آيات من القرآن الكريم

وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّىٰ جَاءَهُمُ الْعِلْمُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
ﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫ

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً) يحتمل وجهين:
يحتمل ليكون هلاكك آية، فلا يدعى أحد الربوبية والألوهية مثل ما ادعى هو، أو يقول: (لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً) أي: من شاهدك كذلك غريقًا ملقى كان آية له.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ): قال بعض أهل التأويل: يعني أهل مكة عن آياتنا لغافلون عن هلاك فرعون وقومه لما قالوا: (مَا هَذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى)، و (مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ)، يقول: هم غافلون عما أصاب أُولَئِكَ؛ إذ مثل هذا لا يفترى، أعني: هذه القصص.
ويحتمل (وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ)، أي: كثير منهم كانوا غافلين عما أصابهم، والغفلة تكون على وجهين:
أحدهما: غفلة إعراض وعناد بعد العلم به ومعرفة أن ذلك حق.
والثاني: يغفل بترك النظر والتفكر؛ فكلا الوجهين مذموم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٩٣) قال عامة أهل التأويل: بوأنا أنزلنا بني إسرائيل منزل صدق. وقَالَ بَعْضُهُمْ: (بَوَّأْنَا): هيئنا لبنى إسرائيل، (مُبَوَّأَ صِدْقٍ): مهيأ صدق حسنا؛ كقوله: (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ...) الآية، أي: ثهيئ للمؤمنين.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ) أي: مكناهم تمكين صدق؛ وهو كقوله: (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (٥).
وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ...) الآية، يحتمل ما ذكر من التبوئة التمكين الذي ذكر في هذه الآية وقوله (مُبَوَّأَ صِدْقٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ: منزل صدق، أي: كريم وقال: منزل صدق أي حسن. ويحتمل وجهين آخرين:
أحدهما: أنه وعد لهم أن يمكن لهم في الأرض فأنجز ذلك الوعد، فهو مُبَوَّأَ صِدْقٍ أي تمكين صدق، حيث أنجز ذلك الوعد وصدق الوعد ما ذكر (وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ) الآية.
والثاني: (مُبَوَّأَ صِدْقٍ) أي: مُبَوَّأَ أهل صِدْقٍ لأن الشام كان لم يزل منزل أهل صِدْقٍ،

صفحة رقم 82
تأويلات أهل السنة
عرض الكتاب
المؤلف
محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي
تحقيق
مجدي محمد باسلوم
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت، لبنان
سنة النشر
1426
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية