
وهو ملك مصر (ا) لأعظم. والمعنى: (إني) أرى في منامي سبع بقرات سمان ﴿يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ﴾ فلم يكن عند الملك من يعبر ذلك، وقالوا له: ﴿أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ﴾: أي: هي أضغاث. ووقع في نفسه أنها رؤيا كائنة (لا بد) من ذلك.
ومعنى: ﴿أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ﴾: (أي: أخلاط أحلام) كاذبة.
﴿وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأحلام﴾ الكاذبة ﴿بِعَالِمِينَ﴾: وتقديره: وما نحن بعالمين بتأويل الأحلام والأَغاث. (والباء) في ﴿بِعَالِمِينَ﴾: لتأكيد النفي، (و " الباء " في ﴿بِتَأْوِيلِ﴾ لتعدية، متعلقة بعالمين) ففي الكلام تقديم وتأخير.
قوله: ﴿وَقَالَ الذي نَجَا مِنْهُمَا وادكر بَعْدَ أُمَّةٍ﴾ - إلى قوله - ﴿وَفِيهِ يَعْصِرُونَ﴾: المعنى: وقال الذي نجا [منهما] من القتل، يعني: من الفَتَيَيْن اللذين عبر لهما

يوسف الرؤيا.
﴿وادكر بَعْدَ أُمَّةٍ﴾: أي: تذكر بعد حين وصية يوسف، وأمره.
قال الكلبي: تذكر بعد سنين، فذكر أمره للملك.
وقرأ ابن عباس، وعكرمة، وقتادة، والضحاك: " بعد أمه " بالهاء، وفتح الميم والتخفيف أي: بعد نسيان.
وقرأ مجاهد: " بعد أمْهٍ " بإسكان الميم، وبالهاء: جعله مصدر أمة أمهاً: إذا نسي. وتأويلها كتأويل من فتح الميم. وأصل المصدر فتح الميم، ومن أسكن فللتخفيف.

وقرأ الحسن: أنا آتيكم بتأويله قال: وكيف ينبؤهم العلم؟
ثم قال: ﴿فَأَرْسِلُونِ﴾: أي: فأطلقوني أمضي لآتيكم بتأويله من هذا العالم. قوله: ﴿فَأَرْسِلُونِ﴾: وقف.
وقوله ﴿يُوسُفُ أَيُّهَا الصديق﴾: أي: يا يوسف ﴿أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ﴾: أي: في سبع بقرات رُئينَ في المنام. ويأكلهن سبع عجاف - الآية -. قال قتادة: السمان: السنين الخصبة /، والعجاف. سنون جدْبَة.
ومعنى ﴿لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ﴾: أي: يعلمون تأويل رؤيا الملك.
وقيل: المعنى: لعلهم يعلمون مقدارك، فيخرجونك من السجن.

قال يوسف للسائل: ﴿تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَباً﴾: أي: على عادتكم التي كنتم عليها. وقوله: ﴿فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ﴾ فهو خبر معناه الأمر: (أي): ازرعوا، وفيه إيماءٌ إلى تعبير الرؤيا، (فلفظه خبر معناه: الخبر عن تعبير الرؤيا) وفيه معنى الأمر لهم بالزرع سبع سنين، وتركه في سنبله. ودلّ على أنَّه أمر. قوله: ﴿فَذَرُوهُ﴾، فرجع إلى لفظ الأمر بعينه، وعطفه على معنى الأول.
وقيل: هو رأي رآه، ﷺ، لهم ليبقى طعامهم، فأمرهم أن يَدْعُوه في سنبله (إلاَّ ما يأكلون).
ثم قال له: ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذلك سَبْعٌ شِدَادٌ﴾: أي: قحيطة، ﴿يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ﴾. أي: يوكل فيهن ما أعددتم في السنين الخصبة من الطعام ووصفت السنون بالأكل، والمراد أنه يؤكل فيها، كما قال ﴿والنهار مُبْصِراً﴾ [يونس: ٦٧، النمل: ٨٦، غافر: ٦١]: أي: يبصر فيه.