آيات من القرآن الكريم

وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ
ﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ

وقَالَ بَعْضُهُمْ: غير تتبيب غير شر، والتتبيب: الشر، والتبّ: الشر والخسران، وهما واحد.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢) أي: هكذا يأخذ كفار هذه الأمة كما أخذ أُولَئِكَ، أي: كما عذبنا الأمم الخالية وهي ظالمة مشركة كافرة، كذلك نعذب هذه الأمة لكن أخر عن هذه الأمة، وفيه رحمة (إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)، أي: أن أخذه بالعذاب أليم شديد، الأخذ نفسه يوصف بالشدة، ولكن لا يوصف بالألم، والعذاب يوصف بالألم، لكن لما وصف بالألم والشدة دل أن الأخذ أخذ بعذاب، والله أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣) هو ما ذكرناه: فيه عبرة لأهل التقوى ولمن خاف عذاب الآخرة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ) خصّ الناس بالذكر وإن كان الجمع لهم ولغيرهم؛ لأن الآية التي ذكر تكون لهم آية، أو لما هم المقصودون بالجمع بذلك اليوم - واللَّه أعلم - قيل: يجمع فيه الأولون والآخرون (وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: يشهده أهل السماء وأهل الأرض للعرض والحساب، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (١٠٤) أي: ما نؤخر العذاب عن هذه الأمة إلا لأجل معدود، وذكر هذا - واللَّه أعلم - جواب ما استعجلوه من العذاب بقولهم: (فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) ونحوه، فقال: وما نؤخر العذاب عنهم إلا لأجل معدود، إلا لوقت موقوت؛ أي: إلا لأجل معدود عند اللَّه، ولو كان ما ذكر ابن عَبَّاسٍ أنه سبعة آلاف فيكون معدودًا عند الناس، ويكون وقت القيامة معلومًا على قوله، وقد أخبر اللَّه: (لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ) واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥) أي: لا تكلم نفس بالشفاعة لأحد إلا بإذنه؛ كقوله: (وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى)، أو لا تكلم نفس لأهوال ذلك اليوم ولفزعه؛ كقوله: (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ

صفحة رقم 183
تأويلات أهل السنة
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي
تحقيق
مجدي محمد باسلوم
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان
سنة النشر
1426
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية