
ان رسول الله ﷺ كان قاعدا مع أصحابه فى المسجد فسمعوا هدّة عظيمة وهى صوت انهدام الحائط فارتاعوا اى خافوا وفزعوا فقال عليه السلام (أتعرفون ما هذه الهدة) قالوا الله ورسوله اعلم قال (حجر القى من أعلى جهنم منذ سبعين سنة الآن وصل الى قعرها وكان وصوله الى قعرها وسقوطه فيها هذه الهدة) فما فرغ من كلامه الا والصراخ فى دار منافق من المنافقين قد مات وكان عمره سبعين سنة فلما مات حصل فى قعرها قال الله تعالى إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ فكان سماعهم تلك الهدة التي أسمعهم الله ليعتبروا وفى الخبر قال رسول الله ﷺ (ليلة اسرى بي الى السماء رأيت فى السماء الثالثة حجارة موضوعة فسألت عن ذلك جبريل فقال لا تسأل عنها فلما انصرفت وقفت على تلك الحجارة وقلت أخبرني عن الحجارة فقال هذه الحجارة فصلت من حجارة قوم لوط خبئت للظالمين من أمتك ثم تلا وما هى من الظالمين ببعيد) كذا فى زهرة الرياض
چون عالم از ستمكر ننك دارد | عجب نبود كه بر وى سنك بارد |
تواضع ز كردن فرازان نكوست | كدا گر تواضع كند خوى اوست |

وعبادته فامرهم شعيب بالتوحيد اولا لانه ملاك الأمر وقوامه ثم نهاهم عما اعتادوه من النقص فى الكيل والوزن لانه يورث الهلاك فقال وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ اى آلة الوزن والكيل وكان لهم مكيالان وميزانان أحدهما اكبر من الآخر فاذا اكتالوا على الناس يستوفون بالأكبر وإذا كالوهم او وزنوهم يخسرون بالاصغر والمراد لا تنقصوا حجم المكيال عن المعهود وكذا الصنجات كى تتوسلوا بذلك الى بخس حقوق الناس ويجوز ان يكون من ذكر المحل وارادة الحال. والمعنى بالفارسية [مكاهيد وكم مكنيد پيمانه را در پيمودن مكيلات وترازو را در سنجيدن موزونات] وكل من البخسين شائع فى هذا الزمان ايضا كأنه ميراث من الكفرة الخائنين إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ علة للنهى اى ملتبسين بثروة وسعة تغنيكم عن التطفيف. يعنى [درمانده ومحتاج نيستيد كه داعى باشد شما را بخيانت بلكه منعم وتوانكريد رسم حق كزارى آنست كه مردم را از مال خود بهره مند كنيد نه آنكه از حقوق ايشان باز گيريد] وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ ان لم ترجعوا عن ذلك النقص عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ لا يشذ منه أحد منكم. والمراد منه عذاب يوم القيامة او عذاب الاستئصال ووصف اليوم بالاحاطة وهى حال العذاب لاشتماله عليه ففيه اسناد مجازى واصل العذاب فى كلام العرب من العذب وهو المنع وسمى الماء عذبا لانه يمنع العطش والعذاب عذابا لانه يمنع المعاقب من معاودة مثل جرمه ويمنع غيره من مثل فعله وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إيفاء الحق إعطاؤه تاما كاملا اى اسعوا فى إعطاء الحق على وجه التمام والكمال بحيث يحصل لكم اليقين بالخروج عن العهدة بِالْقِسْطِ حال من فاعل او فوا اى ملتبسين بالعدل والتسوية من غير زيادة ولا نقصان فان الزيادة فى الكيل والوزن وان كانت تفضلا مندوبا اليه لكنها فى الآلة محظورة كالنقص فلعل الزائد للاستعمال عند الاكتيال والناقص للاستعمال وقت الكيل كذا فى الإرشاد. وصرح بالإيفاء بعد النهى عن ضده لان النهى عن نقص حجم المكيال وصنجات الميزان والأمر بايفاء المكيال والميزان حقهما بان لا ينقص فى الكيل والوزن وهذا الأمر بعد مساواة المكيال والميزان للمعهود فلا تكرار فى الآية كما فى حواشى سعدى المفتى وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ مطلقا اى سواء كانت من جنس المكيل والموزون او من غيره وسواء كانت جليلة او حقيرة وكانوا يأخذون من كل شىء يباع شيأ كما يفعل السماسرة ويمكنون الناس وينقصون من أثمان ما يشترون من الأشياء وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ العثى أشد الفساد اى ولا تتمادوا فى الفساد فى حال فسادكم لانهم كانوا متمادين فيه فنهوا عن ذلك ومن الفساد نقص الحقوق ومن الإفساد قص الدراهم والدنانير وترويج الزيوف ببعض الأسباب وغير ذلك بَقِيَّتُ اللَّهِ اى ما أبقاه الله لكم من الحلال بعد ترك الحرام فهى فعيلة بمعنى المفعول واضافتها للتشريف كما فى بيت الله وناقة الله فان ما بقي بعد إيفاء الكيل والوزن من الرزق الحلال يستحق التشريف خَيْرٌ لَكُمْ مما تجمعون بالبخس والتطفيف فان ذلك هباء منثور بل شر محض وان زعمتم ان فيه خيرا كما قال تعالى يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ قال فى شرح الشرعة
صفحة رقم 172
ولا يخون أحد فى مبايعته بالحيل والتلبيس فان الرزق لا يزيد بذلك بل تزول بركته فمن جمع المال بالحيل حبة حبة يهلكه الله جملة قبة قبة وييقى عليه وزره ذرة ذرة كرجل كان يحلط اللبن بالماء ليرى كثيرا فجاء السيل وقتل بقره فقالت صبيته يا أبت قد اجتمع المياه التي جعلتها فى اللبن وقتلت البقر إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بشرط ان تؤمنوا وانما شرط الايمان فى خيرية ما بقي بعد الإيفاء لان فائدته وهى حصول الثواب والنجاة من العقاب انما تظهر مع الايمان فان الكافر مخلد فى عذاب النيران ومحروم من رضوان وثواب الرحمن سواء اوفى الكيل والميزان او سلك سبيل الخوّان ان كنتم مصدقين لى فى مقالتى لكم وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ اى ما بعثت لا حفظكم عن المعاصي والقبائح وانما بعثت مبلغا ومنبها على الخير وناصحا وقد بلغت
من آنچهـ شرط بلاغست با تو ميكويم | تو خواه از سخنم پند كير وخواه ملال |
فى المعاملات والعدول عنه يؤدى الى مؤاخذة العباد فينبغى ان يجتنب الظلم والمراد بالظلم ان يتضرر به الغير والعدل ان لا يتضرر منه أحد بشئ ما قال عكرمة اشهد ان كل كيال ووزان فى النار قيل له فمن اوفى الكيل والميزان قال ليس رجل فى المدينة يكيل كما يكتال ولا يزن كما يتزن والله تعالى يقول وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ وقال سعيد بن المسيب إذا أتيت أرضا يوفون المكيال والميزان فاطل المقام فيها وإذا أتيت أرضا ينقصون المكيال والميزان فاقل المقام فيها وفى الحديث (ما ظهر الغلول فى قوم الا القى الله فى قلوبهم الرعب ولا فشا الزنى فى قوم الأكثر فيهم الموت ولا نقص قوم المكيال والميزان الا قطع الله عنهم الرزق ولا حكم قوم بغير حق إلا فشا فيهم الدم ولاختر قوم بالعهد إلا سلط الله عليهم العدو) قوله ولاختر اى غدر ونقض العهد كما فى الترغيب وفى التأويلات النجمية وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ اى مكيال المحبة وميزان الطلب فان للمحبة مكيالا وهو عداوة ما سوى الله تعالى كما قال الخليل عند اظهار الخلة فانهم عدو لي إلا رب العالمين فانك ان تحب أحدا وشيأ مع الله فقد نقصت فى مكيال محبة الله وان للطلب ميزانا وهو السير على قدمى الشريعة والطريقة كما قيل خطوتان وقد وصلت فان خطوت خطوتين دونهما فقد نقصت من الميزان انتهى فعلى السالك ان يتأدب بآداب الأولياء والأنبياء ويضع القدم فى هذا الطريق الاولى كما امر به وشرط له ولا بد من الامانة والاستقامة وإيتاء كل ذى حق حقه قائما بالعدل والقسط القويم وازنا بالقسطاس المستقيم كائلا بالكيل السليم فعند ذلك يتفضل له المولى بالقبول والمدح فى الدنيا والثواب والانعام فى الآخرة فيعيش سعيدا ويموت سعيدا واما إذا غدر وظلم وخان واستكبر وأصر يعدل له المولى بالرد والذم فى الدنيا والعقاب والانتقام فى الآخرة ان لم يتداركه الفضل والعفو فيعيش شقيا ويموت شقيا ويحشر شقيا: وفى المثنوى
چون ترازوى تو كژ بود ودغا | راست چون جوئى ترازوى جزا |
چونكه پاى چپ بود در غدر وكاست | نامه چون آيد ترا در دست راست |