
(إن أطعتم).
وقيل: إن النسل كان قد انقطع منهم سنتين، فقال لهم هود: إن آمنتم بالله، أحيا الله بلادكم، ورزقكم الولدان، فذلك القوة.
وقال أبو إسحاق: المعنى قوة في النعمة. وكانت مساكن عاد الرمال، ما بين الشام واليمن، وكانوا أهل زرع، وبساتين وعمارة، فلما أقاموا على كفرهم، وعبادة أصنامهم، ولم يُطيعوا هوداً أرسل الله تعالى، عليهم الريح، فكانت تدخل في أنوفهم، وتخرج من أدبارهم، وتقطعهم عضواً عضواً.
ثم قال لهم هود: ﴿وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ﴾: أي: لا تدبروا عني، وعن ما دعوتكم إليه كافرين.
وله: ﴿قَالُواْ ياهود مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بتاركي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ - إلى قوله - صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ والمعنى: ما جئتنا ببرهان على قولك، فنترك آلهتنا لقولك، وما نؤمن لك، فنصدقك بما جئتنا به. ما نقول ﴿إِلاَّ اعتراك بَعْضُ آلِهَتِنَا بسواء﴾: أي: أخذك خبل من عند بعض آلهتنا لطعنك عليها، وسبك لها: أي: جنون.

قال لهم هود: ﴿إني أُشْهِدُ الله واشهدوا﴾ أنتم ﴿أَنِّي برياء مِّمَّا تُشْرِكُونَ * مِن دُونِهِ﴾: أي: من آلهتكم التي تعبدون من دون الله سبحانه. ﴿فَكِيدُونِي جَمِيعاً﴾: أي: احتالوا في كيدي، أنتم وآلهتكم التي تعبدون ثم لا تؤخروا ذلك عني.
﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى الله رَبِّي وَرَبِّكُمْ﴾: أي: فوضت أمري إلى مالكي، ومَالِكِكُم. ﴿مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَآ﴾: أي: ليس من شيء يدب على الأرض إلا والله تعالى، مالكه.
وخص ذكر الناصية دون سائر الأعضاء، لأن العرب تستعمل ذلك فيمن وصفته بالذلة والخضوع: تقول: ما ناصية فلان إلا بيدي: أي: هو مطيع لي أصرفه كيف أشاء.
وقيل: إنما خص ذكر الناصية، لأنهم كانوا إذا أسروا أسيراً، وأرادوا المَنَّ عليه، جَزُّوا ناصيته، ليعتدُّوا بذلك / فخراً، فخوطبوا بعادتهم.