
وحَصْحَصَ في صُمّ الحَصَا ثَفِنَاتِه | ودَامَ القِيَامُ ساعةً ثم صَمَّمَا |
وقال الزجاج (١): اشتقاقه في اللغة من الحصّة، أي: بانت حصّة الحق من حصة الباطل.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ هو يعني في قوله: (هي راودتني عن نفسي).
٥٢ - قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ﴾ الآية، قال ابن عباس (٢) والحسن (٣) ومجاهد (٤) وقتادة (٥) والضحاك (٦) وعامة المفسرين: هذا من كلام يوسف وقوله.
قال الفراء (٧): ربما وصل الكلام بالكلام حتى كأنه قول واحد، وهو كلام الاثنين كقوله تعالى: ﴿مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ﴾ (٨)
(١) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٥.
(٢) أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم ٧/ ٢١٥٧ كما في "الدر" ٤/ ٤٣، ومن طريق آخر أخرج الطبري ١٢/ ٢٨٣، والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في "الشعب" كما في "الدر" ٤/ ٤٣.
(٣) "زاد المسير" ١٦/ ١٤١، القرطبي ٩/ ٢٠٩، الطبري ١٣/ ٣.
(٤) الطبري ١٢/ ٢٣٨، و"زاد المسير" ٤/ ٢٣٩.
(٥) الطبري ١٢/ ٢٣٨، و"زاد المسير" ٤/ ٢٣٩، والقرطبى ٩/ ٢٥٩.
(٦) الطبري ١٢/ ٢٣٨.
(٧) "معاني القرآن" ٢/ ٤٧.
(٨) الشعراء: ٣٥.

اتصل قول فرعون بقول الملأ، وكذلك قوله ﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً﴾ إلى قوله ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ (١) انقطع كلامها عند قوله ﴿أَذِلَّةً﴾ ثم قال الله: ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾.
ومعنى قوله ﴿ذَلِكَ﴾ قال مقاتل (٢): معناه هذا. قال أبو بكر (٣): قال اللغويون: "هذا" و ﴿ذَلِكَ﴾ يصلحان في هذا الموضع وأشباهه، ونظيره قوله تعالى ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢] وقد مر. وقال آخرون (٤): "ذلك" إشارة إلى ما فعله من رد الرسول يقول: ذلك الذي فعلت من رد رسول الملك إليه في شأن النسوة ليعلم.
قال الزجاج (٥): و (ذلك) مرفوع بالابتداء، وإن شئت على خبر الابتداء، كأنه قال: أمري ذلك.
واختلفوا متى قال هذا يوسف، فروى عطاء عن ابن عباس (٦) قال: لما صار يوسف عند الملك قال (ذلك ليعلم)، ونحو هذا روى الضحاك (٧) عنه، فعلى هذا معنى قوله ﴿لِيَعْلَمَ﴾ أي الملك.
قال أبو بكر (٨): وإنما آثر الياء على التاء توقيرًا للملك، ورفعًا له عن المخاطبة.
(٢) "تفسير مقاتل" ص ١٥٥، و"زاد المسير" ٤/ ٢٣٨.
(٣) "زاد المسير" ٤/ ٢٣٨.
(٤) الطبري ١٢/ ٢٣٨، الثعلبي ٧/ ٨٨ أ.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٥.
(٦) "زاد المسير" ٤/ ٢٣٩، الطبري ١٢/ ٢٣٨ عكرمه عن ابن عباس.
(٧) "زاد المسير" ٤/ ٢٣٩.
(٨) "زاد المسير" ٤/ ٢٤٠.

وقوله تعالى: ﴿لَمْ أَخُنْهُ﴾ أي في امرأة (١) وزيره. وقال ابن جريج (٢): لم أخن زوج المرأة، والأكثرون على أن قوله (ليعلم) معناه ليعلم العزيز وهو وزير الملك أني لم أخنه في زوجته بالغيب، وهو قول ابن عباس (٣). واختيار الفراء (٤): ليعلم الملك، هذا على قول من يقول: إن يوسف قال هذا بعد حضوره مجلس الملك.
وقال الكلبي فيما رواه عن ابن عباس (٥): لما رجع الساقي إلى يوسف فأخبره وهو في السجن بجواب امرأة العزيز والنسوة، قال -عليه السلام- وهو في السجن: "ذلك ليعلم" أي العزيز "أني لم أخنه" في امرأته بالغيب.
وقال ابن جريج (٦): قاله يوسف في السجن قبل أن يخرج (٧) منه. وقبل أن يسأل الملك النسوة عما سألهن عنه؛ وذلك أنه أحب أن يصح عذره قبل خروجه من السجن، قال: وهو من تقديم القرآن وتأخيره، وتأويله ﴿ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ﴾ إلى قوله ﴿عَلِيمٌ﴾ ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ﴾ فرق بينهما.
(٢) انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" (تفسير سورة يوسف المحققة) ٢١٤، الثعلبي ٧/ ٨٨ أ.
(٣) "زاد المسير" ٤/ ٢٣٩ وبه قال الحسن ومجاهد وقتادة والجمهور، وذكره الثعلبي ٧/ ٨٨ أ.
(٤) "معاني القرآن" ٢/ ٤٧.
(٥) "زاد المسير" ٤/ ٢٣٩، القرطبي ٩/ ٢٠٩.
(٦) "زاد المسير" ٤/ ٢٣٩.
(٧) في (ب) بياض في موضع قوله (قبل أن).