آيات من القرآن الكريم

ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ
ﮣﮤ ﮦﮧﮨ ﮪﮫﮬ ﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗﯘ ﯚﯛ ﯝﯞﯟﯠ ﯢﯣﯤﯥﯦ

﴿ أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ ﴾ [آية: ١] يعني شغلكم التكاثر، وذلك أن حيين من قريش من بني عبد مناف بن قصى، وبنى سهم بن عمرو بن مرة بن كعب، كان بينهم لحاء فافتخروا، فعتادى السادة والأشراف، فقال: بنو عبد مناف: نحن أكثر سيداً، وأعز عزيزاً، وأعظم شرفاً، وأمنع جانباً، وأكثر عدداً، فقال بنو سهم لبنى عبد مناف: مثل ذلك فكاثرهم بنو عبد مناف بالأحياء، ثم قالوا: تعالوا نعد أمواتنا، حتى أتوا المقابر يعدونهم، فقالوا: هذا قبر فلان، وهذا قبر فلان، فعد هؤلاء وهؤلاء موتاهم، فكاثرهم بنو سهم بثلاثة أبيات، لأنهم كانوا أكثر عدداً في الجاهلية من بني عبد مناف، فأنزل الله في الحيين ﴿ أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ ﴾ يقول: شغلكم التكاثر عن ذكر الآخرة، فلم تزالوا كذلك ﴿ حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ ﴾ [آية: ٢] كلكم يقول: إلى أن أتيتم المقابر. ثم أوعدهم الله عز وجل، فقال: ﴿ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٣] هذا وعيد ما نحن فاعلون بذلك إذا نزل بكم الموت، ثم قال: ﴿ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ [آية: ٤] وهو وعيد: إذا دخلتم قبوركم، ثم قال: ﴿ كَلاَّ ﴾ لا يؤمنون بالوعيد، ثم استأنف، فقال: ﴿ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ ﴾ [آية: ٥] لا شك فيه ﴿ لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ ﴾ [آية: ٦] لعلمتم أنكم سترون الجحيم في الآخرة ﴿ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ ٱلْيَقِينِ ﴾ [آية: ٧] لا شك فيه، يقول: لترون الجحيم في الآخرة معاينة، والجحيم ما عظم من النار، يقينها رؤية العين، سنعذبهم مرتين، مرة عند الموت، ومرة عند القبر، ثم يردون إلى عذاب عظيم.﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ ﴾ في الآخرة ﴿ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ ﴾ [آية: ٨] يعني كفار مكة كانوا في الدنيا في الخير والنعمة، فيسألون يوم القيامة عن شكر ما كانوا فيه، وأيضاً، فذلك قوله:﴿ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا ﴾[الأحقاف: ٢٠]، وقال: ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ ﴾، وذلك أن الله عز وجل إذا جمع الكفار في النار صرخوا: يا مالك، أضجت لحومنا، وأحرقت جلودنا، وجاعت وأعطشت أفواهنا، وأهلكت أبداننا، فهل إلى خروج يوم واحد من سبيل من النار، فيرد عليهم مالك يقول: لا، قالوا: ساعة من النهار، قال: لا، قالوا: فردنا إلى الدنيا، فنعمل غير الذي كنا نعمل، قال: فينادى مالك، خازن النار، بصوت غليظ جهير، قال: فإذا نادى حسرت النار من فوقه، وسكن أهلها، فيقول: أبشروا فيرجون أن تكون عافية قد أتتهم، ثم يناديهم، يا أهل النار، فيقولون: لبيك، فيقول: يا أهل البلاء، فيقولون: لبيك، فيقول:﴿ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ ٱلدُّنْيَا وَٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ ٱلْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ ﴾[الأحقاف: ٢٠]، يا أهل الفرش والوسائد والنعمة في دار الدنيا، كيف تجدون مس سقر؟ قالوا: يأتينا العذاب من كل مكان، فهل إلى أن نموت ونستريح، قال: فيقول: وعزة ربي لا أزيدكم إلا عذاباً، قال: فذلك قوله: ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ ﴾، يعني الشكر للنعيم الذي أعطاه الله عز جل، فلم يهتد ولم يشكر، يعني الكافر.

صفحة رقم 1592
تفسير مقاتل بن سليمان
عرض الكتاب
المؤلف
أبو الحسن مقاتل بن سليمان بن بشير الأزدي البلخى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية