
ومعنى: ﴿مِّنَ الخاسرين﴾: أي: الذين خسروا رحمتك يوم القيامة. والمعنى: إني أسألك أن توفقني وتلطف بي، حتى لا أسألك (ما ليس لي به علم).
قوله: ﴿قِيلَ يانوح اهبط بِسَلاَمٍ مِّنَّا وَبَركَاتٍ عَلَيْكَ وعلى أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ﴾ - إلى قوله - ﴿مُجْرِمِينَ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ﴾
والمعنى: قال الله تعالى، يا نوح! اهبط من الفلك إلى الأرض سلامة، وبركات عليك، وعلى أمم ممن معك: أي: من ذرية من معك: أي: من ذرية من معك من ولدك، وولد من معك من المؤمنين الذين سبقت لهم السعادة قبل خلقهم.
ثم قال تعالى مخبراً عن الكافرين من ذرية من معه: ﴿وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾: فلذلك رفعت الأممُ ها هنا، ولا تخفض، لأنها ليست ممن بارك الله عليها، ودعا لها بالسلامة، و'نما هو بمنزلة: رأيت زيداً، وعَمْرو جالس.
ومعنى: ﴿سَنُمَتِّعُهُمْ﴾: أي: " سنرزقهم في الحياة الدنيا ما يمتعون به إلى أن

يبلغوا آجالهم ".
﴿ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾: أي: في القيامة.
قال محمد بن كعب القرظي: دخل في هذا السلام والبركة، كل مؤمن؛ ومؤمنة إلى يوم القيامة. ودخل في هذا العذاب كل كافر، وكافرة إلى يوم القيامة.
ممن معك: وقف، وأجاز الفراء " وأمماً " ممن معك بالنصب على معنى ونمتع أمماً.
ثم قال تعالى: ﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ الغيب﴾ أي: تلك القصة، بمعنى: هذه القصة من الأخبار الغائبة عنك يا محمد، وعن قومك، لم تكونوا تعلمونها من قبل إخبارنا لكم، فإخبارك إياهم بهذا يدل على صدقك، ونبوتك لو عقلوا. (فاصبر): على

قولهم، وعلى القيام بأمر الله تعالى، في التبليغ، وعلى ما تلقى منهم.
﴿إِنَّ العاقبة لِلْمُتَّقِينَ﴾ وهذا إشارة إلى القرآن. ()
ثم قال تعالى: ﴿وإلى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً﴾: أي: وأرسلنا إلى عاد أخاهم هوداً. هو معطوف على قوله / ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً (إلى قَوْمِهِ)﴾ [هود: ٢٥] وسمي هود أخاهم، لأنه منهم، ومبين بلسانهم، وقيل: سمي بذلك لأنه منه ولد آدم، بشر مثلهم.
وعاد: قبيلة، وهو ابن أبيهم الأكبر، فلذلك قال أخوهم، وهو هود بن عبد الله بن عاد بن عادية بن عاد بن أرام بن الخالد بت عابر. قال لهم (هود): ﴿اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ﴾ إلا هو، ولا يستحق العبادة إلا هو.

﴿إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ﴾: أي: ما أنتم في اتخاذكم إلهاً غيره إلا كاذبون. ثم قال لهم: ﴿ياقوم لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً﴾: أي: ليس أسألكم على ما دعوتكم إليه، كم من إخلاص العبودية لله تعالى، أجراً، ما أجري في ذلك إلا على الله سبحانه، ﴿الذي فطرني﴾: أي: خلقني.
ثم قال: ﴿وياقوم استغفروا رَبَّكُمْ ثُمَّ توبوا إِلَيْهِ﴾: أي: سلوه المغفرة من عبادتكم غيره، ﴿ثُمَّ توبوا إِلَيْهِ﴾ من عبادة غيره. فإن فعلتم ذلك أرسل عليكم السماء مدراراً: أي: قطر السماء متتابعاً.
ومفعال للتكثير، وفيه معنى الكسب. ولذلك حذفت الهاء. وأكثر ما يأتي " مفعال " من " أفعلتُ "، وقد أتى هنا من " فعلت "، يقال: درّت تدرُّ وتدر، فهي مدرار.
ثم قال: ﴿وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إلى قُوَّتِكُمْ﴾: أي: " شدة إلى شدتكم " قاله مجاهد