آيات من القرآن الكريم

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
ﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ

لأنه يجوز أن يعلمه من أطلعه الله عليه من نبي أو ولي، والأولى أن يقال: ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن قدر الله غالب، وأن مشيئته نافذة في المرادات.
٢٢ - قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ قال أبو عبيدة (١): [العرب تقول: بلغ فلانٌ أشُدَّه] (٢) إذا انتهى منتهاه في شبا (٣) وقوته، قبل أن يأخذ في النقصان، ليس له واحد من لفظه، يستغنون بها في الواحد والجميع، قالوا: بلغ أشده وبلغوا أشدهم، وقال يونس (٤): واحدها شُد، مثل قولهم: فلان ودي، والجميع أودي، وأنشد للنابغة (٥):

إني كأني لَدَى النُّعْمَان حَدّثَه بَعْضُ الأوُدِّ حَدِيثاً غَيْرَ مَكْذُوبِ
وقد ذكرنا الكلام في الأشد مستقصى في سورة الأنعام عند قوله: ﴿حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ﴾ (٦).
وأما التفسير: فروى ابن جريج، عن مجاهد، عن ابن عباس (٧): ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ قال: ثلاثًا وثلاثين سنة.
(١) "مجاز القرآن" ١/ ٣٠٥.
(٢) ما بين المعقوفين ساقط من (أ)، (ج).
(٣) في (ب): (شأنه) قلت لعلها شبابه، وهو كذلك في "مجاز القرآن" ١/ ٣٠٥.
(٤) "تهذيب اللغة" (شُد) ٢/ ١٨٤٣ عن الفراء.
(٥) "ديوانه" ص ٣٥، و"اللسان" (ودد) ٨/ ٤٧٩٤، و"تهذيب اللغة" ٤/ ٣٨٥٨، و"جمهرة اللغة" (١١٥)، و"تاج العروس" (ودد) ٥/ ٣٠٦، وروى بلفظ (خبره).
(٦) الأنعام (١٥٢) وقد نقل هناك عن جماعة من أهل اللغة في بيان معنى الأشد، خلاصة ما ذكروه أنه بمعنى القوة والجلادة، ومبلغ الرجل الحنكة والمعرفة.
(٧) الطبري ١٢/ ١٧٧ قال: بضعًا وثلاثين. وقد أخرجه سعيد بن منصور وابن أبي حاتم ٧/ ٢١١٨ أ، وابن الأنباري في كتاب: "الأضداد" والطبراني في "الأوسط" وابن مردويه كما في "الدر" ٤/ ٢٠، والرازي ١٨/ ١١٠، و"زاد المسير" ٤/ ٢٠٠.

صفحة رقم 63

وروى عثمان بن خثيم عن مجاهد عن ابن عباس (١) ثلاثين سنة، ومجاهد (٢) يقول في رواية ابن أبي نجيح: ثلاثًا وثلاثين سنة، وقال في رواية عطاء. يريد الحلم (٣).
وقال الضحاك (٤): عشرين سنة، وقال مقاتل (٥): ثمان عشرة سنة، وقال الزجاج (٦): الأشد من نحو سبعة عشر (٧) سنة إلى نحو الأربعين.
وقوله تعالى: ﴿آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ وقال في قصة موسى ﴿وَاسْتَوَى﴾ [القصص: ١٤] قالوا في معناه: بلغ الأربعين، ولم يقل هاهنا استوى؛ لأن موسى بلغ أربعين سنة حين أوحى إليه وهو منتهى الأشد، فأما يوسف فقد أوحى إليه قبل الأربعين، وأما تفسير قوله: ﴿حُكْمًا وَعِلْمًا﴾ فقال عطاء عن ابن عباس (٨): يريد عقلاً وفهمًا.
وقال الكلبي (٩): والحكم النبوة، والعلم علم الدين، وعلى هذا القول يجب أن يحمل الأشد هاهنا على دون العشرين؛ لأن العلماء على أن

(١) هذه الرواية ذكرها الطبري بلفظ بضعًا وثلاثين سنة ١٢/ ١٧٧.
(٢) الطبري ١٢/ ١٧٧، "زاد المسير" ٤/ ٢٠٠، الثعلبي ٧/ ٧٠ ب، البغوي ٤/ ٢٢٦ ابن أبي حاتم ٧/ ٢١١٨.
(٣) "زاد المسير" ٤/ ٢٠٠ ونسبه إلى الشعبي وربيعة وزيد بن أسلم وابنه، وكذا ابن أبي حاتم ٧/ ٢١١٩ عنهم.
(٤) الطبري ١٢/ ١٧٧، الثعلبي ٧/ ٧٠ ب، "زاد المسير" ٤/ ٢٠٠، البغوي ٤/ ٢٢٦.
(٥) "تفسير مقاتل" ١٥٢ب، وأخرجه ابن أبي حاتم ٧/ ٢١١٩ عن سعيد بن جبير.
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٩٩.
(٧) كذا في النسخ والصواب: سبع عشرة.
(٨) أخرجه الطبري وابن أبي حاتم ٧/ ٢١١٩ عن مجاهد بنحوه انظر: "الدر" ٤/ ٢٠، الثعلبي ٧/ ٧٠ ب.
(٩) القرطبي ٩/ ١٦٢، و"زاد المسير" ٤/ ٢٠٠.

صفحة رقم 64
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية