آيات من القرآن الكريم

وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ ۚ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ

٨٩ - قوله تعالى: ﴿وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي﴾، قال ابن عباس (١) والحسن (٢) وقتادة (٣): لا يحملنكم، وقال الفراء (٤) والزجاج (٥): لا يكسبنكم، وقد مرَّ في سورة المائدة (٦).
قوله تعالى: ﴿شِقَاقِي﴾ أي خلافي وعداوتي.
وقوله تعالى: ﴿أَنْ يُصِيبَكُمْ﴾، (أن) في محل النصب؛ لأنه المفعول الثاني لقوله: ﴿يَجْرِمَنَّكُمْ﴾.
ومعنى الآية (٧): لا تكسبنكم معاداتكم إياي أن يصيبكم عذاب العاجلة ﴿مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ﴾ من الغرق ﴿أَوْ قَوْمَ هُودٍ﴾ من الريح العقيم ﴿أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ﴾ من الرجفة والصيحة.
﴿وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾، قال ابن عباس (٨): يريد (٩): قد كنتم

= قال: "ذاك خطيب الأنبياء لحسن مراجعته قومه فيما يرادهم به، فلما كذبوه وتوعدوه بالرجم والنفي من بلاده، وعتوا على الله، أخذهم عذاب يوم الظلة... إلخ".
(١) ذكر هذا القول من غير عزو الثعلبي ٧/ ٥٤ ب، البغوي ٤/ ١٩٦.
(٢) القرطبي ٩/ ٩٠.
(٣) الطبري ١٢/ ١٠٤، والقرطبي ٩/ ٩٠، وابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٧٤، وأبو الشيخ كما في "الدر" ٣/ ٦٢٨.
(٤) "معاني القرآن" ٢/ ٢٦.
(٥) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٧٤.
(٦) عند قوله تعالى: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ﴾ [آية: ٢].
(٧) ساقط من (ي).
(٨) إسحاق بن بشر، وابن عساكر كما في "الدر" ٣/ ٦٢٨ - ٦٢٩.
(٩) ساقط من (ي).

صفحة رقم 530

لهم جيرانا وقرابة، وقد رأيتم ما أصيبوا به وما صاروا إليه من سخط الله وعذابه، فعلى هذا أراد: ليسوا ببعيد في الدار والنسب.
وقال قتادة (١): ﴿وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾ في الزمان الذي بينكم وبينهم، واختاره الزجاج فقال (٢): كان إهلاك قوم لوط أقرب الإهلاكات التي عرفوها، فكأنه قال لهم: العظة في قوم لوط قريبة منكم.
قال ابن الأنباري: فعلى القول الأول (٣) كأنه يقول (٤): إنكم للعذاب الواقع بهم أذكر وأحفظ منكم لما لحق الأمم السالفة؛ لأن دارهم أقرب إلى داركم، فبحفظكم ذلك يلزمكم الإشفاق والحذر من مثل مصرعهم، وعلى القول الثاني كأنه يقول: إن وقتهم أقرب إليكم من أوقات من مضى من المهلكين، ولقرب وقتهم منكم ما يجب أن تراعوا وتحاذروا، ووحد البعيد (٥) على القول الأول؛ لأنه أراد: وما قوم لوط منكم بمكان بعيد، ويجوز أن يكون وَحَّده على لفظ القوم؛ لأنه على لفظ الواحد، وأنشد (٦):
لو أن قومي حين تدعوهم حمل
على الجبال الصم لارفض الجبل
ولم يقل حملوا.

(١) الطبري ١٢/ ١٠٤، عبد الرزاق ٢/ ٣١١، "الدر" ٣/ ٦٢٩، ابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٧٥ بنحوه.
(٢) ساقط من (ي)، وانظر: "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٧٤.
(٣) ساقط من (ي).
(٤) في (ب): (قال).
(٥) قاله ابن الأنباري انظر: "زاد المسير" ٤/ ١٥١
(٦) بيتان من الرجز لم أهتد إلى قائلهما. انظر: "شرح المفصل" ٩/ ٨٠.

صفحة رقم 531
التفسير البسيط
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن علي الواحدي، النيسابوري، الشافعي
الناشر
عمادة البحث العلمي - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
سنة النشر
1430
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية