آيات من القرآن الكريم

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ
ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ

(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣)
الإشارة في قوله تعالى: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً) للمذكور من أنباء قوم نوح، وهود، وصالح، وشعيب الآية، أي لدلالة واضحة على قدرة اللَّه تعالى، وإن خوارق العادات فيها دلالة على إرادة الخالق، وأنه فاعل مختار، وأنه قادر على الإعادة كما بدأ الخلق، وأن قدرته ليست بقدرة البشر، وإنها ليست مرتبطة بالأسباب والمسببات كالعباد بل فوق كل شيء، وأنه خالق الأسباب والمسببات، ولكن لَا يدرك هذه الآية إلا من سلمت نفسه من آفات الشك والشرك، وآمن باليوم الآخر، ولم تكن الحياة الدنيا خلب كبده (١)، وكل شيء في حياته، ولذا قال: (لمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ) ومن يخاف الآخرة يؤمن باليوم الآخر وأن بعد هذه الحياة الدنيا حياة آخرة هي الحياة الحقيقية التي يكون فيها البقاء، ويؤمن ثانيا بأن الحياة الآخرة فيها العذاب فيخافه، لأنه محاسب على ما قدمت يداه.
وليس المراد أن هذه آية فقط لهؤلاء الذين يؤمنون باليوم الآخر، ويوم الحساب، ولكن المراد أن الذين يدركون هذه الآية من استقامت نفسه، وعقله وقلبه
________
(١) والخِلْبُ، بالكسر: لُحَيْمَةٌ رقيقة تصل بين الأضلاع، أو الكبد، أو زيادتها، أو حجابها، أو شيء أبيض رقيق لازق بها. القاموس المحيط - فصل الخاء.

صفحة رقم 3751

هم الذين امتلأت قلوبهم إيمانا باليوم الآخر، وأن الإنسان لم يخلق سدى، وأن عمله لَا يذهب هباء منثورا، بل يوم الحساب يترقبه، وهو يخاف، أما الذين ران على قلوبهم هذه المادية الغاشمة فليسوا من هذه الآية في شيء.
وقد وصف اللَّه بعد ذلك اليوم، فذكر أنه يوم الحشر، وقال فيه: (ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لهُ النَّاسُ) أي أن الناس جميعا مجموعون له في أول خلق آدم إلى يوم القيامة، وذلك يوم مشهود يشهد فيه الناس جميعا، وهو مُعَلَّم معروف لأهل المعرفة، وهو مشهود بما فيه من أحداث وحساب وعقاب، وبما ينزل فيه الملائكة صفا، وبما يتجلى فيه رب البرية (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣).
(وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (٤٠) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (٤١) أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ (٤٢).
وإِن ذلك اليوم لآت لَا محالة وإن تأخر فلأجل معدود ولذا قال تعالى:

صفحة رقم 3752
زهرة التفاسير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن أحمد بن مصطفى بن أحمد المعروف بأبي زهرة
الناشر
دار الفكر العربي
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية