
قوله: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَآءِ الغيب﴾ إلى قوله ﴿وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ﴾
معنى الآية: أن الله ( تعالى) يقول لنبيه عليه السلام (إن) الذي اقتصصنا عليك من خبر يوسف، ويعقوب من أخبار الغيب الذي لم تشاهدها، ولا عاينتها يا محمد.
ثم قال: ﴿وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ﴾: أي عند إخوة يوسف ﴿إِذْ أجمعوا أَمْرَهُمْ﴾ على إلقاء يوسف في الجب. وهو مكرهم بيوسف.
ثم قال (تعالى) ﴿وَمَآ أَكْثَرُ الناس﴾ يعني: مشركي قريش بمؤمنين، ولو حرصت على إيمانهم، ولكن الله ( تعالى) يهدي من يشاء.
(ثم قال تعالى): ﴿وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ﴾: أي: لست تسأل قريشاً يا محمدا أجراً) على دعائك إياهم إلى الإيمان. فيقولون لك: إنما تريد بدعائك

إيانا إلى الإيمان أخذ أموالنا، وإذا كان حالك أنك لا تريد منهم جزاء، فالواجب عليهم أن يعلموا أن دعاءك لهم نصيحة منك لهم، وأتباعاً لأمر ربك.
﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ﴾: أي: ما الذي أرسلك به ربك إلا عظة للعالمين.
ثم قال (تعالى): ﴿وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السماوات والأرض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا﴾: المعنى وكم يا محمد من علامة، ودلالة، وعبرة، وحجة في السماوات والأرض: كالشمس، والقمر، والنجوم، والجبال (والبحار) والنبات، وغير ذلك من آيتهما يُعاينونها، فيمرون عليها، وهم معرضون، لا يعتبرون بها، ولا يتفكرون بها. وفيما دلّت عليه من توحيد خالقها عز وجهه.

وقرأ السدي: ﴿والأرض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا﴾ (بالنصب).
(و) الوقف على هذه القراءة، على [السماوات] تمام.
[و] النصب على إضمار فعل بمنزلة: " زيد أنزلت عليه "، كأنه قال:
ويغشون (الأرض) يمرون عليها، أو " ويلامسون الأرض " يمرون عليها، وشبه ذلك من الإضمار. وهو مثل ﴿والظالمين أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾ [الإنسان: ٣١].
وذكر الأخفش رفع " الأرض " على الابتداء، ويكون على / " السماوات " حسناً أيضاً على هذا.
وقد تقدم القول في ﴿وَكَأَيِّن﴾ [آل عمران: ١٤٦] من آل عمران.