آيات من القرآن الكريم

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ
ﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪ ﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁ ﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚ

هر آنكه كنج قناعت بكنج دنيا داد فروخت يوسف مصرى بكمترين ثمنى
[كويند كه نافع مولاى عبد الله بن عمر كه استاد امام شافعى بود آنگاه كه مرد كفت اين چايكه را بكنيد بكنيدند بيست وده هزار درم در سبوى پديد آمد كفت آنگاه كه از جنازه من باز امده باشيد اين بدرويش دهيد او را كفتند يا شيخ چون تو كسى درم نهد كفت بحق اين وقت شك زكاة وى بر كردن من نيست وهركز عيالان خود را بسختى نداشتم لكن هر كاه كه مرا آرزويى بودى آنچهـ بدان آرزو بايستى دادن درين سؤال افكندمى تا اگر مرا روز سختى پيش آيد بدر سفله نبايد رفتن] ففى هذه الحكاية ما يدل على المجاهدة النفسية والطبعية. اما الاولى فلانه ما كتم المال وادخره لاجل الكنز بل لاجل البذل. واما الثانية فلانه منع عن طبيعته مقتضاها وشهواتها والحواس والقوى لا تعرف قدر القلب وتبيعه بأدنى حظ نفس فان لانها مستعدة للاحتظاظ بالتمتعات الدنيوية الفانية والقلب مستعد للاحتظاظ بالتمتعات الاخروية الباقية بل هو مستعد للاحتظاظ بالشواهد الربانية وانه إذا سقى بشراب طهور تجلى الجمال والجلال يهريق سؤره على ارض النفس والقوى والحواس فيحتظون به فانه للارض من كأس الكرام نصيب وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ وهو العزيز الذي كان على خزائن مصر وصاحب جنود الملك واسمه قطفير وكان يقال له العزيز قال فى القاموس العزيز الملك لغلبته على اهل مملكته ولقب من ملك مصر مع الاسكندرية انتهى وبيان كونه من مصر للاشعار بكونه غير من اشتراه من الملتقطين مما ذكر من الثمن البخس كما فى الإرشاد وقال الكاشفى [وكفت آنكس كه خريد يوسف را از اهل مصر] يعنى عزيز انتهى وكان الملك يومئذ الريان بن الوليد من العماليق مات فى حياة يوسف بعد ان آمن به وملك بعده قابوس بن مصعب فدعاه الى الإسلام فابى قال فى القاموس قابوس ممنوع للعجمة والمعرفة معرب كاووس انتهى وهذا غير قابوس الذي قيل فى خطه هذا خط قابوس أم جناح طاووس فانه كان ملكا عظيما مات فى ثلاث واربعمائة كما فى الروضة. وكان فرعون موسى من أولاد فرعون يوسف فقوله تعالى وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ من قبيل خطاب الأولاد بأحوال الآباء قال الكاشفى [چون خبر كاروان مدين بمصر آمد وكماشتكان عزيز بسر راه كاروان آمده يوسف را ديدند از لمعه جمال او شيفته وحيران باز كشته خبر بعزيز مصر بردند واو عاشق يوسف بود از كوش] والاذن تعشق قبل العين أحيانا فالتمسوا من مالكه عرض يوسف للبيع فزينه وأخرجه الى السوق فلما رآه اهل مصر افتتنوا به
آراسته آن يار نبا زار بر آمد فرياد وفغان از در وديوار بر آمد
وعرض فى بيع من يزيد ثلاثة ايام فزاد الناس بعضهم على بعض حتى بلغ ثمنه شيأ لا يقدر عليه أحد
خريداران ديكر لب به بستند پس زانوى خاموشى نشستند
فاشتراه عزيز مصر بوزنه مرة مسكا ومرة لؤلؤا ومرة ذهبا ومرة فضة ومرة حريرا وكان وزنه اربعمائة رطل- وحكى- ان عجوزا أحضرت شيأ من الغزل وأرادت ان تشترى به يوسف والى هذا يشير المولى الجامى بقوله

صفحة رقم 230

بي سر عرفان متن تار فكرت خريدار يوسف مشو زين كلابه
وفيه اشارة الى انه ينبغى لكل أحد بذل ما فى ملكه مما قدر عليه فى طريق المطلوب فانه من علامات العاشق
هر كسى از همت والاى خويش سود برد در خور كالاى خويش
وكان سن يوسف إذ ذاك سبع عشرة سنة واقام فى منزل العزيز مع ما مر عليه من مدة لبثه فى السجن ثلاث عشرة سنة واستوزره الريان وهو ابن ثلاثين وآتاه الله العلم والحكمة وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة ونوفى وهو ابن مائة وعشرين سنة وهو أول من عمل القراطيس لِامْرَأَتِهِ اللام متعلقة بقال لا باشترى اى قال لامرأته راعيل بنت رعاييل او بنت هيكاهرو ان كما فى التبيان ولقبها زليخا بضم الزاى المعجمة وفتح اللام كما فى عين المعاني والمشهور فى الالسنة فتح الزاى وكسر اللام أَكْرِمِي مَثْواهُ اجعلي محل إقامته كريما حسنا مرضيا والمعنى أحسني تعهده فى المطعم والمشرب وغيرهما فهو كناية عن إكرام نفسه واحسان تعهده كما يقال المقام العالي ويكنى به عن
السلطان قال الامام الغزالي رحمه الله يكنى عن الشريف بالجناب والحضرة والمجلس فيقال السلام على حضرته المباركة ومجلسه الشريف والمراد به السلام عليه لكن يكنى عنه بما يتعلق به نوع التعلق إجلالا انتهى عَسى أَنْ يَنْفَعَنا فيما نحتاج اليه ويكفينا بعض المهمات. وبالفارسية [شايد آنكه سود رساند ما را در كار ضياع وعقار وسر انجام مصالح روز كار ما] أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً اى نتبناه ونقيمه مقام الولد وأنه لم يكن لها ولد وقد تفرس فيه الرشد فقال ذلك ولذلك قيل افرس الناس ثلاثة عزيز مصر وابنة شعيب التي قالت يا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ وابو بكر حين استخلف عمر رضى الله عنه ان تفرس فى عمرو ولاه من بعده وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ اى جعلنا له فيها مكانا والمراد ارض مصر وهى أربعون فرسخا فى أربعين فرسخا وذلك اشارة الى مصدر الفعل المؤخر على ان يكون عبارة عن التمكين فى قلب العزيز او فى منزله وكون ذلك تمكينا فى الأرض بملابسة انه عزيز فيها لا عن تمكين آخر يشبه به فالكاف مقحم للدلالة على فخامة شأن المشار اليه اقحاما لا يترك فى لغة العرب ولا فى غيرها ومن ذلك قولهم مثلك لا يبخل اى مثل ذلك التمكين البديع مكنا ليوسف فى الأرض وجعلناه محبا فى قلب العزيز ومكر ما فى منزله ليترتب عليه ما ترتب بما جرى بينه وبين امرأة العزيز وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ اى نوفقه لتعبير بعض المنامات التي عمدتها رؤيا الملك وصاحبى السجن لقوله تعالى ذلِكُما مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي فيؤدى ذلك الى الرياسة العظمى وفى تفسير ابى الليث من تأويل الأحاديث يعنى تعبير الرؤيا وغير ذلك من العلوم وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ الهاء راجعة الى الله اى على امر نفسه لا يرده شىء ولا ينازعه أحد فيما شاء ويحكم فى امر يوسف وغيره بل انما امره إذا أراد شيأ ان يقول له كن فيكون وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ان الأمر كذلك فيأتون ويذرون زعما منهم ان لهم من الأمر شيأ وانى لهم ذلك

صفحة رقم 231

وجاء فى بعض الآثار ان الله تعالى يقول (ابن آدم تريد وأريد ولا يكون الا ما أريد فان سلمت لى فيما أريد أعطيتك ما تريد) وان نازعتنى فيما أريد اتبعتك فيما تريد ثم لا يكون الا ما أريد) فالادب مع الله تعالى ان يستسلم العبد لما أظهره الله تعالى فى الوقت ولا يريد احداث غيره وفى التأويلات النجمية لما أخرجوه من جب الطبيعة ذهبوا به الى مصر الشريعة وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ وهو عزيز مصر الشريعة اى الدليل والمربى على جادة الطريقة ليوصله الى عالم الحقيقة لِامْرَأَتِهِ وهى الدنيا أَكْرِمِي مَثْواهُ اخدمي له فى منزل الجسد بقدر حاجته الماسة عَسى أَنْ يَنْفَعَنا حين يكون صاحب الشريعة وملكا من ملوك الدنيا يتصرف فينا باكسير النبوة فتصير الشريعة حقيقة والدنيا آخرة أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً نربيه بلبان ثديى الشريعة والطريقة والفطام عن الدنيا الدنية وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يشير الى ان تمكين يوسف القلب فى ارض البشرية انما هو ليعلم علم تأويل الرؤيا وهو علم النبوة كما قال وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فكما ان الثمرة على الشجرة انما تظهر إذا كان اصل الشجرة راسخا فى الأرض فكذلك على شجرة القلب انما تظهر ثمرات العلوم الدينية والمشهادة الربانية إذا كان قدم القلب ثابتا فى طينة الانسانية وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ بمعنيين أحدهما. ان يكون الله غالبا على امر القلب اى يكون الغالب على امره ومحبة الله وطلبه والثاني ان يكون الغالب على امر القلب جذبات العناية لتقيمه على صراط مستقيم الفناء منه والبقاء بالله فيكون تصرفاته بالله ولله وفى الله لانه باق بهويته فانى عن انانية نفسه وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ انهم خلقوا مستعدين لقبول هذه الكمالية يصرفون استعدادهم فيما يورثهم النقصان والخسران انتهى ما فى التأويلات ثم ان الله تعالى مدح العلم فى هذه الآية وذم الجهل. اما الاول فلان الله تعالى ذكر العلم فى مقام الامتنان حيث قال وَلِنُعَلِّمَهُ واما الثاني فلانه قال وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ وعلم منه ان أقلهم يعلمون. والعلم علمان علم الشريعة وعلم الحقيقة ولكل منهما فضل فى مقامه وفى الخبر قيل يا رسول الله أي الأعمال أفضل فقال (العلم بالله) قيل أي الأعمال يزيد مرتبة قال (العلم بالله) فقيل نسأل عن العمل تجيب عن العلم فقال (ان قليل العمل ينفع مع العلم وان كثير العمل لا ينفع مع الجهل) والعلم بالله لا يتيسر الا بتصفية الباطن وتجلية مرآة القلب وكان مطمح نظر الأكابر فى إصلاح القلوب والسرائر دون القوالب والظواهر لان الظواهر مظهر نظر الخلق والبواطن مظهر نظر الحق وإصلاح ما يتعلق بالحق اولى من إصلاح ما يتعلق بالخلق

بود هر كسى را دكركونه راى نباشد مكر آنچهـ خواهد خداى
كعبه بنياد خليل آز رست دل نظر كاه جليل اكبرست
نسأل الله التوفيق وَلَمَّا بَلَغَ يوسف أَشُدَّهُ قال فى القاموس اى قوته وهو ما بين ثمانى عشرة سنة الى ثلاثين. واحد جاء على بناء الجمع كأنك ولا نظير لهما او جمع لا واحد له من لفظه وقال اهل التفسير اى منتهى اشتداد جسمه وقوته واستحكام عقله وتمييزه وهو سن الوقوف ما بين الثلاثين الى الأربعين والعقلاء ضبطوا مراتب أعمار الناس فى اربع. الاولى سن النشو والنماء ونهايته الى ثلاثين سنة. والثانية سن الوقوف وهو سن الشباب ونهايته الى ان

صفحة رقم 232

تتم أربعون سنة من عمره. والثالثة سن الكهولة وهو سن الانحطاط اليسير الخفي وتمامه الى ستين سنة. والرابعة سن الشيخوخة وهو سن الانحطاط العظيم الظاهر وتمامه عند الأطباء الى مائة وعشرين سنة. والأشد غاية الوصول الى الفطرة الاولى بالتجرد عن غواشى الخلقة التي يسميها الصوفية بمقام الفتوة قال فى التعريفات الفتوة فى اللغة السخاء والكرم وفى اصطلاح اهل الحقيقة هى ان تؤثر الخلق على نفسك بالدنيا والآخرة آتَيْناهُ حُكْماً كمالا فى العلم والعمل استعد به الحكم بين الناس بالحق ورياستهم قال القشيري من جملة الحكم الذي آتاه الله نفوذ حكمه على نفسه حتى غلب شهوته فامتنع عما راودته زليخا عن نفسه ومن لا حكم له على نفسه لم ينفذ حكمه على غيره قال الامام نقلا عن الحسن كان نبيا من الوقت الذي ألقى فيه فى غيابة الجب لقوله تعالى وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ ولذا لم يقل هاهنا ولما بلغ أشده
واستوى كما قال فى قصة موسى لان موسى اوحى اليه عند منتهى الأشد والاستواء وهو أربعون سنة واوحى الى يوسف عند اوله وهو ثمان عشرة سنة وَعِلْماً قالوا المراد من الحكم الحكمة العملية ومن العلم الحكمة النظرية وذلك لان اصحاب الرياضات والمجاهدات يصلون اولا الى الحكمة العملية ثم يترقون منها الى الحكمة النظرية. واما اصحاب الافكار والانظار العقلية فانهم يصلون اولا الى الحكمة النظرية ثم ينزلون منها الى الحكمة العملية وطريقة يوسف عليه السلام هى الاول لانه صبر على المكاره والبلاء والمحن ففتح الله له أبواب المكاشفات: قال الحافظ

مكن ز غصه شكايت كه در طريق طلب براحتى نرسيد آنكه زحمتى نكشيد
: وقال
چهـ جورها كه كشيدند بلبلان از دى ببوى آنكه دكر نو بهار باز آمد
والحاصل ان طريقة يوسف طريقة السالك المجذوب لا طريقة المجذوب السالك والاولى هى سنة الله الغالبة فى أنبيائه وأوليائه ففى قوله حُكْماً وَعِلْماً اشارة الى استكمال النفس فى قوتها العملية والنظرية وعن الحسن من احسن عبادة ربه فى شبيبته آتاه الله الحكمة فى اكتهاله وفيه اشارة الى ان المطيع تفتح له ينابيع الحكمة وتنبيه على ان العطية الالهية تصل الى العبد وان طال العهد إذا جاء أوانها فلطالب الحق ان ينتظر احسان الله تعالى ولا ييأس منه وفى الحديث (أفضل اعمال أمتي انتظارهم فرج الله) قال النصر لما عقل يوسف عن الله او امره ونواهيه واستقام معه على شروط الأدب أعطاه حكما على الغيب فى تعبير الرؤيا وعلما بنفسه فى مخالفة هواها قال بعض الأكابر الكمال العلمي أفضل من الكمال العملي والتقصير من جهة العلم أشد من التقصير من جهة العمل فان حسن العقيدة وصفاء القريحة بسبب العلم والكمال ولشرفه امر الله تعالى سيد الأنبياء صلوات الله عليه وعليهم وسلامه بطلب الزيادة منه فقال وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً وقد ذكر اهل الاشارة ان آدم عليه السلام وصل الى رياسة سجود الملائكة بعلم الأسماء وسليمان الى الملك العظيم بالفهم وعلم منطق الطير ويوسف الى النجاة والشرف والعز بعلم التعبير فالعالم بعلم التوحيد كيف لا ينجو من الجحيم وينال شرف لقاء الله تعالى فى دار النعيم وَكَذلِكَ اى مثل الجزاء العجيب الذي

صفحة رقم 233
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية