آيات من القرآن الكريم

إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ
ﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄ ﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔ

إِخْوَتِهِ أَنْ يُهْلِكُوهُ، وَكَيْفَ قَالَ لِإِخْوَتِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ، مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ اللَّه سُبْحَانَهُ سَيَجْتَبِيهِ وَيَجْعَلُهُ رَسُولًا، فَأَمَّا إِذَا قُلْنَا إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا كَانَ عَالِمًا بِصِحَّةِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ، فَكَيْفَ قَطَعَ بِهَا؟ وَكَيْفَ حَكَمَ بِوُقُوعِهَا حُكْمًا جَازِمًا مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ؟
قُلْنَا: لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ مَشْرُوطًا بِأَنْ لَا يَكِيدُوهُ، لِأَنَّ ذِكْرَ ذَلِكَ قَدْ تَقَدَّمَ، وَأَيْضًا فَبِتَقْدِيرِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ قَاطِعًا بِأَنَّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَيَصِلُ إِلَى هَذِهِ الْمَنَاصِبِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقَعَ فِي الْمَضَايِقِ الشَّدِيدَةِ ثُمَّ يَتَخَلَّصُ مِنْهَا وَيَصِلُ إِلَى تِلْكَ الْمَنَاصِبِ فَكَانَ خَوْفُهُ لِهَذَا السَّبَبِ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ [يُوسُفَ: ١٣] الزَّجْرَ عَنِ التَّهَاوُنِ فِي حِفْظِهِ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ الذِّئْبَ لَا يَصِلُ إليه.
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٧ الى ٨]
لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧) إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨)
[في قَوْلُهُ تَعَالَى لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ] فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: ذَكَرَ صاحب «الكشاف» أسماء إخوة يوسف: يهوذا، رُوبِيلُ، شَمْعُونُ لَاوِي، رَبَالُونُ، يَشْجُرُ، دِينَةُ، دَانُ، نَفْتَالِي، جَادُ، آشِرُ. ثُمَّ قَالَ: السَّبْعَةُ الْأَوَّلُونَ مِنْ لَيَا بِنْتِ/ خَالَةِ يَعْقُوبَ وَالْأَرْبَعَةُ الْآخَرُونَ مِنْ سُرِّيَّتَيْنِ زُلْفَةَ وَبَلِهَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ لَيَا تَزَوَّجَ يَعْقُوبُ أُخْتَهَا رَاحِيلَ فَوَلَدَتْ لَهُ بِنْيَامِينَ وَيُوسُفَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: آياتٌ لِلسَّائِلِينَ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ آيَةٌ بِغَيْرِ أَلِفٍ حَمَلَهُ عَلَى شَأْنِ يُوسُفَ وَالْبَاقُونَ آياتٌ عَلَى الْجَمْعِ لِأَنَّ أُمُورَ يُوسُفَ كَانَتْ كَثِيرَةً وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا آيَةٌ بِنَفْسِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: ذَكَرُوا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: آياتٌ لِلسَّائِلِينَ وُجُوهًا: الْأَوَّلُ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ دَخَلَ حَبْرٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ مِنْهُ قِرَاءَةَ يُوسُفَ فَعَادَ إِلَى الْيَهُودِ فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ سَمِعَهَا مِنْهُ كَمَا هِيَ فِي التَّوْرَاةِ، فَانْطَلَقَ نَفَرٌ مِنْهُمْ فَسَمِعُوا كَمَا سَمِعَ، فَقَالُوا لَهُ مَنْ عَلَّمَكَ هَذِهِ الْقِصَّةَ؟ فَقَالَ: اللَّه عَلَّمَنِي، فَنَزَلَ: لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ وَهَذَا الْوَجْهُ عِنْدِي بَعِيدٌ، لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنَ الْآيَةِ أَنَّ فِي وَاقِعَةِ يُوسُفَ آيَاتٍ لِلسَّائِلِينَ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ الَّذِي نَقَلْنَاهُ مَا كَانَتِ الْآيَاتُ فِي قِصَّةِ يُوسُفَ، بَلْ كَانَتِ الْآيَاتُ فِي إِخْبَارِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا مِنْ غَيْرِ سَبْقِ تَعَلُّمٍ وَلَا مُطَالَعَةٍ وَبَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَرْقٌ ظَاهِرٌ. وَالثَّانِي: أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ أَكْثَرُهُمْ كَانُوا أَقَارِبَ الرَّسُولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَكَانُوا يُنْكِرُونَ نُبُوَّتَهُ وَيُظْهِرُونَ الْعَدَاوَةَ الشَّدِيدَةَ مَعَهُ بِسَبَبِ الْحَسَدِ فَذَكَرَ اللَّه تَعَالَى هَذِهِ الْقِصَّةَ وَبَيَّنَ أَنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ بَالَغُوا فِي إِيذَائِهِ لِأَجْلِ الْحَسَدِ وَبِالْآخِرَةِ فَإِنَّ اللَّه تَعَالَى نَصَرَهُ وَقَوَّاهُ وَجَعَلَهُمْ تَحْتَ يَدِهِ وَرَايَتِهِ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ إِذَا سَمِعَهَا الْعَاقِلُ كَانَتْ زَجْرًا لَهُ عَنِ الْإِقْدَامِ عَلَى الْحَسَدِ وَالثَّالِثُ: أَنَّ يَعْقُوبَ لَمَّا عَبَّرَ رُؤْيَا يُوسُفَ وَقَعَ ذَلِكَ التَّعْبِيرُ وَدَخَلَ فِي الْوُجُودِ بَعْدَ ثَمَانِينَ سَنَةً فَكَذَلِكَ إِنَّ اللَّه تَعَالَى لَمَّا وَعَدَ مُحَمَّدًا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِالنَّصْرِ وَالظَّفَرِ عَلَى الْأَعْدَاءِ، فَإِذَا تَأَخَّرَ ذَلِكَ الْمَوْعُودُ مُدَّةً مِنَ الزَّمَانِ لَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى كَوْنِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَاذِبًا فِيهِ فَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ نَافِعٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. الرَّابِعُ: أَنَّ إِخْوَةَ يُوسُفَ بَالَغُوا فِي إِبْطَالِ أَمْرِهِ، وَلَكِنَّ اللَّه تَعَالَى لَمَّا وَعَدَهُ بِالنَّصْرِ وَالظَّفَرِ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا قَدَّرَهُ اللَّه تَعَالَى لَا كَمَا سَعَى فِيهِ الْأَعْدَاءُ، فَكَذَلِكَ وَاقِعَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّه لَمَّا ضَمِنَ لَهُ إِعْلَاءَ الدَّرَجَةِ لَمْ يَضُرَّهُ سَعْيُ الْكُفَّارِ فِي إِبْطَالِ أَمْرِهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ:

صفحة رقم 422

لِلسَّائِلِينَ فَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ فِيهَا آيَاتٌ كَثِيرَةٌ لِمَنْ سَأَلَ عَنْهَا، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَواءً لِلسَّائِلِينَ [فصلت: ١٠].
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُ: لَيُوسُفُ اللَّامُ لَامُ الِابْتِدَاءِ، وَفِيهَا تَأْكِيدٌ وَتَحْقِيقٌ لِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ. أَرَادُوا أَنَّ زِيَادَةَ مَحَبَّتِهِ لَهُمَا أَمْرٌ ثَابِتٌ لَا شُبْهَةَ فِيهِ وَأَخُوهُ هُوَ بِنْيَامِينُ، وَإِنَّمَا قَالُوا أَخُوهُ، وَهُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ لِأَنَّ أُمَّهُمَا كَانَتْ وَاحِدَةً وَالْعُصْبَةُ وَالْعِصَابَةُ الْعَشَرَةُ فَصَاعِدًا، وَقِيلَ إِلَى الْأَرْبَعِينَ سُمُّوا بِذَلِكَ/ لِأَنَّهُمْ جَمَاعَةٌ تُعْصَبُ بِهِمُ الْأُمُورُ،
وَنُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَرَأَ وَنَحْنُ عُصْبَةً بِالنَّصْبِ
قِيلَ: مَعْنَاهُ وَنَحْنُ نَجْتَمِعُ عُصْبَةً.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: الْمُرَادُ مِنْهُ بَيَانُ السَّبَبِ الَّذِي لِأَجْلِهِ قَصَدُوا إِيذَاءَ يُوسُفَ، وَذَلِكَ أَنَّ يَعْقُوبَ كَانَ يُفَضِّلُ يُوسُفَ وَأَخَاهُ عَلَى سَائِرِ الْأَوْلَادِ فِي الْحُبِّ وَأَنَّهُمْ تَأَذَّوْا مِنْهُ لِوُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ كَانُوا أَكْبَرَ سِنًّا مِنْهُمَا. وَثَانِيهَا:
أَنَّهُمْ كَانُوا أَكْثَرَ قُوَّةً وَأَكْثَرَ قِيَامًا بِمَصَالِحِ الْأَبِ مِنْهُمَا. وَثَالِثُهَا: أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّا نَحْنُ الْقَائِمُونَ بِدَفْعِ الْمَفَاسِدِ وَالْآفَاتِ، وَالْمُشْتَغِلُونَ بِتَحْصِيلِ الْمَنَافِعِ وَالْخَيْرَاتِ. إِذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ كَوْنِهِمْ مُتَقَدِّمِينَ عَلَى يُوسُفَ وَأَخِيهِ فِي هَذِهِ الْفَضَائِلِ، ثُمَّ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُفَضِّلُ يُوسُفَ وَأَخَاهُ عَلَيْهِمْ لَا جَرَمَ قَالُوا: إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ يَعْنِي هَذَا حَيْفٌ ظاهر وضلال بين. وهاهنا سُؤَالَاتٌ:
السُّؤَالُ الْأَوَّلُ: إِنَّ مِنَ الْأُمُورِ الْمَعْلُومَةِ أَنَّ تَفْضِيلَ بَعْضِ الْأَوْلَادِ عَلَى بَعْضٍ يُورِثُ الْحِقْدَ وَالْحَسَدَ، وَيُورِثُ الْآفَاتِ، فَلَمَّا كَانَ يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَالِمًا بِذَلِكَ فَلِمَ أَقْدَمَ عَلَى هَذَا التَّفْضِيلِ وَأَيْضًا الْأَسَنُّ وَالْأَعْلَمُ وَالْأَنْفَعُ أَفْضَلُ، فَلِمَ قَلَبَ هَذِهِ الْقَضِيَّةَ؟
وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا فَضَّلَهُمَا عَلَى سَائِرِ الْأَوْلَادِ إِلَّا فِي الْمَحَبَّةِ، وَالْمَحَبَّةُ لَيْسَتْ فِي وُسْعِ الْبَشَرِ فَكَانَ مَعْذُورًا فِيهِ وَلَا يَلْحَقُهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ لَوْمٌ.
السُّؤَالُ الثَّانِي: أَنَّ أَوْلَادَ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِنْ كَانُوا قَدْ آمَنُوا بِكَوْنِهِ رَسُولًا حَقًّا مِنْ عِنْدِ اللَّه تَعَالَى فَكَيْفَ اعْتَرَضُوا عَلَيْهِ، وَكَيْفَ زَيَّفُوا طَرِيقَتَهُ وَطَعَنُوا فِي فِعْلِهِ، وَإِنْ كَانُوا مُكَذِّبِينَ لِنُبُوَّتِهِ فَهَذَا يُوجِبُ كُفْرَهُمْ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّهُمْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ بِنُبُوَّةِ أَبِيهِمْ مُقِرِّينَ بِكَوْنِهِ رَسُولًا حَقًّا مِنْ عِنْدِ اللَّه تَعَالَى، إِلَّا أَنَّهُمْ لَعَلَّهُمْ جَوَّزُوا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ يَفْعَلُوا أَفْعَالًا مَخْصُوصَةً بِمُجَرَّدِ الِاجْتِهَادِ، ثُمَّ إِنَّ اجْتِهَادَهُمْ أَدَّى إِلَى تَخْطِئَةِ أَبِيهِمْ فِي ذَلِكَ الِاجْتِهَادِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ هُمَا صَبِيَّانِ مَا بَلَغَا الْعَقْلَ الْكَامِلَ وَنَحْنُ مُتَقَدِّمُونَ عَلَيْهِمَا فِي السِّنِّ وَالْعَقْلِ وَالْكِفَايَةِ وَالْمَنْفَعَةِ وَكَثْرَةِ الْخِدْمَةِ وَالْقِيَامِ بِالْمُهِمَّاتِ وَإِصْرَارُهُ عَلَى تَقْدِيمِ يُوسُفَ عَلَيْنَا يُخَالِفُ هَذَا الدَّلِيلَ. وَأَمَّا يَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَعَلَّهُ كَانَ يَقُولُ: زِيَادَةُ الْمَحَبَّةِ لَيْسَتْ فِي الْوُسْعِ وَالطَّاقَةِ، فَلَيْسَ للَّه عَلَيَّ فِيهِ تَكْلِيفٌ. وَأَمَّا تَخْصِيصُهُمَا بِمَزِيدِ الْبِرِّ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ لِوُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ أُمَّهُمَا مَاتَتْ وَهُمَا صِغَارٌ.
وَثَانِيهَا: لِأَنَّهُ كَانَ يَرَى فِيهِ مِنْ آثَارِ الرُّشْدِ وَالنَّجَابَةِ مَا لَمْ يَجِدْ فِي سَائِرِ الْأَوْلَادِ، وَثَالِثُهَا: لَعَلَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يَخْدِمُ أَبَاهُ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْخِدَمِ أَشْرَفَ وَأَعْلَى بِمَا كَانَ يَصْدُرُ عَنْ سَائِرِ الْأَوْلَادِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَانَتِ اجْتِهَادِيَّةً، وَكَانَتْ مَخْلُوطَةً بِمَيْلِ النَّفْسِ وَمُوجِبَاتِ الْفِطْرَةِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِ الِاخْتِلَافِ فِيهَا طَعْنُ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ فِي دِينِ الْآخَرِ أَوْ فِي عِرْضِهِ.

صفحة رقم 423
مفاتيح الغيب
عرض الكتاب
المؤلف
أبو عبد الله محمد بن عمر (خطيب الري) بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي
الناشر
دار إحياء التراث العربي - بيروت
سنة النشر
1420
الطبعة
الثالثة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية