آيات من القرآن الكريم

قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَٰذَا ۖ أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ
ﰋﰌﰍﰎﰏﰐﰑﰒﰓﰔﰕﰖﰗﰘﰙﰚﰛﰜﰝﰞﰟﰠ

١٨٢٨٣- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (واستعمركم فيها)، قال: أعمركم فيها
١٨٢٨٤- حدثني المثني قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (واستعمركم فيها)، يقول: أعمركم
* * *
وقوله: (فاستغفروه)، يقول: اعملوا عملا يكون سببًا لستر الله عليكم ذنوبكم، وذلك الإيمان به، وإخلاص العبادة له دون ما سواه، واتباعُ رسوله صالح = (ثم توبوا إليه)، يقول: ثم اتركوا من الأعمال ما يكرهه ربكم، إلى ما يرضاه ويحبه = (إن ربي قريب مجيب)، يقول: إن ربي قريب ممن أخلص له العبادة ورغب إليه في التوبة، مجيبٌ له إذا دعاه.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قالت ثمود لصالح نبيِّهم: (يا صالح قد كنت فينا مرجوًّا)، أي كنا نرجُو أن تكون فينا سيدًا قبل هذا القول الذي قلته لنا، من أنه مالنا من إله غير الله (١) = (أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا)، يقول: أتنهانا أن نعبد الآلهة التي كانت آباؤنا تعبدها = (وإننا لفي شك مما تدعونَا إليه

(١) انظر تفسير " الرجاء " فيما سلف ٤: ٣١٩.

صفحة رقم 369

مريب)، يعنون أنهم لا يعلمون صحَّة ما يدعوهم إليه من توحيد الله، وأن الألوهة لا تكون إلا لهُ خالصًا.
* * *
وقوله: (مريب)، أي يوجب التهمة، من "أربته فأنا أريبه إرابة"، إذا فعلت به فعلا يوجب له الريبة، (١) ومنه قول الهذلي: (٢)

كُنْتُ إِذَا أَتَوْتُه مِنْ غَيْبِ يَشَمُّ عِطْفِي وَيبُزُّ ثَوْبِي
*كَأَنَّمَا أَرَبْتُهُ بِرَيْبِ* (٣)
* * *
(١) انظر تفسير " الريبة " فيما سلف من فهارس اللغة (ريب).
(٢) هو خالد بن زهير الهذلي
(٣) ديوان الهذليين ١: ١٦٥، واللسان (ريب) (بزز)، (أتى)، وغيرها كثير، وسيأتي في التفسير ٢٢: ٧٦ (بولاق). وكان خالد بن زهير، ابن أخت أبي ذؤيب، وكان رسول أبي ذؤيب إلى صديقته، فأفسدها عليه، فكان يشك في أمره، فقال له خالد:
يَا قَوْمِ مَالِي وَأَبَا ذُؤَيْبِ كُنْتُ إذَا أَتَوْتُه من غَيْبِ
" أتوته "، لغة في " أتيته "، وقوله: " من غيب "، من حيث لا يدري، لأن " الغيب "، هو الموضع الذي لا يدري ما ورائه. و" يبز ثوبي "، أي يجذبه إليه، يريد أن يمسكه حتى يستخرج خبء نفسه، من طول ارتيابه فيه.

صفحة رقم 370
جامع البيان في تأويل آي القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري
تحقيق
أحمد شاكر
الناشر
مؤسسة الرسالة
الطبعة
الأولى، 1420 ه - 2000 م
عدد الأجزاء
24
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية