آيات من القرآن الكريم

ذَٰلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ ۖ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ
ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰ

وقد أهلك الحق سبحانه تلك القرى بالعذاب؛ لأنها كذَّبت أنبياءها. والخطاب موجَّه لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لتثبيت فؤاده، والحق سبحانه إنما يبيِّن له أن الكافرين لن يكونوا بمنجىً من العذاب؛ كما أخذ الله سبحانه الأمم السابقة الكافرة بالعذاب.
وقول الحق سبحانه:

صفحة رقم 6665

﴿نَقُصُّهُ عَلَيْكَ﴾ [هود: ١٠٠].
يتطلب أن نفرِّق بين المعنى الشائع عن القصة، والمعنى الحقيقي لها، فبعض الناس يقول: إن القرآن فيه قصص، والقصص عادة تمتلىء بالتوسع، وتوضع فيها أحداث خيالية من أجل الحبكة.
ولهؤلاء نقول: أنتم لم تفهموا معنى كلمة «القصة» في اللغة العربية، لأنها تعني في لغتنا الالتزام الحرفي بما كان فيها من أحداث، فهي مأخوذة من كلمة: «قصّ الأثر»، ومن يقص الأثر إنما يتتبع مواقع الأقدام إلى أن يصل إلى الشيء المراد.
إذن: فقصص القرآن يتقصى الحقائق ولا يقول غيرها، أما ما اصطُلح عليه من عرف العامة أنه قصص، بما في تلك القصص من خيالات وعناصر مشوقة، فهذا ما يُسمَّى لغوياً بالروايات، ولا يُعتبر قصصاً.
وقصص الإهلاك للأمم التي كفرت إنما هو عبرة لمن لا يعتبر، والناس تعلم أن ما رواه القرآن من قصص هو واقع تدل عليه آثار الحضارات التي اندثرت، وبقيت منها بقايا أحجار ونقوش على المقابر.

صفحة رقم 6666

ونحن نجد في آثار الحضارات السابقة ما هو قائم من بقايا أعمدة ونقوش، ومنها ما هو مُحطَّم.
ولذلك يقول الحق سبحانه في موضع آخر من القرآن:
﴿وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ وباليل أَفَلاَ تَعْقِلُونَ﴾ [الصافات: ١٣٧١٣٨].
أي: أنكم تشاهدون من الآثار ما هو قائم وما هو حطيم.
ويقول الحق سبحانه عن تلك القرى: ﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ ولكن ظلموا أَنفُسَهُمْ﴾

صفحة رقم 6667
تفسير الشعراوي
عرض الكتاب
المؤلف
محمد متولي الشعراوي
الناشر
مطابع أخبار اليوم
سنة النشر
1991
عدد الأجزاء
20
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية