آيات من القرآن الكريم

قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯ ﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ

لإسلامهم، فخالفوا ظنّه، فحزن رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فعزَّاه الله تعالى بهذه الآية «١». قال الزجاج: ومعناها:
وما أكثر الناس بمؤمنين ولو حرصت على أن تهديهم. وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ أي: على القرآن وتلاوته وهدايتك إِياهم مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ أي: ما هو إِلا تذكرة لهم لما فيه صلاحهم ونجاتهم.
[سورة يوسف (١٢) : آية ١٠٥]
وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ (١٠٥)
قوله تعالى: وَكَأَيِّنْ أي: وكم مِنْ آيَةٍ أي: علامة ودلالة تدلهم على توحيد الله، من أمر السّماوات والأرض، يَمُرُّونَ عَلَيْها أي: يتجاوزونها غير مفكّرين ولا معتبرين.
[سورة يوسف (١٢) : آية ١٠٦]
وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)
قوله تعالى: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ فيهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم المشركون، ثم في معناها المتعلق بهم قولان: أحدهما: أنهم يؤمنون بأن الله خالقهم ورازقهم وهم يشركون به، رواه أبو صالح عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، وعكرمة، والشعبي، وقتادة. والثاني:
أنها نزلت في تلبية مشركي العرب، كانوا يقولون: لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك، إِلا شريكاً هو لكْ، تملكه وما ملك، رواه الضحاك عن ابن عباس. والثاني: أنهم النصارى، يؤمنون بأنه خالقهم ورازقهم، ومع ذلك يشركون به، رواه العوفي عن ابن عباس. والثالث: أنهم المنافقون، يؤمنون في الظاهر رئاء للناس، وهم في الباطن مشركون، قاله الحسن.
فان قيل: كيف وصف المشرك بالإِيمان؟ فالجواب: أنه ليس المراد به حقيقة الإِيمان، وإِنما المعنى: أن أكثرهم، مع إِظهارهم الإيمان بألسنتهم، مشركون.
[سورة يوسف (١٢) : آية ١٠٧]
أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٠٧)
قوله تعالى: أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ قال ابن قتيبة: الغاشية: المجلِّلة تغشاهم.
وقال الزجاج: المعنى: يأتيهم ما يغمرهم من العذاب. والبغتة: الفجأة من حيث لم تتوقّع.
[سورة يوسف (١٢) : آية ١٠٨]
قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨)
قوله تعالى: قُلْ هذِهِ سَبِيلِي المعنى: قل يا محمد للمشركين: هذه الدعوة التي أدعو إِليها، والطريقة التي أنا عليها، سبيلي، أي: سُنَّتي ومنهاجي. والسبيل تذكَّر وتؤنَّث، وقد ذكرنا ذلك في (آل عمران) «٢». أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أي: على يقين. قال ابن الأنباري: وكل مسلم لا يخلو من الدعاء إلى الله عزّ وجلّ، لأنه إِذا تلا القرآن، فقد دعا إِلى الله بما فيه. ويجوز أن يتم الكلام عند قوله:
إِلَى اللَّهِ ثم ابتدأ فقال: عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي «٣».

(١) مساءلة اليهود للنبي عليه الصلاة والسلام عن قصة يوسف هو خبر موضوع. انظر «تفسير الشوكاني» ٣/ ٥.
(٢) في آل عمران: ١٩٥.
(٣) قال الشوكاني ٣/ ٧١: وفي هذا دليل على أن كل متّبع لرسول الله ﷺ حقّ عليه أن يقتدي به في الدعاء إلى الله، أي الدعاء إلى الإيمان به وتوحيده والعمل بما شرعه لعباده. وكذلك قال ابن كثير ٢/ ٦١٠.

صفحة رقم 476
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية