
وقال أبو ذر: " سألت النبي عليه السلام: فقلت: الرجل يعمل لنفسه خيراً، ويحبه الناس. فقال: تلك عاجل بشرى المؤمنين في الدنيا، وفي الآخرة إأذا أخرجوا من قبورهم ".
﴿لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ الله﴾: أي: لا خُلف لوعده. لا بد أن يكون ما قاله تعالى.
﴿ذلك هُوَ الفوز﴾: أي: البشرى في الحياة الدنيا، وفي الآخرة: ﴿هُوَ الفوز العظيم﴾. والفوز: الظَّفر.
قوله: ﴿لِكَلِمَاتِ الله﴾ وقف.
قوله: ﴿وَلاَ يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً﴾ إلى قوله ﴿بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ﴾
والمعنى: ولا يحزنك يا محمد تكذيبهم لك، واستطالتهم عليك.
﴿إِنَّ العزة للَّهِ جَمِيعاً﴾: أي: له عزة الدنيا والآخرة، فهو ينتقم من هؤلاء.
﴿هُوَ السميع العليم﴾: أي: ذو سمع لما يقولون، وما يقول غيرهم، وذو علم

بهم وبغيرهم، ودل هذا النص على أن كل عزيز في الدنيا فالله ( تعالى). أعَزَّه، وكل ذَليل، فالله سبحانه أذله.
ثم قال تعالى: ﴿ألا إِنَّ للَّهِ مَن فِي السماوات وَمَنْ فِي الأرض﴾: أي: له كل شيء. فكيف يعبد هؤلاء غيره؟ فليس يدعون في عبادتهم الأصنام شُرَكاءَ له لأن كل شيء له. ما يتبعون في عبادتهم لها إلا الشك، وما هم إلا يتخرصون والعامل الناصب للشركاء: " يدعون "، ولا يعمل فيه " يتبع " لأنه نفي عنهم. وقد أخبرنا الله أنهم يعبدون الشركاء. ومفعول " يتبع " قام مقامه.
﴿إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن﴾ لأنه هو، فكأنه قال: وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إلا الظن. فالظن مفعول " يتبع "، و " شركاء " مفعول يدعون.
قوله: ﴿هُوَ الذي جَعَلَ لَكُمُ اليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ﴾: أي: تستريحون فيه من

تصرفكم. وجعل النهار مبصراً فيه على النسب بمنزلة ﴿عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ﴾ [الحاقة: ٢١].
﴿إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَسْمَعُونَ﴾: أي: يسمعون هذه الأدلة فيفهمونها، ويتَّعِظون بها.
ثم قال تعالى حكاية عن قوم الكفار: ﴿قَالُواْ اتخذ الله وَلَداً﴾ يعني: قولهم: إن الملائكة بنات الله.
سبحانه: أي تنزيهاً له من ذلك، ومن كل السوء. ﴿هُوَ الغني﴾ أي: الغني عن خلقه، فلا حاجة له إلى ولد.
﴿لَهُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض﴾ أي: يملك جميع ذلك، فأي حاجة له إلى ولد، وكيف يكون عبده ولداً له. وأيضاً: فقد أقررتم أيها الجاهلون أنه لا شبه له، ولا مثل، وعلمتم أن الولد يشبه الوالد، وأنه من جنس والده يكون. فواجب أن يكون الولد الذي ادعيتم مثل الوالد. فقد أوحيتم بذلك أن له مثلاً، وشبيهاً، لأن ولده / مثله. وإذا وجب ذلك زالت عنه صفة ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]. وإذا زالت هذه الصفة عنه، فقد

نقصت صفاته عن الكمال. والناقص محدث، ففي إيجابكم له الولد، إيجابكم أنه محدث، وتعطيل للربوبية، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. لا إله إلا هو، لم يلد ولم يولد، فلا شبيه له ولا مثيل، ولا نظير. ليبس كمثله شيء، لا إله إلا هو. ()
قوله: ﴿إِنْ (عِندَكُمْ) مِّن سُلْطَانٍ بهاذآ﴾: أي: ما عندكم أيها القوم من حجة بقولكم. ﴿أَتقُولُونَ عَلَى الله مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾: أي: لا تعلمون حقيقته، وصحته، فتضيفون ذلك إلا من يجوز إَافته إليه بغير حجة.
ولا برهان.
ثم قال تعالى لنبيه: قل يا محمد: ﴿قُلْ إِنَّ الذين يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكذب﴾: أي: يتخرصون، ويختلقون الكذب على الله. ﴿لاَ يُفْلِحُونَ﴾: أي: " لا يَبْقَوْنَ في الدنيا "، والفَلاَح: البقاء.
﴿مَتَاعٌ فِي الدنيا﴾: أي: لكن لهم متاع في الدنيا.