
المنََاسَبةَ: لّما ذكر تعالى دعاء موسى على فرعون لطغيانه، ذكر هنا ما حدث لفرعون وجنوده من الإِغراق في البحر نتيجة البغي والعدوان، وأن إِيمانه لم ينفعه لأنه إِيمان المضطر، ثم ذكر قصة يونس وتوبة الله تعالى على قومه، وختم السورة الكريمة ببيان حقيقة التوحيد، وأن الإِنسان لا ينجيه عند الله إِلا الإِيمان.
اللغَة: ﴿بَوَّأْنَا﴾ أنزلنا وأسكنّا ﴿الممترين﴾ الشاكّين، امترى: شكَّ وارتاب ﴿فَلَوْلاَ﴾ لولا للتحضيض بمعنى هلاّ ﴿الرجس﴾ العذاب أو السخط ﴿حَنِيفاً﴾ مائلاً عن الأديان الباطلة كلِّها ﴿يَمْسَسْكَ﴾ يصبك ﴿كَاشِفَ﴾ دافع ومزيل يقال: كشف السوء أي أزاله ﴿بِوَكِيلٍ﴾ بحفيظ موكول إِليَّ أمركم.
التفسِير: ﴿وَجَاوَزْنَا ببني إِسْرَائِيلَ البحر﴾ أي قطعنا وعدَّينا ببني إِسرائيل البحر «بحر السويس» حتى جاوزوه ﴿فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً﴾ أي لحقهم فرعونُ مع جنوده ظلماً وعدواناً وطلباً للاستعلاء بغير حق ﴿حتى إِذَآ أَدْرَكَهُ الغرق﴾ أي حتى إِذا أحاط به الغرق وأيقن بالهلاك ﴿قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إله إِلاَّ الذي آمَنَتْ بِهِ بنوا إِسْرَائِيلَ﴾ أي قال عندئذٍ أقررتُ وصدقتُ بأنه لا إِله إِلا اللهُ ربُّ العالمين، الذي آمنت وأقرت به بنو إِسرائيل ﴿وَأَنَاْ مِنَ المسلمين﴾ تأكيدٌ لدعوى الإِيمان أي وأنا ممَّن

أسلم نفسه لله، وأخلص في إِيمانه قال ابن عباس: جعل جبريل عليه السلام في فم فرعون الطين مخافة أن تدركه الرحمة ﴿آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ المفسدين﴾ أي الآن تؤمن حين يئست من الحياة، وقد عصيت الله قبل نزول نقمته بك، وكنتَ من الغالين في الضلال والإِضلال والصدِّ عن دين الله؟ ﴿فاليوم نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ﴾ أي فاليوم نخرجك من البحر بجسدك الذي لا روح فيه ﴿لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً﴾ أي لتكون عبرةً لمن بعدك من الناس، ومن الجبابرة والفراعنة، حتى لا يطغوا مثل طغيانك قال ابن عباس: إِن بعض بني إِسرائيل شكّوا في موت فرعون، فأمر الله البحر أن يلقيه بجسده سوياً بلا روح ليتحققوا موته وهلاكه ﴿وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ الناس عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ﴾ أي معرضون عن تأمل آياتنا لا يتفكرون فيها ولا يعتبرون بها ﴿وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بني إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ﴾ أي أنزلنا وأسكنا بني إِسرائيل بعد إِهلاك أعدائهم منزلاً صالحاً مرضياً ﴿وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ الطيبات﴾ أي اللذائذ الطيبة النافعة ﴿فَمَا اختلفوا حتى جَآءَهُمُ العلم إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ القيامة فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ أي فما اختلفوا في أمر الدين إِلا من بعد ما جاءهم العلم وهو التوراة التي فيها حكم الله، وهذا ذمٌ لهم لأن اختلافهم كان بسبب الدين، والدينُ يجمع ولا يفرّق، ويوحّد ولا يشتت وقال الطبري: كانوا قبل أن يُبعث محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ مجمعين على نبوته، والإِقرار بمبعثه، فلما جاءهم ما عرفوا كفر به بعضهم، وآمن البعض، فذلك اختلافهم ﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ﴾ هذا على سبيل الفرض والتقدير: أي إِن فرض أنك شككت فاسأل قال ابن عباس: لم يشك النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ولم يسأل وقال الزمخشري: هذا على الفرض والتمثيل كأنه قيل: فإِن وقع شكٌ مثلاً، وخيَّل لك الشيطان خيالاً تقديراً فسل علماء أهل الكتاب، وفرقٌ عظيم بين قوله
﴿وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ﴾ [فصلت: ٤٥] بإِثبات الشك على سبيل التأكيد والتحقيق وبين قوله ﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ﴾ بمعنى الفرض والتمثيل وقال بعضهم: الخطاب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والمراد غيره ﴿فَاسْأَلِ الذين يَقْرَءُونَ الكتاب مِن قَبْلِكَ﴾ أي اسأل أهل الكتاب الذين يعرفون التوراة والإِنجيل، فإِن ذلك محقَّق عندهم كما قصصنا عليك، والغرضُ دفع الشك عن قصص القرآن ﴿لَقَدْ جَآءَكَ الحق مِن رَّبِّكَ﴾ أي جاءك يا محمد البيانُ الحق، والخبر الصادق، الذي لا يعتريه شك ﴿فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الممترين﴾ أي فلا تكن من الشاكين المرتابين ﴿وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الذين كَذَّبُواْ بِآيَاتِ الله﴾ أي لا تكذّبْ بشيءٍ من آيات الله ﴿فَتَكُونَ مِنَ الخاسرين﴾ أي فتصبح ممن خسر دنياه وآخرته، قال البيضاوي: وهذا من باب التهييج والتثبيت وقطع أطماع المشركين عنه وقال القرطبي: الخطابُ في هاتين الآيتين للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والمراد غيره ﴿إِنَّ الذين حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ﴾ أي وجبت عليهم كلمة العذاب بإِرادة الله الأزلية ﴿لاَ يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ﴾ أي لا يصدقون ولا يؤمنون أبداً ولو جاءتهم البراهين والمعجزات ﴿حتى يَرَوُاْ العذاب الأليم﴾ أي فحينئذٍ يؤمنون كما آمن فرعون ولكن لا ينفعهم الإِيمان {فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَآ

إِيمَانُهَا} أي فهلا كانت قرية واحدة من القرى التي أهلكناها، ثابتْ عن الكفر وأخلصت الإِيمان عند معاينة العذاب فنفعها إِيمانها في ذلك الوقت ﴿إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ﴾ أي غير قوم يونس ﴿لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخزي فِي الحياة الدنيا﴾ أي لما تابوا عن الكفر وآمنوا بالله رفعنا عنهم العذاب المخزي المهين في الحياة الدنيا ﴿وَمَتَّعْنَاهُمْ إلى حِينٍ﴾ أي أخرناهم إِلى انتهاء آجالهم قال قتادة: روي أن يونس أنذرهم بالعذاب ثم خرج من بين أظهرهم، فلما فقدوا نبيَّهم وظنوا أن العذاب قد دنا منهم، قذف الله في قلوبهم التوبة ولبسوا المُسُوح، فلما عرف الله الصدق من قلوبهم، والتوبة والندم على ما مضى منهم، كشف الله عنهم العذاب ﴿وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأرض كُلُّهُمْ جَمِيعاً﴾ أي لو أراد الله لآمن الناس جميعاً، ولكنْ لم يشأ ذلك لكونه مخالفاً للحكمة، فإِنه تعالى يريد من عباده إِيمان الاختيار، لا إِيمان الإِكراه والاضطرار ﴿أَفَأَنتَ تُكْرِهُ الناس حتى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ﴾ ؟ أي أفأنت يا محمد تُكره الناس على الإِيمان، وتضطرهم إِلى الدخول في دينك؟ ليس ذلك إِليك، والآية تسليةٌ له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وترويحٌ لقلبه مما كان يحرص عليه من إِيمانهم قال ابن عباس: كان النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حريصاً على إِيمان جميع الناس، فأخبره تعالى أنه لا يؤمن إِلا من سبقت له السعادة في الذكّر الأول، ولا يضلُّ إِلا من سبقت له الشقاوة في الذكر الأول ﴿وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله﴾ أي ما كان لأحدٍ أن يؤمن إِلا بإِرادته تعالى وتوفيقه ﴿وَيَجْعَلُ الرجس عَلَى الذين لاَ يَعْقِلُونَ﴾ أي ويجعل العذاب على الذين لا يتدبرون آيات الله، ولا يستعملون عقولهم فيما ينفع ﴿قُلِ انظروا مَاذَا فِي السماوات والأرض﴾ أي قل يا محمد لهؤلاء الكفار: انظروا نظر تفكر واعتبار، ما الذي في السماوات والأرض من الآيات الدالة على وحدانيته وكمال قدرته سبحانه؟ ﴿وَمَا تُغْنِي الآيات والنذر عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ﴾ أي وما تنفع الآيات والإِنذارات قوماً سبق لهم من الله الشقاء ﴿فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الذين خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ﴾ أي فهل ينتظر مشركو مكة إِلا مثل أيام أسلافهم، وما حلَّ بهم من العذاب والنكال؟ ﴿قُلْ فانتظروا إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ المنتظرين﴾ أي قل لهم يا محمد: انتظروا عاقبة البغي والتكذيب إِني من المنتظرين هلاككم ودماركم ﴿ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا والذين آمَنُواْ كَذَلِكَ﴾ أي ثم إِذا نزل العذاب بالمكذبين نُنجّي الرسل والمؤمنين إنجاءً مثل ذلك الإِنجاء ﴿حَقّاً عَلَيْنَا نُنجِ المؤمنين﴾ أي حقاً ثابتاً علينا من غير شك قال الربيع بن أنس: خوَّفهم عذابه ونقمته، ثم أخبرهم أنه إِذا وقع من ذلك أمرٌ أنجى الله رسله والذين آمنوا معه ﴿قُلْ ياأيها الناس إِن كُنتُمْ فِي شَكٍّ مِّن دِينِي﴾ أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين من قومك إِن كنتم في شك من حقيقة ديني وصحته ﴿فَلاَ أَعْبُدُ الذين تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله﴾ أي فلا أعبد ما تعبدون من الأوثان والأصنام التي لا تنفع ولا تضر ﴿ولكن أَعْبُدُ الله الذي يَتَوَفَّاكُمْ﴾ أي ولكني أعبد الله الذي يتوفاكم، وبيده محياكم ومماتكم، قال الطبري: وهذا تعريضٌ ولحنٌ من الكلام لطيف، وكأنه يقول: لا ينبغي لكم أن تشكّوا في ديني، وإِنما ينبغي أن تشكّوا في عبادة الأصنام التي لا تعقل ولا تضر ولا تنفع، فأما إِلهي الذي أعبده فهو الذي يقبض الخلق وينفع
صفحة رقم 557
ويضر ﴿وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المؤمنين﴾ أي وأنا مأمور بأن أكون مؤمناً موحّداً لله لا أشرك معه غيره ﴿وَأَنْ أَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً﴾ أي وأمرتُ بالاستقامة في الدين، على الحنيفية السمحة ملةِ إِبراهيم ﴿وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المشركين﴾ أي ولا تكوننَّ ممن يشرك في عبادة ربه ﴿وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ﴾ تأكيدٌ للنهي المذكور أي ولا تعبدْ غير الله ممّا لا ينفع ولا يضر كالآلهة والأصنام ﴿فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذاً مِّنَ الظالمين﴾ أي فإِن عبدتَ تلك الآلهة المزعومة كنت ممن ظلم نفسه لأنك عرضتها لعذاب الله، والخطابُ هنا للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والمراد غيره كما تقدم ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ﴾ أي وإِن أراد الله إِصابتك بضرُ فلا دافع له إِلا هو وحده ﴿وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ﴾ أي وإِن أراد إِصابتك بنعمة أو رخاء فلا يمنعه عنك مانع ﴿يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ أي يصيب بهذا الفضل والإِحسان من شاء من العباد ﴿وَهُوَ الغفور الرحيم﴾ أي هو سبحانه الغفور لذنوب العباد، الرحيم بأهل الرشاد ﴿قُلْ ياأيها الناس قَدْ جَآءَكُمُ الحق مِن رَّبِّكُمْ﴾ أي جاءكم القرآن العظيم المشتمل على محاسن الأحكام ﴿فَمَنِ اهتدى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ﴾ أي من اهتدى بالإِيمان فمنفعة اهتدائه لها خاصة ﴿وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا﴾ أي ومن ضلَّ بالكفر والإِعراض فوبال الضلال مقصور عليها ﴿وَمَآ أَنَاْ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ﴾ أي ولست بحفيظ أحفظ عليكم أعمالكم إِنما أنا بشيرٌ ونذير ﴿واتبع مَا يوحى إِلَيْكَ﴾ أي اتّبعْ يا محمد في جميع شئونك ما يوحيه إِليك ربك ﴿واصبر حتى يَحْكُمَ الله﴾ أي اصبر على ما يعتريك من مشاقّ التبليغ حتى يقضي الله بينك وبينهم ﴿وَهُوَ خَيْرُ الحاكمين﴾ أي هو سبحانه خير من يفصل في الحكومة، والآية تسلية للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ووعيدٌ للمشركين.
البَلاَغة: ١ - ﴿آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ﴾ الاستفهام للتوبيخ والإِنكار.
٢ - ﴿بَوَّأْنَا... مُبَوَّأَ﴾ يبنهما جناس الاشتقاق.
٣ - ﴿كَلِمَتُ رَبِّكَ﴾ كناية عن القضاء والحكم الأزلي بالشقاوة.
٤ - ﴿ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا﴾ صيغة المضارع حكاية عن الماضي لتهويل أمرها باستحضار صورتها.
٥ - ﴿مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ﴾ بينهما طباق.
٦ - ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ الله بِضُرٍّ... وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ﴾ بين الجملتين مقابلة لطيفة وهي من المحسنات البديعية.
٧ - ﴿فَمَنِ اهتدى... وَمَن ضَلَّ﴾ بينهما طباقٌ.
٨ - ﴿يَحْكُمَ الله... الحاكمين﴾ بينهما جناس الاشتقاق.
فَائِدَة: قال الإِمام الفخر: آمن فرعون ثلاث مرات: أولها قوله ﴿آمَنتُ﴾ وثانيها قوله ﴿لا إله إِلاَّ الذي آمَنَتْ بِهِ بنوا إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ المسلمين﴾ وثالثها قوله ﴿وَأَنَاْ مِنَ المسلمين﴾ فما السبب في عدم قبول إِيمانه؟ والجواب: أنه إِنما آمن عند نزول العذاب، والإِيمانُ في هذا الوقت غير مقبول،

لأنه يصير الحال حال الإِلجاء فلا ينفع التوبة ولا الإِيمان قال تعالى ﴿فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا﴾ [غافر: ٨٥].
تنبيه: قال المفسرون: إِنما نجّى الله بدن فرعون بعد الغرق، لأن قوماً اعتقدوا فيه الإِلهية، وزعموا أن مثله لا يموت، فأراد الله أن يشاهده الخلق على ذلك الذل والمهانة، ليتحققوا موته، ويعرفوا أن الذي كان بالأمس في نهاية الجلالة والعظمة قد آل أمره إِلى الذل والهوان، فيكون عبرة للخلق، وزجراً لأهل الطغيان.