آيات من القرآن الكريم

وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ۖ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ
ﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻ ﯽﯾﯿﰀﰁﰂﰃﰄﰅﰆﰇﰈﰉﰊﰋﰌﰍ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ

ويؤيده ما فى القصص من ان يعقوب قال لهم يا بنى قدموا احمالكم لا دعو لكم فيها بالبركة فقدموا أحمالهم وفتحوها بين يديه فرأوا بضاعتهم فى رؤس أحمالهم فقالوا عند ذلك يا أَبانا ما نَبْغِي ما استفهامية منصوبة بنبغي وهو من البغي بمعنى الطلب اى أي شىء نطلب وراء هذا من الإحسان هذِهِ بِضاعَتُنا [اينست بضاعت ما كه غله بدين بضاعت بما فروخته اند] رُدَّتْ إِلَيْنا اى حال كونها مردودة إلينا تفضلا من حيث لا ندرى بعد ما من علينا بالمنن العظام هل من مزيد على هذا فنطلبه أرادوا الاكتفاء به فى استيجاب الامتثال لامره والالتجاء اليه فى استجلاب المزيد وَنَمِيرُ أَهْلَنا اى نجلب إليهم الطعام من عند الملك وهو معطوف على مقدر اى ردت إلينا فنستظهر بها ونمير أهلنا فى رجوعنا الى الملك يقال مار اهله يميرهم ميرا إذا أتاهم بالميرة وهى الطعام المجلوب من بلد الى بلد ومثله امتار وَنَحْفَظُ أَخانا من الجوع والعطش وسائر المكاره وَنَزْدادُ [وزياده بستانيم بواسطه او] كَيْلَ بَعِيرٍ اى حمل بعير يكال لنا من أجل أخينا لانه كان يعطى باسم كل رجل حمل بعير كأنه قيل أي حاجة الى الازدياد فقيل ذلِكَ اى ما يحمله اباعرنا كَيْلٌ يَسِيرٌ اى مكيل قليل لا يقوم باودنا اى قوتنا قالَ ابو هم لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ بعد ما عاينت منكم ما عاينت حَتَّى تُؤْتُونِ [تا بدهيد مرا] مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ اى عهدا موثوقا به اى معتمدا مؤكدا بالحلف وذكر الله وهو مصدر ميمى بمعنى الثقة استعمل فى الآية بمعنى اسم المفعول اى الموثوق به وانما جعله موثقا منه تعالى لان توكيد العهود به مأذون فيه من جهته تعالى فهو اذن منه تعالى لَتَأْتُنَّنِي بِهِ جواب القسم إذا المعنى حتى تحلفوا بالله لتأتننى به فى كل الأوقات إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ إلا وقت الإحاطة بكم وكونهم محاطا بهم اما كناية عن كونهم مغلوبين مقهورين بحيث لا يقدرون على إتيانه البتة او عن هلاكهم وموتهم جميعا وأصله من العدو فان من أحاط به العدو يصير مغلوبا عاجزا عن تنفيذ مراده او هالكا بالكلية ولقد صدقت هذه القصة المثل السائر وهو قولهم البلاء موكل بالمنطق فان يعقوب عليه السلام قال اولا فى حق يوسف وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ فابتلى من ناحية هذا القول حيث قالوا أكله الذئب وقال هاهنا لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ فابتلى ايضا بذلك واحيط بهم وغلبوا عليه كما سيأتى قال الكاشفى [در تبيان فرموده كه او را بشما ندهم تا سوگند خوريد بحق محمد ﷺ خاتم النبيين وسيد المرسلين ايشان قبول نموده بمنزلت حضرت پيغمبر ما سوگند خوردند كه در مهم بنيامين غدر نكنند] فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ عهدهم من الله حسبما أراد يعقوب قالَ اللَّهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ اى على ما قلنا فى أثناء طلب الموثق وايتائه من الجانبين وكيل مطلع رقيب يريد به عرض ثقته بالله وحثهم على مراعاة ميثاقهم وفيه اشارة الى ان التوكل بعد التوكيد كقوله تعالى فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وفى الكواشي فى قول يعقوب لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ الآية دليل على جواز التعلق بالأسباب الظاهرة مع صحة التوكل: وفى المثنوى

گر توكل ميكنى در كار كن كشت كن پس تكيه بر جبار كن
فينبغى للانسان ان يجمع بين رعاية الأسباب المعتبرة فى هذا العالم وبين ان لا يعتمد عليها وان

صفحة رقم 291

لا يراعيها الا لمحض التعبد بل يربط قلبه بالله وبتقديره ويعتمد عليه وعلى تدبيره ويقطع رجاه عن كل شىء سواء وليس الشأن ان لا تترك السبب بل الشأن ان تترك السبب وإرادتك الأسباب مع اقامة الله إياك فى التجريد انحطاط عن الهمة العلية لان التجريد حال الآخذ من الله بلا واسطة فالمتجرد فى هذه الحالة كمن خلع عليه الملك خلعة الرضى فجعل يتشوق لسياسة الدواب قال بعض المشايخ مثل المتجرد والمتسبب كعبدين للملك قال لاحدهما اعمل وكل من عمل يدك وقال للآخر الزم أنت حضرتى وانا أقوم لك بقسمتي فمتى خرج واحد منهما عن مراد السيد منه فقد أساء الأدب وتعرض لاسباب المقت والعطب والأسباب على انواع فقد قيل من وقع فى مكان بحيث لم يقدر على الطعام والشراب فاشتغل باسم الصمد كفاه والصمدية هى الاستغناء عن الاكل والشرب وعن بعضهم انه سافر للحج على قدم التجريد وعاهد الله سبحانه ان لا يسأل أحدا شيأ فلما كان فى بعض الطريق مكث مدة لا يفتح عليه شىء فعجز عن المشي ثم قال هذا حال ضرورة تؤدى الى تهلكة بسبب الضعف المؤدى الى الانقطاع وقد نهى الله عن الإلقاء الى التهلكة ثم عزم على السؤال فلما همّ بذلك انبعث من خاطره رده عن ذلك العزم ثم قال أموت ولا انقض عهدا بينى وبين الله تعالى فمرت القافلة وانقطع واستقبل القبلة مضجعا ينتظر الموت فبينما هو كذلك إذا هو بفارس قائم على رأسه معه اداوة فسقاه وأزال ما به من الضرورة فقال له أتريد القافلة فقال واين منى القافلة فقال قم وسار معه خطوات ثم قال قف هنا والقافلة تأتيك فوقف وإذا بالقافلة مقبلة من خلفه فانظر أن البقاء فرع الفناء فما دام لم يحصل للمرء الفناء عن الوجود لم يجد البقاء من الله ذى الفيض والجود

يكجو از خرمن هستى نتواند برداشت هر كه در كوى فنا در ره حق دانه نكشت
وَقالَ يعقوب ناصحا لبنيه لما از مع على ارسالهم جميعا يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مصر مِنْ بابٍ واحِدٍ وكان لها اربعة أبواب وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ اى من طرق شتى وسكك مختلفة مخافة العين فان العين والسحر حق اى كائن اثرهما فى المعين والمسحور وصاهم بذلك فى هذه الكرة لانهم كانوا ذوى جمال وهيئة حسنة مشتهرين فى مصر بالقربة عند الملك فخاف عليهم ان دخلوا جماعة واحدة ان يصابوا بالعين ولم يوصهم فى الكرة الاولى لانهم كانوا مجهولين حينئذ مغمورين بين الناس غير متجملين تجملهم فى الثانية وكان الداعي إليها خوفه على بنيامين [در لطائف آورده كه يعقوب در أول مهر پدرى پيدا كرد وآخر عجز بندگى آشكار كرد كه گفت] وَما أُغْنِي عَنْكُمْ اى لا أنفعكم ولا ادفع عنكم بتدبيري مِنَ اللَّهِ وقضائه مِنْ من رائدة لتأكيد النفي شَيْءٍ اى شيأ فان الحذر لا يمنع القدر
من جهد مى كنم قضا ميگويد بيرون ز كفايت تو كار دگرست
ولم يرد به الغاء الحذر بالمرة كيف لا وقد قال تعالى وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وقال خُذُوا حِذْرَكُمْ بل أراد بيان ان ما وصاهم به ليس مما يستوجب المراد لا محالة بل هو تدبير فى الجملة وانما التأثير وترتب المنفعة عليه من العزيز القدير وان ذلك ليس بمدافعة للقدر بل هو استعانة بالله وهرب منه اليه إِنِ الْحُكْمُ اى ما الحكم مطلقا إِلَّا لِلَّهِ لا يشاركه أحد ولا يمانعه شىء فلا يحكم

صفحة رقم 292

أحد سواه بشئ من السوء وغيره عَلَيْهِ لا على أحد سواء تَوَكَّلْتُ فى كل ما آتى واذر. وفيه دلالة على ان ترتيب الأسباب غير مخل بالتوكل وَعَلَيْهِ دون غيره فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ الفاء لافادة التسبب فان فعل الأنبياء سبب لان يقتدى بهم قال سهل بن عبد الله التستري قدس سره للعباد على الله ثلاثة أشياء تكليفهم وآجالهم والقيام بامرهم ولله على العباد ثلاثة التوكل عليه واتباع نبيه والصبر على ذلك الى الموت. ومعنى ذلك ان الثلاثة الاول دخول العبد فيها تكلف إذ لا يتصور وجودها بسبب منه ولا يجب على الله شىء. والثلاثة الاخر لا بد من قيام العبد بها إذ لا بد من تسببه فيها واعلم انه قد شهدت باصابة العين تجاريب العلماء من الزمن الأقدم وتطابق ألسنة الأنبياء على حقيتها: قال الكمال
الخجندي

عقل باطل شمرد چشم تو هر خون كه كند ظاهرا بى خبر از نكته العين حقست
وفى الحديث ان العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر وعن على رضى الله عنه ان جبريل اتى النبي ﷺ فوافقه مغتما فقال يا محمد ما هذا الغم الذي أراه فى وجهك فقال (الحسن والحسين أصابهما عين) فقال يا محمد صدقت فان العين حق وتحقيقه ان الشيء لايعان الا بعد كماله وكل كامل فانه يعقبه النقص بقضاء ولما كان ظهور القضاء بعد العين أضيف ذلك إليها فالتأثير الحاصل عقيبه هو فعل الله على وفق اجراء عادته إذ لا تأثير للعين حقيقة على ما هو مذهب اهل السنة وقال بعضهم تأثير المؤثر فى غيره لا يجب ان يكون مستندا الى القوى الجسمانية بل قد يكون التأثير نفسانيا محضا ويدل عليه ان اللوح الذي يكون قليل العرض إذا كان موضوعا على الأرض يقدر الإنسان على المشي عليه ولو كان موضوعا فيما بين جدارين عاليين يعجز عن المشي عليه وما ذلك الا لان خوفه من السقوط يوجب سقوطه منه فعلمنا ان التأثيرات النفسانية موجودة من غير ان يكون للقوى الجسمانية مدخل لها وايضا إذا تصور الإنسان كون فلان مؤذيا له حصل فى قلبه غضب يسخن بذلك مزاجه جدا فمبدأ تلك السخونة ليس الا ذاك التصور النفساني ولان مبدأ الحركات البدنية ليس الا التصورات النفسانية فلما ثبت ان تصور النفس يوجب تغير بدنه الخاص لم يبعد ايضا ان يكون بعض النفوس بحيث تتعدى تأثيراتها الى سائر الأبدان فثبت انه لا يمتنع فى العقل ان يكون بعض النفوس مؤثرا فى سائر الأبدان فان جواهر النفس مختلفة بالماهية فجاز ان يكون بعض النفوس بحيث يؤثر فى تغيير بدن حيوان آخر بشرط ان يراه ويتعجب منه وقال بعضهم وجه إصابة العين ان الناظر إذا نظر الى شىء واستحسنه ولم يرجع الى الله والى روية صنعه قد يحدث الله فى المنظور علة بجناية نظره على غفلة ابتلاء من الله لعباده ليقول المحق انه من الله وغيره من غيره فيواخذ الناظر لكونه سببا وقال بعضهم صاحب العين إذا شاهد الشيء واعجب به كانت المصلحة له فى تكليفه ان يغير الله ذلك الشيء حتى لا يبقى قلب المكلف متعلقا به وقال بعضهم لا يستبعد ان ينبعث من عين من بعض الناس جواهر لطيفة غير مرئية فتتصل بالمعين فيتضرر بالهلاك والفساد كما قيل مثل ذلك فى بعض الحيات فان من انواع الأفاعي ما إذا وقع بصرها على عين انسان مات من ساعته والتأثير غير موقوف على الاتصالات الجسمية بل بعضها

صفحة رقم 293

بالمقابلة والرؤية وبعضها لا يحتاج الى المقابلة بل يتوجه الروح اليه ونحوه. ومن هذا القبيل شر الحسود المستعاذ منه حتى قال بعضهم ان بعض العائنين لا يتوقف عينهم على الرؤية بل ربما يكون أعمى فيوصف له الشيء فتؤثر نفسه فيه بالوصف من غير رؤية قال القزويني ويختص بعض النفوس من الفطرة بامر غريب لا يوجب مثله لغيرها كما ذكر ان فى الهند قوما إذا اهتموا بشئ اعتزلوا عن الناس وصرفوا همتهم الى ذلك الشيء فيقع على وفق اهتمامهم. ومن هذا القبيل ما ذكر ان السلطان محمود غزا بلاد الهند وكانت فيها مدينة كلما قصدها مرض فسأل عن ذلك فقيل له ان عندهم جمعا من الهند إذا صرفوا همتهم الى ذلك يقع المرض على وفق ما اهتموا فاشار اليه بعض أصحابه بدق الطبول ونفخ البوقات الكثيرة لتشويش همتهم ففعل ذلك فزال المرض واستخلصوا المدينة فهذا تأثير الهمة. واما تأثير المحبة فقد حكى ان بعض الناس كان يهوى شابا يلقب ببدر الدين فاتفق انه توفى ليلة البدر فلما اقبل الليل وتكمل البدر لم يتمالك محبه رؤيته من شدة الحزن وانشد يخاطب البدر
شقيقك غيب فى لحده... وتطلع يا بدر من بعده
فهلا خسفت وكان الخسوف... لباس الحداد على فقده
فخسف القمر من ساعته فانظر الى صدق هذه المحبة وتأثيرها فى القمر وصدق من قال ان المحبة مغناطيس القلوب وتأثير الأرواح فى الأجسام امر مشاهد محسوس فالتأثير للارواح ولشدة ارتباطها بالعين نسبت إليها قال بعض الحكماء ودليل ذلك ان ذوات السموم إذا قلت بعد لسعها خف اثر لسعها لان الجسد تكيف بكيفية السم وصار قابلا للانحراف فما دامت حبة فان نفسها تمده بامتزاج الهواء بنفسها وانتشاق الملسوع به وهذا مشاهد ولا أقول ان خاصية قتلها من حصرة فيها فقط بل هى احدى فوائدها المنقولة عنها واصل ذلك كله من إعجاب العائن بالشيء فيتبعه كيفية نفسه الخبيثة فيستعين على تنفيذ سميتها بعينه وقد يعين الرجل نفسه بغير ارادة منه وهذا أردى ما يكون وينبغى ان يعلم ان ذلك لا يختص بالانس بل قد يكون فى الجن ايضا وقيل عيونهم انفذ من أسنة الرماح وعن أم سلمة رضى الله عنها ان النبي عليه السلام رأى فى بيتها جارية وفى وجهها صفرة فقال استرقوا لها فان بها النظرة وأراد بها العين أصابتها من الجن قال الفقهاء من عرف بذلك حبسه الامام واجرى له النفقة الى الموت فلما كان اصل ذلك استحسانه قال عثمان رضى الله عنه لما رأى صبيا مليحا دسموا نونته لئلا تصيبه العين اى سودوا نقرة ذقنه قالوا ومن هذا القبيل نصب عظام الرؤوس فى المزارع والكرو ووجهه ان النظر الشؤم يقع عليه او لا فتنكسر سورته فلا يظهر اثره وقد جعل الله لكل داء دواء ولكل شىء ضدا فالدعوات والأنفاس الطيبة تقابل الأثر الذي حصل من النفوس الخبيثة والحواس الفاسدة فتزيله- وروى- عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال دخلت على رسول الله ﷺ فى أول النهار فرأيته شديد الوجع ثم عدت اليه آخر النهار فرأيته معافى فقال (ان جبريل عليه السلام أتاني فرقانى وقال بسم الله أرقيك من كل شىء يؤذيك ومن كل عين وحاسد الله يشفيك قال عليه السلام فافقت) وفيه وفيما ذكر

صفحة رقم 294

من حديث أم سلمة دلالة على جواز الاسترقاء وعليه عامة العلماء هذا إذا كانت الرقى من القرآن او الاذكار المعروفة اما الرقى التي لا يعرف معناها فمكروهة وعن عائشة رضى الله عنها انها قالت له ﷺ (هلا تنشرت) اى تعلمت النشرة وهى الرقية قال بعضهم وفيه دليل على عدم كراهة استعمال النشرة حيث لم ينكر عليه السلام ذلك عليها وكرهها جمع واستدلوا بحديث فى سنن ابى داود مرفوعا (النشرة من عمل الشيطان) وحمل ذلك على النشرة التي تصحبها العزائم المشتملة على الأسماء التي لا تفهم كما قال المطرزي فى المغرب انما تكره الرقية إذا كانت بغير لسان العرب ولا يدرى ما هو ولعله يدخل فيه سحرا وكفرا واماما كان من القرآن وشىء من الدعوات فلا بأس به واما تعليق التعويذ وهو الدعاء المجرب او الآية المجربة او بعض اسماء الله لدفع البلاء فلا بأس به ولكن ينزعه عند الخلاء والقربان الى النساء كذا فى التتار خانية وعند البعض يجوز عدم النزع إذا كان مستورا بشئ والاولى النزع. وكان عليه السلام يعوذ الحسن والحسين رضى الله عنهما فيقول (أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة فعوذوا بها أولادكم فان ابراهيم كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق) رواه البخاري فى صحيحه. وكلمات الله كتبه المنزلة على أنبيائه او صفات الله كالعزة والقدرة وغيرهما وكونها تامة لعرائها عن النقص والانفصام. وكان احمد بن حنبل يستدل بقوله بكلمات الله التامة على ان القرآن غير مخلوق ويقول ان رسول الله ﷺ لا يستعيذ بمخلوق وما من كلام مخلوق الا وفيه نقص فالموصوف منه بالتمام غير مخلوق وهو كلام الله تعالى يقول الفقير جاءت الاستعاذة بمخلوق فى قول على رضى الله عنه إذا كنت بواد تخاف فيه السبع فقل أعوذ بدانيال وبالجب من شر الأسد وذلك ان دانيال لما ابتلى بالسباع كما ذكرناه عند قوله تعالى فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ جعل الله الاستعاذة به فى ذلك تمنع شر الذي لا يستطاع كما فى حياة الحيوان قال بعضهم هذا مقام من بقي له التفات الى غير الله
فاما من توغل فى بحر التوحيد حيث لا يرى فى الوجود الا الله لم يستعذ الا بالله ولم يلتجئ الا الى الله والنبي عليه السلام لما ترقى عن هذا المقام قال (أعوذ بك منك) والهامة احدى الهوام وهى حشرات الأرض وقال الخطابي ذوات السموم كالحية والعقرب ونحو هما واما حديث ابن عجرة (أيؤذيك هو أم رأسك) فالمراد بها القمل على الاستعارة واللامة الملمة من المت به اى نزلت وجيئ على فاعلة ولم يقل ملمة للازدواج بهامة ويجوز ان يكون على ظاهرها بمعنى جامعة للشر على المعيون من لمه يلمه إذا جمعه يقال ان دارك تلم الناس اى تجمعهم وفى الفتوحات المكية ان التأثير الحاصل من الحروف واسماء الله تعالى من جنس الكرامات اى اظهار الخواص بالكرامة فان كل أحد لا يقدر استخراج خواص الأشياء وعن عائشة رضى الله عنها يؤمر العائن ان يتوضأ ثم يغتسل منه المعين وهو الذي أصيب بالعين وعن الحسن دواء إصابة العين ان تقرأ هذه الآية وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ وليس فى الباب انفع من هذه الآية لدفع العين وعن عائشة رضى الله عنها ان النبي عليه السلام كان إذا أوى الى فراشه كل ليلة جمع كفيه فقرأ قل هو الله

صفحة رقم 295
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية