آيات من القرآن الكريم

إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْ ۗ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ
ﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭ

وَقَوله: ﴿إِلَّا من رحم رَبك﴾ أَي: لَكِن من رحم رَبك، وهم أهل الْحق لَا يَخْتَلِفُونَ. وَقَوله: ﴿وَلذَلِك خلقهمْ﴾ فِيهِ أَقْوَال:
أَحدهَا: مَا رُوِيَ عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: وللرحمة خلقهمْ. وَهُوَ مَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس. وَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: وللاختلاف خلقهمْ. وَهُوَ أَيْضا مَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس، وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ فِي رِوَايَة أُخْرَى: خلق أهل الْجنَّة للجنة، وَخلق أهل النَّار للنار، وَخلق أهل الشَّقَاء للشقاء، وَخلق أهل السَّعَادَة للسعادة.
وَقَالَ أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام: إِن الَّذِي أختاره فِي معنى الْآيَة: أَنه خلق فريقا للرحمة وفريقا للعذاب. قَالَ: وَعَلِيهِ أهل السّنة.
وَذكر بَعضهم: أَن مَقْصُود الْآيَة هُوَ أَن أهل الْبَاطِل مُخْتَلفُونَ، وَأهل الْحق متفقون، وَخلق أهل الْبَاطِل للِاخْتِلَاف، وَخلق أهل الْحق للاتفاق.
قَالَ النّحاس: وَهَذَا أبين الْأَقْوَال وأسرحها.
وَاسْتدلَّ أَبُو عبيد على مَا زعم من الْمَعْنى بقوله تَعَالَى: ﴿وتمت كلمة رَبك لأملأن جَهَنَّم من الْجنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ﴾ قَالَ: وَمَعْنَاهُ: وَتمّ حكم رَبك لأملأن جَهَنَّم من الْجنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ.
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ - حاكيا عَن الله مُحَاجَّة الْجنَّة وَالنَّار، فَقَالَ للجنة: " أَنْت رَحْمَتي أرْحم بك من شِئْت من عبَادي، وَقَالَ للنار: أَنْت عَذَابي أعذب بك من شِئْت، وَلكُل وَاحِدَة مِنْكُمَا ملؤُهَا ".

صفحة رقم 468

﴿هَذِه الْحق وموعظة وذكرى للْمُؤْمِنين (١٢٠) وَقل للَّذين لَا يُؤمنُونَ اعْمَلُوا على مكانتكم إِنَّا عاملون (١٢١) وَانْتَظرُوا إِنَّا منتظرون (١٢٢) وَللَّه غيب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَإِلَيْهِ يرجع الْأَمر كُله فاعبده وتوكل عَلَيْهِ وَمَا رَبك بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٢٣) ﴾

صفحة رقم 469
تفسير السمعاني
عرض الكتاب
المؤلف
أبو المظفر منصور بن محمد بن عبد الجبار المروزي السمعاني الشافعي
تحقيق
ياسر بن إبراهيم
الناشر
دار الوطن، الرياض - السعودية
سنة النشر
1418 - 1997
الطبعة
الأولى، 1418ه- 1997م
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية