آيات من القرآن الكريم

وَقَالَ يَا بَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ ۖ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ۖ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۖ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ۖ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ
ﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛ

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَقَالَ يَا بني لَا تدْخلُوا من بَاب وَاحِد﴾ أَكثر الْمُفَسّرين [على] أَنه خَافَ الْعين: لِأَنَّهُ كَانُوا أعْطوا جمالا وَقُوَّة وامتداد قامة، هَذَا قَول ابْن عَبَّاس وَغَيره من الْمُفَسّرين؛ وَالْعين حق. وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي أَنه كَانَ يعوذ الْحسن وَالْحُسَيْن فَيَقُول: (أُعِيذكُمَا بِكَلِمَات الله [التَّامَّة] من كل شَيْطَان [و] هَامة، وَمن كل عين لَامة " (٣).
وَفِي الْبَاب أَخْبَار كَثِيرَة، وَفِي بعض الْآثَار. " الْعين حق، تدخل الْجمل الْقدر وَالرجل الْقَبْر ".
وَفِي الْآيَة قَول آخر: وَهُوَ أَنه خَافَ عَلَيْهِم ملك مصر إِذا رأى قوتهم واجتماعهم أَن يحبسهم أَو يقتلهُمْ. وَحكي عَن إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ أَنه قَالَ: كَانَ يَرْجُو يَعْقُوب أَن يرَوا يُوسُف ويجدوه فَقَالَ: ﴿وادخلوا من أَبْوَاب مُتَفَرِّقَة﴾ لَعَلَّكُمْ (تَجِدُونَ) يُوسُف [أَو] تلقونه. وَالصَّحِيح هُوَ الأول.
وَقَوله: ﴿وَمَا أغْنى عَنْكُم من الله من شَيْء﴾ مَعْنَاهُ: إِن كَانَ الله قضى فِيكُم [قَضَاء] فيصيبكم [قَضَاؤُهُ] مُجْتَمعين كُنْتُم أَو مُتَفَرّقين؛ وَمعنى " أغْنى "

صفحة رقم 47

﴿شَيْء إِن الحكم إِلَّا لله عَلَيْهِ توكلت وَعَلِيهِ فَليَتَوَكَّل المتوكلون (٦٧) وَلما دخلُوا من حَيْثُ أَمرهم أبوهم مَا كَانَ يُغني عَنْهُم من الله من شَيْء إِلَّا حَاجَة فِي نفس يَعْقُوب قَضَاهَا وَإنَّهُ لذُو علم لما علمناه وَلَكِن أَكثر النَّاس لَا يعلمُونَ (٦٨) وَلما دخلُوا على يُوسُف آوى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنا أَخُوك فَلَا تبتئس بِمَا﴾ أَي: أدفَع. وَفِي الْخَبَر: الحذر لَا يرد الْقدر. وَقَوله: ﴿إِن الحكم إِلَّا لله﴾ هَذَا تَفْوِيض يَعْقُوب عَلَيْهِ السَّلَام أُمُوره إِلَى الله؛ وَالْحكم: هُوَ الْفَصْل بَين الْخُصُوم بِمُوجب الْعلم من الْبشر، وَمن الله صنع بِمُوجب الْحِكْمَة ﴿عَلَيْهِ توكلت﴾ يَعْنِي: بِهِ وثقت وَعَلِيهِ اعتمدت.
﴿وَعَلِيهِ فَليَتَوَكَّل المتوكلون﴾ مَعْنَاهُ: وَبِه يَثِق الواثقون.

صفحة رقم 48
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية