
(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨)
أمر اللَّه تعالى نبيه بأن يبلغهم أمره فقال: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي) الإشارة هنا إلى ما يدعوهم إليه من التوحيد في العبادة، وألا يشركوا باللَّه شيئا، وأن يؤمنوا بالبعث والنشور، وأنهم يموتون كما ينامون، ويحيون كما يصحون، ومن ذلك تكون الجنة أبدا أو النار أبدا، فهذه الدعوة " هى سبيلي " التي أسلكها، لَا أحيد، وماضٍ فيها، وأدعو إليها، أنا مستمر في الدعوة إلى أن يقبضنى الله تعالى (وَمَنِ اتًبَعَنِي) يحملون عبء التكليف بهذه الدعوة والسير في سبيلها غير وانين ولا مقصرين.
وهذا يدل على أن الدعوة إلى اللَّه فرض على المؤمنين كل يقوم بواجبه فيها، الدولة الإسلامية تهيئ دعاة إلى الحق، ويختلف الوجوب علوا ودرجات باختلاف الجماعات والآحاد من حيث العلم والثقافة والقدرة على القيام بحق الدعوة، وقوله تعالى: (عَلَى بَصِيرَةٍ)، أي على علم بالحق وحجته ودليله، وهذا يدل على وجوب علم الداعي، وأن يكون له بصيرة نافذة يدرك الحق ويعلم نفوس الناس، وما يجب اتباعه لدعوتها.

ويقول: (وَسُبْحَانَ اللَّهِ) أنزهه عن الشريك، وأسبِّح له خاضعا خاشعا، أرجو رحمته وأخاف عذابه، وكل من في الوجود يسبح له: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ...)، وقوله تعالى: (سُبْحَانَ اللَّهِ) تنزيه مطلق، وخضوع للَّه تعالى من الرسول، ومن الوجود كله، ثم أيأسهم من أن يكون مثلهم فأمره بأن يقول:
(وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) إن استمررتم على شرككم فأنا بريء منكم، وإن هذه السبيل هي سبيل النبيين أجمعين بعثوا بها في أقوامهم، ودعوهم إليها، وإن النصر من اللَّه لهم: لأنهم أصحاب دعوة الحق، ولذا قال تعالى: