آيات من القرآن الكريم

بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ
ﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅ ﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕ ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙ ﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧ ﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇ ﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘ ﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮ ﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢ ﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮ

بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ
[سورة الذاريات الآيتان ٣٥ و ٣٦] ولا يلتفت منكم أحد إليها أبدا خوفا من أن يرى العذاب فيصيبه، وامضوا حيث تؤمرون.
فأسر بأهلك جميعا إلا امرأتك كانت من الغابرين أى: الباقين، وكانت امرأة كافرة لها ضلع مع قوم لوط الكفرة. إنه مصيبها ما أصابهم، إن موعدهم الصبح إذ سيبتدئ عذابهم من طلوع الفجر وينتهى عند شروق الشمس فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ [الحجر ٧٣] أليس الصبح بقريب؟ وقد كانوا يتعجلون العذاب كفرا واستهزاء بلوط.
فلما جاء أمرنا، ونفذ قضاؤنا جعلنا عاليها سافلها وقلبنا أرضها وخسفناها، وأمطرنا عليها حجارة من طين متراكب بعضه في أثر بعض، حجارة لها علامة لا تنزل على غيرهم، وقيل المعنى: سخرها عليهم وحكمها فيهم لا يمنعها مانع، انظر إلى قوله- تعالى-: «مسوّمين» وصفا للملائكة في غزوة بدر، وقولهم إبل مسومة وسائحة أى: ترعى حيث شاءت، وما هذه العقوبة من الظالمين وحدهم ببعيد، يا سبحان الله هذا العقاب الصارم ليس ببعيد أبدا عن الظالمين، فانظروا يا كفار مكة أين أنتم منه؟!!
قصة شعيب- عليه السلام-[سورة هود (١١) : الآيات ٨٤ الى ٩٥]
وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنْقُصُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (٨٤) وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٨٥) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (٨٦) قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (٨٧) قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَما تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (٨٨)
وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (٨٩) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (٩٠) قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ (٩١) قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٩٢) وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (٩٣)
وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٩٤) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥)

صفحة رقم 139

المفردات:
بِخَيْرٍ بثروة وسعة في الرزق تَبْخَسُوا تنقصوا الأشياء أو تعيبوها تَعْثَوْا تفسدوا في الأرض قاصدين الفساد. الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ العاقل المتأنى، الراسخ في هدايته لا يَجْرِمَنَّكُمْ الجرم الكسب والمراد لا يحملنكم شِقاقِي خلافي معكم الشديد: ما نَفْقَهُ الفقه الفهم الدقيق العميق المؤثر في النفس رَهْطُكَ عشيرتك الأقربون وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا المراد جعلتموه بشرككم كالشىء الملقى وراء الظهر مَكانَتِكُمْ تمكنكم في قوتكم وعصبيتكم.
هذه القصة تشمل تبليغ شعيب دعوته وما أمر به ونهى عنه من آية ٨٤ إلى آية ٨٧.
مناقشة قومه له ورده عليهم وذلك في الآيات ٨٧- ٩٠.
تطور الحالة واشتدادها وإنذار شعيب لهم بالعذاب، ووقوع ذلك بالفعل ونجاة المؤمنين من آية ٩٠ إلى نهاية القصة.
المعنى:
وأرسلنا إلى قبيلة مدين- وكانت تسكن الحجاز مما يلي الشام، وكانوا في غنى وسعة إلا أنهم طففوا الكيل، ونقصوا الوزن، وعاثوا في الأرض الفساد- أرسلنا لهم شعيبا من أوسطهم نسبا وأعلاهم خلقا، قال لهم: يا قومي ويا أهلى [وهذا مما يدعو إلى الاستجابة والقبول] اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا، ما لكم إله غيره يتصف بما اتصف به الله- جل شأنه- حتى يعبد، ألست معى في أن الرسل جميعا متفقون في طلب عبادة الله وحده؟ أما الأمور العملية فكل يعالج ناحية الضعف في أمته، ولذا قال شعيب، يا قومي اعبدوا الله، ولا تنقصوا الكيل والميزان فيما تبيعون، وكانوا إذا اكتالوا على الناس يستوفون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون أى: ينقصون،

صفحة رقم 141

ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ومحاسبون؟ امتثلوا الأمر واجتنبوا النهى لأنى أراكم بخير وعافية وغنى وسعة، وهذا يدعو لشكر الله وامتثال أمره، ولأنى أخاف عليكم عذابه إذا أنتم أصررتم على العصيان.
ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط والعدل، وهذا أمر بالوجوب بعد النهى عن ضده لتأكيده وتنبيها على أنه لا بد منهما قصدا، لا تنقصوا الناس أشياءهم في كيل أو وزن أو عد في حق حسى أو معنوي ولا تعيبوا شيئا لا يستحق العيب، ولا تفسدوا في الأرض بأى نوع من الفساد حالة كونكم قاصدين له، واعلموا أن ما يبقيه الله لكم بعد إيفاء الحقوق بالقسط أكثر بركة، وأحمد عاقبة مما تبقونه لأنفسكم من تطفيف في الكيل أو نقص في الوزن وصدق الله بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.
وما أنا عليكم بحفيظ ورقيب إن علىّ إلا البلاغ وعلى الله الحساب.
مناقشتهم له ورده عليهم:
قالوا: يا شعيب أصلاتك تقضى بتأثيرها فيك أن تحملنا على ترك ما كان يعبد آباؤنا من أصنام نتخذهم قربى إلى الله؟ ولست أنت خيرا منهم حتى نتركهم ونتبعك، والاستفهام في الآية للإنكار والسخرية بشعيب، أصلاتك تأمرك أن نترك ما نفعله في أموالنا من تنمية واستغلال على حسب نشاطنا واجتهادنا، أليس هذا حجرا على حريتنا وحدا لنشاطنا؟ إنك يا شعيب لأنت الحليم المتأنى في حكمه العاقل المتروى، والرشيد الذي لا يأمر إلا بما استبان له فيه وجه الخير والرشاد، وهذا التأكيد الكثير في كلامهم يفيد الاستهزاء والتعريض به.
انظروا إلى رد شعيب عليهم في هذه الاتهامات.
يا قومي ويا أهلى أخبرونى ماذا أفعل معكم ومع نفسي؟ إن كنت على يقين تام، وحجة واضحة من ربي تفيد أن ما آمركم به هو من عند الله لا من عند نفسي، والله أعلم حيث يجعل رسالته، وقد رزقت من فضله وخيره رزقا حسنا كثيرا، حصل لي من طريق الكسب الحلال فأنا رجل ملئ وخبير بما ينمى المال، وأخبرونى ماذا أفعل، وماذا أقول لكم غير الذي قلت؟.
وما أريد أن أخالفكم مائلا إلى ما نهيتكم عنه بل أنا مستمسك به قبلكم لأنى أرى فيه الخير والرشاد في الدنيا والآخرة.

صفحة رقم 142

وأنا ما أريد إلا الإصلاح والخير العام لي ولكم ما استطعت إلى ذلك سبيلا ليس لي فيما أفعل غرض خاص. ومن هنا نأخذ أن العاقل يجب أن يكون عمله مراعيا فيه حق الله ورسوله، وحق نفسه، وحق الناس عليه.
وما توفيقي وهدايتي إلى الخير إلا بالله وحده، عليه توكلت، وإليه أنيب إذ هو المرجع والمآب والنافع والضار لا أرجو منكم خيرا، ولا أخاف ضرا، ويا قوم لا يحملنكم شقاقي وخلافي معكم في الرأى والعقيدة على العمل الضار الذي يترتب عليه أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح بالغرق، أو قوم هود بالريح العاتية، أو قوم صالح بالصيحة الطاغية، وما عذاب قوم لوط منكم ببعيد زمانا ولا مكانا ولا إجراما.
واستغفروا ربكم من ذنوبكم ثم توبوا إليه واعملوا صالحا من الأعمال، وإن ربي وربكم عظيم كثير المودة، فإنكم إن فعلتم ذلك يمتعكم متاعا حسنا في الدنيا والآخرة.
اشتداد الحالة ووقوع العذاب:
قالوا يا شعيب: ما نفهم كثيرا مما تقول فهما عميقا، ولا نفهم له معنى ولا حكمة، وإنا لنراك فينا ضعيفا لا حول لك ولا قوة، فكيف يقبل منك هذا الذي يوصلك إلى الرياسة في الدين والدنيا، على أنا لو أردنا البطش بك لما منعنا مانع، ولولا عشيرتك الأقربون لفتكنا بك فتكا يتناسب مع عملك معنا من ذم آلهتنا، وطلبك الحجر علينا في تصرفنا أى: نقتلك رميا بالحجارة وما أنت علينا بعزيز.
قال: يا قومي، أرهطي وأسرتى أعز وأكرم عليكم من الله الذي أدعوكم اليه؟
وأشركتم به وجعلتم مراقبته والخوف منه وأمره ونهيه وراءكم ظهريا كالأمر الذي يهون على صاحبه فينساه ولا يحسب له حسابا، إن ربي بما تعملون محيط علما فسيجازيكم على عملكم.
ويا قومي اعملوا ما استطعتم على منتهى تمكنكم في قوتكم إنى عامل على مكانتى وحالتي!! وغدا سوف تعلمون الذي سوف يأتيه عذاب يخزيه ويذله في الدنيا والآخرة، ومن هو كاذب في قوله لَنُخْرِجَنَّكَ يا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا وانتظروا مراقبين من سيقع عليه العقاب، إنى معكم من المنتظرين، وهذا الأمر (اعملوا وارتقبوا) للتهديد والوعيد ممن وثق بربه وبوعده.

صفحة رقم 143
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية