آيات من القرآن الكريم

وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ
ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣ

وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ (١) عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِهِ، وَكَذَا فَسَّرَهَ مُجَاهِدٌ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَغَيْرُهُمْ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ تحلَّم بِبَاطِلٍ وفَسّره، فَإِنَّهُ يُلزَم بِتَأْوِيلِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدة، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبر (٢) فَإِذَا عُبِّرت وَقَعَتْ" (٣)
وَفِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى، مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ الرَّقاشي، عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: "الرُّؤْيَا لِأَوَّلِ عَابِرٍ" (٤)
﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (٤٢) ﴾
لَمَّا ظَنَّ (٥) يُوسُفُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، نَجَاةَ أحِدهما -وَهُوَ السَّاقِي -قَالَ لَهُ يُوسُفُ خُفْيَةً عَنِ الْآخَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، لِئَلَّا يُشْعِرَهُ أَنَّهُ الْمَصْلُوبُ قَالَ لَهُ: ﴿اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ﴾ يَقُولُ: اذْكُرْ قِصَّتِي عِنْدَ رَبِّكَ (٦) -وَهُوَ الْمَلِكُ -فَنَسِيَ ذَلِكَ الموصَى أَنْ يُذَكِّر مَوْلَاهُ بِذَلِكَ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَكَايِدِ الشَّيْطَانِ، لِئَلَّا يَطْلَعَ نَبِيُّ اللَّهِ مِنَ السِّجْنِ.
هَذَا هُوَ الصَّوَابُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ﴾ عَائِدٌ عَلَى النَّاجِي، كَمَا قَالَ مُجَاهِدٌ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَيُقَالُ: إِنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى يُوسُفَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ أَيْضًا، وعِكْرِمة، وَغَيْرِهِمْ. وَأَسْنَدَ ابْنُ جَرِيرٍ هَاهُنَا حَدِيثًا فَقَالَ:
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيع، حَدَّثَنَا عَمْرو بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ (٧) عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَوْ لَمْ يَقُلْ -يَعْنِي: يُوسُفَ -الْكَلِمَةَ الَّتِي قَالَ: مَا لَبِثَ فِي السِّجْنِ طُولَ مَا لَبِثَ. حَيْثُ يَبْتَغِي الْفَرَجَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ" (٨).
وَهَذَا الْحَدِيثُ ضَعِيفٌ جِدًّا؛ لِأَنَّ سُفْيَانَ بْنَ وَكِيع ضَعِيفٌ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ -هُوَ الخُوزي -أَضْعَفُ مِنْهُ أَيْضًا. وَقَدْ رُوي عَنِ الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ مُرْسَلًا عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَهَذِهِ المرسَلات هَاهُنَا لَا تُقْبَلُ لَوْ قُبِلَ الْمُرْسَلُ مِنْ حَيْثُ هُوَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْطِنِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا "الْبِضْعُ"، فَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: هُوَ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التسع. وقال وهب بن مُنَبَّه: مكث

(١) في ت: "فضل".
(٢) في ت: "يعبر".
(٣) سبق تخريجه عند تفسير الآية: "٥" من هذه السورة.
(٤) ورواه ابن ماجة في السنن برقم (٣٩١٥) من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ يزيد الرقاشي، عن أنس موقوفا، وقال البوصيري في الزوائد (٣/٢١٦) :"هذا إسناد فيه يزيد وهو ضعيف".
(٥) في ت، أ: "علم".
(٦) في ت، أ: "الملك".
(٧) في ت: "عن يزيد".
(٨) تفسير الطبري (١٦/١١٢).

صفحة رقم 391
تفسير القرآن العظيم
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي
تحقيق
سامي سلامة
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1420
الطبعة
الثانية
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية