آيات من القرآن الكريم

وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ

يخبر تعالى عن حالهما حين خرجا يستبقان إلى الباب، يوسف هارب، والمرأة تطلبه ليرجع إلى البيت، فلحقته في أثناء ذلك، فأمسكت بقميصه من ورائه، فقدته قداً فظيعاً، يقال : إنه سقط عنه، واستمر يوسف هارباً ذاهباً، وهي في إثره، فألفيا سيدها وهو زوجها عند الباب، فعند ذلك خرجت مما هي فيه بمكرها وكيدها، وقالت لزوجها متنصلة وقاذفة يوسف بدائها :﴿ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سواءا ﴾ أي فاحشة، ﴿ إِلاَّ أَن يُسْجَنَ ﴾ أي يحبس، ﴿ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ أي يضرب ضرباً شديدا موجعاً، فعند ذلك انتصر يوسف عليه السلام بالحق، وتبرأ مما رمته به من الخيانة، و ﴿ قَالَ ﴾ باراً صادقاً. ﴿ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي ﴾، وذكر أنها اتبعته تجذبه إليها حتى قدت قميصه، ﴿ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ ﴾ أي من قدامه ﴿ فَصَدَقَتْ ﴾ أي في قولها إنه راودها على نفسها لأنه يكون لما دعاها وأبت عليه دفعته في صدره فقدت قميصه فيصح ما قالت، ﴿ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ ﴾ وذلك يكون كما وقع لما هرب منها، وطلبته، أمسكت بقميصه من ورائه لترده إليها فقدت قميصه من ورائه، وقد اختلفوا في هذا الشاهد : هل هو صغير أو كبير؟ على قولين لعلماء السلف، فقال ابن عباس : كان من خاصة الملك وكان رجلاً ذا لحية، وقال زيد بن أسلم والسدي : كان ابن عمها، وقال العوفي عن ابن عباس : كان صبياً في المهد، وكذا روي عن الحسن وسعيد بن جبير والضحاك : أنه كان صبياً في الدار، واختاره ابن جرير، وقد ورد فيه حديث مرفوع، رواه ابن جرير، عن ابن عباس أنه قال :« تكلم أربعة وهم صغار : ابن ماشطة بنت فرعون، وشاهد يوسف، وصاحب جريج، وعيسى ابن مريم » وقوله :﴿ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ ﴾ أي لما تحقق زوجها صدق يوسف وكذبها فيما قذفته ورمته به ﴿ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ﴾ أي إن هذا البهت واللطخ الذي لطخت عرض هذا الشاب به من جملة كيدكن ﴿ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ ﴾، ثم قال آمرا ليوسف عليه السلام بكتمان ما وقع :﴿ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا ﴾ أي اضرب عن هذا صفحاً أي فلا تذكره لأحد، ﴿ واستغفري لِذَنبِكِ ﴾ يقول لامرأته وقد كان لين العريكة سهلاً أو أنه عذرها لأنها رأت ما لا صبر لها عنه فقال لها : استغفري لذنبك أي الذي وقع منك من إرادة السوء بهذا الشاب ثم قذفه بما هو بريء منه ﴿ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الخاطئين ﴾.

صفحة رقم 1223
تيسير العلي القدير لاختصار تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد نسيب بن عبد الرزاق بن محيي الدين الرفاعي الحلبي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية