
صورت در بلعام پوشانيدند كفتند (فمثله كمثل الكلب) ومرقع بلعام دران سك پوشيدند كفتند ثلاثة رابعهم كلبهم قوله من مسد بالوقف يعنى يوقف عليه ثم يجاء بالتكبير لما مر تمت سورة المسد فى عاشر جمادى الاولى من سنة سبع عشرة ومائة وألف
تفسير سورة الإخلاص
اربع أو خمس آيات مكية او مدنية بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ الضمير للشأن كقولك هو زيد منطلق وارتفاعه بالابتداء وخبره الجملة ولا حاجة الى العائد لانها عين الشان الذي عبر عنه بالضمير اى الله أحد هو الشأن هذا او هو أن الله أحد والسر فى تصدير الجملة به التنبيه من أول الأمر على فخامة مضمونها مع ان فى الإبهام ثم التفسير مزيد تقرير او الضمير لما سئل عنه اى الذي سألتم عنه هو الله إذ روى ان المشركين قالوا للنبى عليه السلام صف لنا ربك الذي تدعونا اليه وانسبه اى بين نسبه واذكره فنزلت يعنى بين الله نسبه بتنزيهه عن النسب حيث نفى عنه الوالدية والمولودية والكفاءة فالضمير حينئذ مبتدأ ولله خبره واحد بدل منه وابدال النكرة المحضة من المعرفة يجوز عند حصول الفائدة على ما ذهب اليه ابو على وهو المختار والله علم دال على الإله الحق دلالة جامعة لمعانى الأسماء الحسنى كلها وقال القاشاني هو عندنا اسم الذات الالهية من حيث هى هى اى المطلقة الصادق عليها مع جميعها او بعضها او لا مع واحد منها كقوله تعالى قل هو الله أحد انتهى وعبد الله هو العبد الذي تحلى بجميع أسمائه فلا يكون فى عباده ارفع مقاما وأعلى شأنا منه لتحققه بالاسم الأعظم واتصافه بجميع صفاته ولهذا خص نبينا عليه السلام بهذا الاسم فى قوله وانه لما قام عبد الله يدعوه فلم يكن هذا الاسم بالحقيقة إلا له وللاقطاب من ورثته بتبعيته وان اطلق على غيره مجازا لاتصاف كل اسم من أسمائه بجميعها بحكم الواحدية واحدية جميع الأسماء والأحد اسم لمن لا يشاركه شىء فى ذاته كما ان الواحد اسم لمن لا يشاركه شىء فى صفاته يعنى ان الأحد هو الذات وحدها بلا اعتبار كثرة فيها فأثبت له الاحدية التي هى الغنى عن كل ما عداه وذلك من حيث عينه وذاته من غير اعتبار امر آخر والواحد هو الذات مع اعتبار كثرة الصفات وهى الحضرة الاسمائية ولذا قال تعالى ان إلهكم لواحد ولم يقل لأحد لان الواحدية من اسماء التقييد فبينها وبين الخلق ارتباط اى من حيث الالهة والمألوهية بخلاف الاحدية إذ لا يصح ارتباطها بشئ فقولهم العلم الإلهي هو العلم بالحق من حيث الارتباط بينه وبين الخلق وانتشاء العالم منه بقدر الطاقة البشرية إذ منه ما لا تفيه الطاقة البشرية وهو ما وقع به الكمل فى ورطة الحيرة وأقروا بالعجز عن حق المعرفة ومنه يعلم ان توحيد الذات مختص فى الحقيقة بالله تعالى وعبد الأحد هو وحيد الوقت صاحب الزمان الذي له القطبية الكبرى والقيام بالاحدية الاولى وعبد الواحد هو الذي بلغه الله الحضرة الواحدية وكشف له عن احدية جميع أسمائه فيدرك ما يدرك ويفعل ما يفعل بأسمائه ويشاهد وجوه أسمائه الحسنى قال

ابن الشيخ فى حواشيه قوله هو الله أحد ثلاثة ألفاظ كل واحد منها اشارة الى مقام من مقامات السائرين الى الله تعالى فالمقام الاول مقام المقربين وهم الذين نظروا الى ماهيات الأشياء وحقائقها من حيث هى هى فلا جرم ما رأوا موجودا سوى الله لان الحق هو الذي لذاته يجب وجوده واما ما عداه فممكن والممكن إذا نظر اليه من حيث هو هو كان معدوما فهؤلاء لم يروا موجودا سوى الحق تعالى وكلمة هو وان كانت للاشارة المطلقة مفتقرة فى تعين المراد بها الى سبق الذكر بأحد الوجوه او الى ان يعقبها ما يفسرها الا انهم يشيرون بها الى الحق ولا يفتقرون فى تلك الاشارة الا ما يميز المراد بها من غيره لان الافتقار الى المميز انما يحصل حيث وقع الإبهام بأن يتعدد ما يصلح لان يشار اليه وقد بينا انهم لا يشاهدون بعيون عقولهم الا الواحد فقط فلهذا السبب كانت لفظة هو كافية فى حصول العرفان التام لهؤلاء والمقام الثاني مقام اصحاب اليمين وهو دون المقام الاول وذلك لانهم شاهدوا الحق موجودا وشاهدوا الخلق ايضا موجودا فحصلت الكثرة فى الموجودات فلا جرم لم تكن لفظة هو كافية فى الاشارة الى الحق بل لا بد هناك من مميز به يتميز الحق من الخلق فهؤلاء مفتقرون الى ان يقرن لفظة الله بلفظة هو فقيل لاجلهم هو الله لان لفظة الله اسم للموجود الذي يفتقر اليه ما عداه ويستغنى هو عن كل ما عداه فتتميز به الذات المرادة عما عداه والمقام الثالث مقام اصحاب الشمال وهو أخس المقامات وهم الذين يجوزون ان يكون واجب الوجود اكثر من واحد فقرن لفظة الأحد بما تقدم ردا على هؤلاء وابطالا لمقالهم فقيل قل هو الله أحد انتهى كلامه ومنه يعلم صحة ما اعتاده الصوفية من الذكر بالاسم هو وذلك لان اهل البداية منهم وهم المحجوبون تابعون لاهل النهاية منهم وهم المكاشفون فكأنهم كلهم ما شاهدوا فى الوجود الا الله فالله عندهم بهويته المطلقة السارية متعين لا حاجة الى التعيين أصلا فضمير هو راجع اليه لا الى غيره كما ان الضمير فى أنزلناه راجع الى القرآن لتعينه وحضوره فى الذهن فقول الطاعن انه ضمير ليس له مرجع متعين فكيف يكون ذكر الله تعالى مردود على ان الضمائر اسماء وكل الأسماء ذكر لا فرق بينها بالمظهرية والمضمرية فعلى هذا يجوز ان يدخل اللام فى كلمة هو فى اصطلاح الصوفية لانها اشارة الى الهوية ولا مناقشة فى الاصطلاح ثم قوله قل امر من عين الجمع وارد على مظهر التفصيل وفى اشارة الى سر قوله تعالى شهد الله انه لا اله الا هو والملائكة وأولوا العلم فكأنه يقول انا شهدت بوحدة الهوية فى مقام الجمع فاشهد أنت ايضا بتلك الوحدة فى مقام الفرق ليظهر سر الاحدية واللاحدية ويحصل التطابق بينهما جمعا وتفصيلا هكذا لاح بالبال والله اعلم بحقيقة الحال وقرئ هو الله بلا قل وكذا فى المعوذتين لانه توحيد والأخريان تعوذ فيناسب ان يدعو بهما وان يؤمر بتبليغهما وقد سبق فى سورة الأعلى ما يغنى عن تكراره هاهنا وقال بعضهم انما اثبت فى المصحف قل والتزم فى التلاوة مع انه ليس من دأب المأمور بقل ان يتلفظ فى مقام الائتمار الا بالمقول لان المأمور ليس المخاطب به فقط بل كل واحد ابتلى بما ابتلى به المأمور فاثبت ليبقى على مر الدهور منا على العباد اللَّهُ الصَّمَدُ
صفحة رقم 537
مبتدأ وخبر فعل بمعنى مفعول كقبض بمعنى مقبوض من صمد اليه من باب نصر إذا قصده اى هو السيد المصمود اليه فى الحوائج المستغنى بذاته وكل ما عداه محتاج اليه فى جميع جهاته فلا صمد فى الوجود سوى الله فهو مثل زيد الأمير يفيد قصر الجنس على زيد فاذا كان هو الصمد فمن انتفت الصمدية عنه لا يستحق الالوهية وتعريفه لعلمهم بصمديته بخلاف أحديته وتكرير الاسم الجليل للاشعار بان من يتصف به فهو بمعزل عن استحقاق الالوهية كما أشير اليه آنفا وتعرية الجملة عن العاطف لانها كالنتيجة للاولى وبين اولا ألوهيته المستتبعة لكافة نعوت الكمال ثم أحديته الموجبة لتنزهه عن شائبة التعدد والتركب بوجه من الوجوه وتوهم المشاركة فى الحقيقة وخواصها ثم صمديته المقتضية لاستغنائه الذاتي عما سواه وافتقار جميع المخلوقات اليه فى وجودها وبقائها وسائر أحوالها تحقيقا للحق وإرشادا لهم الى سننه الواضح فاثبات الصمدية له سبحانه انما هو باعتبار
استنادنا اليه فى الوجود والكمالات التابعة للوجود باعتبار احدية ذاته فهو غنى عن هذه الصفة والحاصل ان الصمدية تقتضى اعتبار كثرة الأسماء والصفات فى الله دون الاحدية وعبد الصمد هو مظهر الصمدية الذي يصمد اليه اى يقصد لدفع البليات وإيصال امداد الخيرات ويستشفع به الى الله ادفع العذاب وإعطاء الثواب وهو محل نظر الله الى العالم فى ربوبيته له. يقول الفقير جرى على لسان الباطن بلا اختيار منى وذلك بعد الاشراق ان أقول ازلى أبدى احدى صمدى اى أنت يا رب ازلى احدى وأبدى صمدى فالازلية ناظرة الى الاحدية كما ان الابدية ناظرة الى الصمدية وذلك باعتبار التحليل والتعقيد فان الاحدية لا تتجلى الا بازالة الكثرات فعند الانتهاء الى مقام الغنى الذي هو الغيب المطلق تزول الكثرة ويكون الزوال ازلا وهذا تحليل وفناء وعبور عن المنازل وعروج الى المرصد الأعلى والمقصد الأقصى عينا وعلما واما الصمدية فباعتبار الابدية التي هى البقاء وذلك يقتضى التعقيد بعد التحليل فهى بالنزول الى مقام العين بالمهملة اى العين الخارجي والعالم الشهادى الذي أسفل منارله عالم الناسوت والحاصل ان الاحدية جمع والصمدية فرق فمقام الاحدية هى النقطة الغير المنقسمة التي انبسطت منها جملة التراكيب الواحدية فاول تعيناتها هى مرتبة آدم ثم حواء لان حواء انما ظهرت بعد الهولء المنبعث من تعين آدم الحقيقي ولذا انقلبت الهاء حاء فصار الهولء حواء وخاصية الاسم الأحد ظهور عالم القدرة وآثارها حتى لو ذكره ألفا فى خلوة على طهارة ظهرت له العجائب بحسب قوته وضعفه وخاصية الاسم الصمد حصول الخير والصلاح فمن قرأه عند السحر مائة وخمسا وعشرين مرة ظهرت عليه آثار الصدق والصديقية وفى اللمعة ذاكره لا يحس بألم الجوع ما دام ملتبسا بذكره والقراءة وصلا أحد الله الصمد منونا مكسور الالتقاء الساكنين وكان ابو عمر وفى اكثر الروايات يسكت عند هو الله أحد وزعم ان العرب لاتصل مثل هذا وروى عنه انه قال وصلها قراءة محدثة وروى عنه قال أدركت القراء كذلك يقرأونها قل هو الله أحد وان وصلت نونت وروى عنه انه قال أحب الى إذا كان رأس آية ان يسكت عندها وذلك لان الآية منقطعة عما بعدها مكتفية بمعناها فهى فاصلة وبها سميت آية واما وقفهم كلهم