الآلهة. وهذا كله ضرب مثلاً لمن يعبد غير الله، جل ذكره.
(وقيل معنى): مثل من يعبد الأصنام كمثل من يفيض على الماء، ليبلغ فاه، فلا يحصل له نفع من ذلك.
قوله: ﴿وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السماوات والأرض طَوْعاً وَكَرْهاً﴾ إلى قوله ﴿الواحد القهار﴾: المعنى فإن امتنع هؤلاء الذين يدعون الآلهة من دون الله من الطاعة (والإخلاص لله تعالى) فلله تعالى، يسجدُ من في السماوات من الملائكة، ومن في الأرض من المؤمنين طوعاً)، ويسحد (الكافرون) كرهاً، حين يكرهون على ذلك. فيدخلون في الدين كارهين، قاله قتادة.
وعنه أنه قال: أما المؤمن يسجد طائعاً، وأما الكافر فيسجد كارهاً، فيسجد لله حين لا ينفعه.

صفحة رقم 3710

وقال ابن زيد: ﴿وَكَرْهاً﴾: من لم يدخل الإسلام إلا بالسيف، فأول دخوله كرهاً، ﴿طَوْعاً﴾: من دخله طائعاً، أي: من أسلم طائعاً.
وقال الزجاج: جائز أن يكون السجود بالخضوع لله. فمن الناس من يخضع، ويقبل أمر الله (سبحانه) طائعاً، ومنهم من يقبله وإن كان كارهاً (له).
وقيل: معناه: إن عباد الله الصالحين يسجدون لله، والكفار يسجدون خوف القتل.
وقيل: المعنى: وبعض من في الأرض يسجد، وبعض المؤمنين طائعين، قد سهل ذلك عليهم، وبعضهم يكره نفسه على ذلك لله (سبحانه).
وقيل: السجود هنا الخضوع لتدبير الله تعالى في جميع خلقه: من صحتهم، وسقمهم، وتصرفهم، (فهم) منقادون لذلك أحبوا، أو كرهوا لا حيلة لهم في

صفحة رقم 3711

دفع ذلك. وظلالهم أيضاً منقادة لتدبير الله ( تعالى) وإجرائه الشمس / بزيادة الظل، ونقصانه وزواله.
وقال ابن عباس: يعني: حين يفيء ظل أحدهم عن يمينه، وشماله.
قال أبو العالية: ما في السماء من شمس، ولا قمر، ولا نجم يقع لله (سبحانه) ساجداً حين يغيب، فما ينصرف حتى يؤذن له.
وقال مجاهد: ظل المؤمنين يسجد لله طوعاً، وهو طائع، وظل الكافر يسجد طوعاً، وهو كاره.
والآصال: جمع أصل، والأصل (جمع أصيل) كرغيف ورغف. والأصيل: ما بين العصر إلى مغرب الشمس.
ثم قال تعالى: ﴿قُلْ مَن رَّبُّ السماوات والأرض﴾ الآية والمعنى: قل يا محمد لهؤلاء

صفحة رقم 3712

المشركين بالله، من رب السماوات والأرض، ومدبرها؟ قل: الله أتى الجواب والسؤال فيه من جهة واحدة. وذلك على تقدير أنهم لما قيل لهم: من رب السماوات والأرض، (ومدبرها). جهلوا الجواب فقالوا: ومن هو؟ فقيل لهم الله: ومثله: ﴿مَّن يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ الله﴾ [يونس: ٣٤].
وهو كثير في القرآن: يأتي السؤال والجواب من جهة (واحدة، من جهة السائل. وإنما حق الجواب أن يكون من جهة) السؤال، لكن أتى الجواب) من جهة السائل (الجوابِ: على معنى أنهم جعلوا الجواب، وطلبوه من جهة السائل): فأعلمهم به السائل، فصار السؤال الجواب من جهة واحدة.
ثم أمر أن يقول لهم: ﴿أفاتخذتم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً﴾

صفحة رقم 3713

يجتلبونه لها، ﴿وَلاَ ضَرّاً﴾ يدفعونه عنها، وهي إذا لم تمتلك ذلك لأنفسها، تكون أضعف عن ملكه لغيرها، فعبدتم من هذه صفته، وتركتم (عبادة) من بيده النفع والضر، والموت والحياة.
(ثم) ضرب لهم مثلاً، فقال: قل لهم يا محمد ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأعمى والبصير﴾ يريد به المؤمن والكافر.
﴿أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظلمات والنور﴾: (أي): الإيمان والكفر، فالظلمة طرف الكفر، والنور طرف الإيمان.
قال مجاهد: الظلمات والنور: " الهدى والضلالة ".
ثم قال تعالى: ﴿أَمْ جَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ﴾ الآية المعنى: قل امحمد لهؤلاء المشركين: أخلق أوثانكم خلقاً كخلق الله، فاشتبه عليكم أمرها فيما خلقت،

صفحة رقم 3714
الهداية الى بلوغ النهاية
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
الناشر
مجموعة بحوث الكتاب والسنة - كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الشارقة
سنة النشر
1429
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية