
بالله خالق السموات والأرض وما بينهما وتركتها أى لم أدخل فيها مطلقا، وهم بالآخرة كافرون لا يؤمنون بالثواب والعقاب كما ينبغي، واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فالجد أب كذلك، ما كان ينبغي أن نشرك بالله شيئا نتخذه ربا معبودا وهو لا ينفع ولا يضر، سواء كان المعبود من الملائكة أو البشر أو الحيوان كعجل أبيس أو الجماد كالشمس والقمر، وهذا فضل الله علينا حيث هدانا إلى الخير وعلى الناس حيث أرسلنا إليهم نهديهم وندعوهم إلى الخير. ولكن أكثر الناس لا يقومون بواجب الشكر لله- سبحانه وتعالى-.
وانظر إلى هذا الذي في القرآن حيث ينزه شجرة النبوة الطيبة عن عبادة الشرك والتوراة تنسب إلى بعض أولاد إسحاق الشرك.
يا صاحباي في السجن قروا واعترفوا بالله الواحد القهار.
يا صاحباي أرباب متفرقون في ذواتهم وصفاتهم التي تدعو إلى النزاع والتصادم والفساد. أهؤلاء خير أم الله الواحد الأحد الفرد الصمد القهار بقدرته وإرادته؟! سبحانه وتعالى لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا [سورة الأنبياء آية ٢٢].
ما تعبدون من دون الله الواحد إلا أسماء وضعتموها لمسميات لا تستحق الربوبية فاتخذتموها أربابا من دون الله، وهي أشياء لا ترزق ولا تحيى ولا تميت ولا تنفع وتضر، ما أنزل الله بتسميتها أربابا أى نوع من الحجة والبرهان: لم يأمركم ربكم بذلك على لسان الرسل الكرام، ولم يطلبها عقل راجح حتى يكون برهانا وسلطانا، إن الحكم إلا لله وحده فهو الإله الواجب الوجود الواحد المعبود، أمر ألا تعبدوا إلا إياه، فادعوه واعبدوه وحده دون سواه.
ذلك الدين القيم والشرع الكامل والرأى الوسط، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
تأويل يوسف لرؤيا صاحبيه [سورة يوسف (١٢) : الآيات ٤١ الى ٤٢]
يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيانِ (٤١) وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (٤٢)

المفردات:
تَسْتَفْتِيانِ الاستفتاء طلب الفتوى أى: السؤال عن المشكل المجهول والفتوى جوابه وهذا اللفظ مأخوذ من الفتوة الدالة على معنى القوة والثقة بِضْعَ قيل:
هو من ثلاث إلى تسع ويغلب أن يطلق على السبع.
المعنى:
بعد أن تكلم مع صاحبيه في شأن التوحيد ومقدماته تكلم في تأويل رؤياهما فقال:
يا صاحباي أما أحدكما- الذي رأى أنه يعصر عنبا يصير خمرا- فيسقى ربه خمرا وربه مالكه وسيده ولم يقصد ربوبية العبادة فإن ملك مصر أيام يوسف لم يدع الألوهية كفرعون مصر أيام موسى. وأما الثاني- وهو الذي رأى أنه يحمل خبزا تأكل الطير منه فيصلب فتأكل الطير آكلة اللحوم كالحدأة من رأسه، لا تناقشا! قد قدر الله الأمر وسبق الحكم الذي فيه تستفتيان، وهذا خارج عن تأويل الرؤيا ولكنه من باب المكاشفة وصفاء الأرواح، لعله إخبار ووحى ليوسف، وقال للذي ظن أنه ناج منهما- وانظر إلى التعبير بقوله: ظن أى: في الواقع لأنه ربما يغير الملك رأيه الذي قال أو تأتى حوائل تحول بين تحقيق ما قاله يوسف قال له-: اذكرني عند ربك وسيدك الملك، أى:
حدثه عن خبري وحالي، ويقصد يوسف أن يطرق الأبواب الظاهرية والأسباب المادية ليخرج من السجن فيتمم فصول روايته.
فأنسى الشيطان صاحبه أن يذكر يوسف عند الملك فأنساه الشيطان ذكر إخبار ربه أى: تذكيره بأمر يوسف فترتب على هذا أن يلبث في السجن بضع سنين هل هي ثلاثة أو سبعة أو قل أو أكثر الله أعلم بتحديدها وإن كانت من ثلاث إلى تسع.