المؤمنين فلما جاء ذلك الوقت اشتغل نوح بحمل الخلق فيها ونسى وصية العجوز وكانت بعيدة منه ثم لما وقع ما وقع من إهلاك الكفار ونجاة المؤمنين وخرجوا من السفينة جاءت اليه تلك العجوز فقالت يا نوح انك قلت لى سيقع الطوفان ألم يأن ان يقع قال قد وقع وكان امر الله مفعولا وتعجب من امر العجوز فان الله تعالى قد أنجاها فى بيتها من غير ركوب السفينة ولم تر الطوفان قط وهكذا حماية الله تعالى لعباده المؤمنين وقد صح عن بعض اهل الكشف ان موضع الجامع الكبير فى بلدة بروسه كان بيتا للعجوز المذكورة كما فى الواقعات المحمودية: وفى المثنوى
كاملان از دور نامت بشنوند
تا بقعر باد وبودت در روند «١»
بلكه پيش از زادن تو سالها
ديده باشندت ترا با حالها
هر كسى اندازه روشن دلى
غيب را بيند بقدر صيقلى «٢»
والاشارة ان سفينة الشريعة معمولة للنجاة لراكبيها من طوفان فتن النفس والدنيا والأمر بالركوب فى قوله تعالى ارْكَبُوا فِيها يشير الى كشف سر من اسرار الشريعة وهو ان من ركب سفينة الشرع بالطبع وتقليد الآباء والاستاذين لم ينفعه للنجاة الحقيقية كما ركب المنافقون بالطبع لا بالأمر فلم ينفعهم وكما ركب إبليس فى سفينة نوح فلم ينفعه وانما النجاة لمن ركب فيها بالأمر وحفظا لادب المقام قال بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها اى يكون مجريها من الله ومرساها الى الله كقوله أَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ بالنجاة لمن ركبها رَحِيمٌ لمن ركبها بالأمر لا بالطبع كذا فى التأويلات النجمية وَهِيَ اى الفلك تَجْرِي حكاية حال ماضية بِهِمْ حال من فاعل تجرى اى وهم فيها اى ملتبسة بهم ولك ان تجعل الباء للتعدية يقال أجريته وجريت به كأذهبته وذهبت به فالمعنى بالفارسية [همى برد ايشانرا] والجملة عطف على محذوف دل عليه الأمر بالركوب اى فركبوا فيها مسمين وهى تجرى بهم فِي خلال مَوْجٍ يعنى موج الطوفان والطوفان من كل شىء ما كان كثيرا مطيفا بالجماعة كالمطر الغالب فى هذا المقام. والموج جمع موجة وهو ما ارتفع من الماء إذا اشتد عليه الريح كَالْجِبالِ شبه كل موجة من ذلك بالجبل فى عظمها وارتفاعها على الماء وتراكمها وظاهره يدل على ان السفينة تجرى داخل الموج ولكن المراد ان الأمواج لما أحاطت السفينة من الجوانب شبهت بالتي تجرى فى داخل الأمواج فان قلت ان الماء ملأ ما بين السماء والأرض وإذا كان كذلك لم يتصور الموج فيه فما معنى جريها فيه قلت هذا الجريان كان قبل ان يغمر الطوفان الجبال ثم كانت السفينة تجرى فى جوف الماء كما تسبح السمكة كما قالوا ولا يلزم الغرق لان الله تعالى قادر على إمساك الماء عن الدخول فى السفينة ألا ترى الى الحوت الذي اتخذ سبيله فى البحر سربا [يعنى هر جا كه ماهى ميرفت اب بالاى ومرتفع مى ايستاد] ومثله من الخوارق فلق البحر لموسى عليه السلام وقومه وجعله تعالى فى الماء كوى متعددة وَنادى [وآواز داد] نُوحٌ ابْنَهُ قيل اسم ابنه كنعان وقيل يام واختلفوا ايضا فى انه كان ربيبه او ابنه لظهره فذهب اكثر علماء
(١) در اواسط دفتر چهارم در بيان دريافتن طبيبان الهى امراض دل إلخ
(٢) در اواخر دفتر چهارم در بيان تفسير آيه كريمه وَما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ إلخ [.....]
صفحة رقم 130
آشنا هيچست اندر بحر روح
نيست آنجا چاره جز كشتىء نوح
همچوكنعان سوى هر كوهى مرو
از نبى لا عاصم اليوم شنو
مى نمايد پست آن كشتى ز بند
مى نمايد كوه فكرت پس بلند
در بلندى كوه فكرت كم نكر
كه يكى موجش كند زير وزبر
كر تو كنعانى ندارى باورم
كرد وصد چندين نصيحت آورم
كوش كنعان كى پذيرد اين كلام
كه بر او مهر خدايست وختام
آخر اين اقرار خواهى كرد هين
هم ز أول روز آخر را ببين
هر كه آخر بين بود مسعود بود
نبودش هر دم بره رفتن عثور
كر نخوائى هر دمى اين خفت وخيز
كن ز خاك پاى مردى چشم تيز
وقال الحافظ
يار مردان خدا باش كه در كشتىء نوح
هست خاكى كه بابى نخرد طوفانرا
ومن اللطائف المناسبة لهذا المحل ما قال خسرو دهلوى
ز درياى شهادت چون نهنك لا بر آرد سر
نيم فرض كردد نوح را در وقت طوفانش
قوله [ز درياى شهادت] هو قول المؤمنين اشهد [چون نهنك لا برآرد سر] هو ارتفاع لا والمراد من التميم الضربتان ضربة الا وضربة الله. والمراد من نوح اللسان ومن الفم السفينة وطوفانه تلفظه بان لا اله الا الله وإذا قال اشهد ان لا اله الا الله رفع لا رأسه من بحر الشهادة ووقع الطوفان على اللسان فوجب عليه هاتان الضربتان فاذا ضربهما نجا وان لم يضربهما ووقف ساعة غرق فى بحر الطوفان والوقف كفر كذا شرحه حضرة الشيخ بالى الصوفيوى شارح الفصوص قدس سره وَقِيلَ بنى على المفعول كأخواته الآتية لتعين الفاعل وهو الله تعالى إذ لا يقدر أحد غيره على مثل هذا القول البدائع والفعل العجيب اى قال الله تعالى بعد مدة الطوفان تنزيلا للارض والسماء منزلة من له صلاحية النداء يا أَرْضُ قدم امر الأرض على امر السماء لابتداء الطوفان منها ابْلَعِي اى انشفى فان البلع حقيقة إدخال الطعام فى الحلق بعمل الجاذبة فهو استعارة لغور الماء فى الأرض ووجه الشبه الذهاب الى مقرّ خفى يقال نشف الثوب العرق بكسر الشين اى شربه. وفيه دلالة على انه ليس كالنشف المعتاد التدريجي ماءَكِ اى ما على وجهك من ماء الطوفان دون المياه المعهودة فيها من العيون والأنهار وانما لم يقل ابلعي بدون المفعول لئلا يستلزم تركه ما ليس بمراد من تعميم الابتلاع للجبال والتلال والبحار وساكنات الماء بأسرهن نظرا الى مقام ورود الأمر الذي هو مقام عظمة وكبرياء كذا فى المفتاح يقول الفقير تفسير الإرشاد يدل على ان الماء المضاف الى الأرض مجموع الماء الذي خرج من بطنها ونزول من السماء والظاهر الذي لا محيص عنه انه ماء الأرض بخصوصه فانها لما نشفته صار ما نزل من السماء هذه البحور على ما فى تفسير التيسير ثم رأيت فى بعض الكتب المعتبرة ما يوافق هذا وهو ان الله تعالى لما نزل الطوفان على قوم نوح عليه السلام انزل عليهم
صفحة رقم 134
المطر من السماء أربعين يوما بمياه كثيرة وامر عيون الأرض فانفجرت فكان الماءان سواء فى اللين غير ان ماء السماء كان مثل الثلج بياضا وبردا وماء الأرض مثل الحميم حرارة حتى ارتفع الماء على أعلى جبل فى الدنيا ثمانين ذراعا ثم امر الأرض فابتعلت ماءها وبقي ماء السماء لم تبتلعه الأرض فهذه البحور التي على وجه الأرض منها واما البحر المحيط فغير ذلك بل هو جزر عن الأرض حين خلق الله الأرض من زبده انتهى وَيا سَماءُ أَقْلِعِي اى أمسكي عن إرسال المطر يقال اقلع الرجل عن عمله إذا كف وأقلعت السماء إذا انقطع مطرها فالاقلاع يشترك بين الحيوانات والجمادات قال العلماء قيل مجاز مرسل عن الارادة كأنه قيل أريد ان يرتد ما انفجر من الأرض الى بطنها وان ينقطع طوفان السماء وذلك بعد أربعين يوما وليلة- روى- انه لا ينزل من السماء قطرة من ماء إلا بكيل معلوم ووزن معلوم الا ما كان يوم الطوفان فانزل بغير كيل ووزن. واصل الكلام قيل يا ارض ابلعي ماءك فبلغت ماءها ويا سماء أقلعي عن إرسال الماء فاقلعت عن إرساله وغيض الماء النازل من السماء فغاض وترك ذكره لظهور انفهامه من الكلام وَغِيضَ الْماءُ اى نقص ما بين السماء والأرض من الماء فظهرت الجبال والأرض والغيض النقصان يقال غاض الماء قل ونضب وغاضه الله نقصه يتعدى ويلزم وهو فى الآية من المتعدى لان الفعل لا يبنى للمفعول بغير واسطة حرف الجر الا إذا كان متعديا بنفسه وَقُضِيَ الْأَمْرُ اى أنجز الموعود من إهلاك الكافرين وإنجاء المؤمنين فالقضاء هاهنا بمعنى الفراغ كأنه قيل تم أمرهم وفرغ من إهلاكهم وإغراقهم قال فى المفتاح قيل الأمر دون ان يقال امر نوح لقصد الاختصار والاستغناء بحرف التعريف عن ذلك قال السيد اما لان اللام بدل من المضاف اليه كما هو مذهب الكوفية واما لانها تغنى غناء الاضافة فى الاشارة الى المعهود وَاسْتَوَتْ واستقرت الفلك واختير استوت على سويت اى
أقرت مع كونه انسب باخواته المبنية للمفعول اعتبارا لكون الفعل المقابل للاستقرار اعنى الجريان منسوبا الى السفينة على صيغة المبنى للفاعل فى قوله وهى تجرى بهم مع ان استوت اخصر من سويت عَلَى الْجُودِيِّ هو جبل بالجزيرة بقرب الموصل او بالشام او بآمد- وروى- فى الخبر ان الله تعالى اوحى الى الجبال انى انزل السفينة على جبل فتشامخت الجبال وتواضع الجودي لله تعالى فارست عليه السفينة: قال السعدي قدس سره
طريقت جز اين نيست درويش را
كه افكنده دارد تن خويش را
بلنديت بايد تواضع كزين
كه آن نام را نيست راهى جز اين
والتواضع آخر مقام ينتهى اليه رجال الله تعالى وحقيقته العلم بعبودية النفس ولا يصح مع العبودية رياسة أصلا لانها ضد لها ولهذا قال المشايخ قدس الله أسرارهم آخر ما يخرج من قلوب الصديقين حب الرياسة ولا تظن ان هذا التواضع الظاهر على اكثر الناس وعلى بعض الصالحين تواضع وانما هو تملق لسبب غاب عنك وكل يتملق على قدر مطلوبه والمطلوب منه فالتواضع سر من اسرار الله تعالى لا يهبه على الكمال الا لنبى او صديق كما فى المواقع وعن على رضى الله أشد الخلق الجبال الرواسي والحديد أشد منها إذ ينحت به الجبل والنار تغلب الحديد والماء يطفى
صفحة رقم 135
النار والسحاب يحمل الماء والريح تحمل السحاب والإنسان يغلب الريح بالبنيان والنوم يغلب الإنسان والموت يغلب الكل وذكر اهل الحكمة ان مجموع ما عرف فى الأقاليم السبعة من الجبال مائة وثمانية وسبعون جبلا وفى زهرة الرياض ستة آلاف وستمائة وثلاثة وسبعون جبلا سوى التلول منها ما طوله عشرون فرسخا ومنها مائة فرسخ الى الف فرسخ وفى اسؤلة الحكم جعل الله الجبال كراسى أنبيائه كاحد لنبينا والطور لموسى وسر نديب لآدم والجودي لنوح عليهم السلام وكفى بذلك شرفا وانها بمنزلة الرجال فى الأكوان يقال للرجل الكامل جبل واختلفوا فى ان أي الجبال أفضل فقيل ابو قبيس لانه أول جبل وضع على الأرض وقيل عرفة وقيل جبل موسى وقيل قاف وقال السيوطي أفضل الجبال جبل واحد وهو جبل من جبال المدينة وسمى بذلك لتوحده وانفراده عن غيره من الجبال التي هناك وهذا الجبل يقصد لزيارة سيدنا حمزة رضى الله عنه ومن فيه من الشهداء رضى الله عنهم وهو على نحو ميلين او على نحو ثلاثة من المدينة واستدل على أفضليته بانه مذكور فى القرآن باسمه فى قراءة من قرأ إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ اى بضم الهمزة والحاء وبقوله عليه السلام (أحد ركن من اركان الجنة) اى جانب عظيم من جوانبها وقوله (الآخر ان أحدا هذا جبل يحبنا ونحبه فاذا مررتم به فكلوا من شجره ولو من عضاهه) وهى كل شجرة عظيمة لها شوك والقصد الحث على عدم إهمال الاكل من شجره تبركا به ولا مانع ان تكون المحبة من الجبل على حقيقتها وضع الحب فيه كما وضع التسبيح فى الجبال مع داود عليه السلام وكما وضعت الخشية فى الحجارة قال الله تعالى وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ كما فى انسان العيون يقول الفقير للجمادات حياة حقانية عند اهل الله تعالى كما قال فى المثنوى
باد را بى چشم اگر بينش نداد
فرق چون ميكردد اندر قوم عاد
كر نبودى نيل را آن نور ديد
از چهـ قبطى را ز سبطى ميكزيد
گرنه كوه سنك با ديدار شد
پس چرا داود را او يار شد
اين زمين را كر نبودى چشم جان
از چهـ قارونرا فرو خوردى چنان
ومن هذا عرفت النداء فى قوله تعالى يا ارض ويا سماء حقيقة عند العلماء بالله وكذا مقاله تعالى المنفهم من قوله وقيل قال حضرة الشيخ الأكبر قدس سره الأطهر وكما نقول تجلى الله تعالى فى صورة كما يليق بجلاله كذلك نقول تكلم بحرف وصوت كما يليق بجلاله وكلام الله تعالى عين المتكلم فى مرتبة ومعنى قائم به فى الاخرى كالكلام النفسي ومركب من الحروف ومتعين بها فى عالمى المثال والحس بحسبهما كما فى الدرة الفاخرة للمولى الجامى رحمه الله ثم ان نوحا هبط من السفينة الى الجودي يوم عاشوراء وعن قتادة استقلت بهم السفينة لعشر خلون من رجب وكانت فى الماء خمسين ومائة يوم واستقرت بهم على الجودي شهرا وذلك ستة أشهر وهبطت بهم يوم عاشوراء وسيأتى ما يتعلق بذلك وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قوله بعدا مصدر مؤكد لفعله المقدر اى بعدوا بعدا اى هلكوا من قولهم بعدا وبعدا إذا أرادوا البعد البعيد من حيث الهلاك والموت. والمعنى الدعاء عليهم بذلك وهو تعليم من الله تعالى لعباده ان يدعوا
صفحة رقم 136
على الظالمين به اى ليبعد القوم بعدا وليهلكوا وهو بالفارسية [دورى وهلاكى باد مر قوم ستمكارانرا] واللام فى للقوم لبيان من دعى عليهم كاللام فى هيت لك وسقيا لك متعلق بالفعل المحذوف او بقوله قيل اى قيل لاجلهم هذا القول والتعرض لوصف الظلم للاشعار بعليته للهلاك وفيه تعريض بان سالكى مسالكهم فى الظلم والتكذيب يستحقون مثل هذا الإهلاك والدعاء عليهم قال فى المفتاح وختم الكلام ختم اظهار لمكان السخط ولجهة استحقاقهم إياه لان الدعاء بالهلاك بعد هلاكهم. قيل ما نجا من الكفار غير عوج بن عنق كان فى الماء الى حجزته وهو معقد الإزار وكان طوله ثلاثة آلاف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين ذراعا وثلث ذراع وقد عاش ثلاثة آلاف سنة وقد سبق فى سورة المائدة وكان سبب نجاته ان نوحا عليه السلام احتاج الى خشب ساج للسفينة فلم يمكنه نقلها فحملها عوج اليه من الشام فنجاه الله من الغرق بذلك وقد ثبت ايضا ان واحدا من آل فرعون كان يلبس قلنسوة مثل قلنسوة موسى عليه السلام ويسخر منه وقد نجاه الله تعالى من الغرق فى بحر القلزم بمجرد تشبهه الصوري ولو تاب من جنايته لنجا من عذاب الدارين وعن ابى العالية قال لمارست سفينة نوح عليه السلام إذا هو بإبليس على كوثل السفينة اى مؤخرها فقال له نوح ويلك قد غرق اهل الأرض من أجلك قد أهلكتهم قال له إبليس فما اصنع قال تتوب قال فسل ربك هل لى من توبة فدعا نوح ربه فاوحى الله تعالى اليه ان توبته ان يسجد لقبر آدم عليه السلام فقال له نوح قد جعلت لك قال وما هى قال تسجد لقبر آدم قال تركته حيا واسجد له ميتا وفيه اشارة الى ان السجدة لآدم وهو مقبور كالسجدة له وهو غير مقبور إذ الأنبياء عليهم السلام احياء عند ربهم وكذا كمل الأولياء قدس الله أسرارهم كما قال الصائب
مشو بمرك ز امداد اهل دل نوميد
كه خواب مردم آگاه عين بيداريست
والشيطان الرجيم غفل عن هذا فنكل عن قبول الحق الصريح ومثله من ينكر الأولياء او زيارة قبورهم والاستمداد منهم نسأل الله العصمة ونعوذبه من الخذلان اعلم ان القرآن بجميع سوره وآياته معجز فى غاية طبقات الفصاحة والبلاغة لكن بين بعض اجزائه تفاوت بحسب الاشتمال على الخواص والمزايا فان بعض المقام لا يتحمل ما تحمله مقام كلام فوقه من اللطائف والخفايا فمن المرتفع شأنه فى الحسن والقبول هذه الآية الكريمة وهى قوله تعالى وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي الى آخره ولذا لما سمعها من تبوأ اسرّة الفصاحة القحطانية وركب متن البلاغة فى بدوّ الخطب العدنانية من العرب العرباء ومصاقع الخطباء سجدوا لفصاحتها وتططأوا دون سرادقات احاطتها ونسوا قصائدهم المعلقة ورجعوا عن منشآتهم المقررة المحققة ولقد احسن من نبه على التفاوت المذكور وقال على ما هو المشهور
در بيان ودر فصاحت كى بود يكسان سخن
گر چهـ گوينده بود چون جاحظ و چون أصمعي
از كلام ايزد بيچون كه وحي منزلست
كى بود تبت يدا چون قيل يا ارض ابلعي
ألا ترى ان الله سبحانه جعل الأنبياء عليهم السلام متساوية الاقدام فى درجة النبوة وجعل استعدادات أممهم مختلفة فاختلافهم انما هو لمعنى فى نفسهم لا لمعنى فى الذي أرسل إليهم فلما كانت
صفحة رقم 137