
(قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠١)
أمر اللَّه نبيه أنْ ينبههم إلى خلق السماوات والأرض، وما يدل عليه، وأن يذكرهم بالوجود وما فيه، وأن العالم المرئي هو السماوات والأرض وما فيهما من عجائب ونظم ونواميس يدبر أمرها ويقوم على وجودها ويسيرها بإرادته، لا تتحرك حركة عن حركة إلا بإذنه سبحانه بديع السماوات والأرض.
(قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، (مَاذَا) استفهام وتنبيه إلى عجائب السماوات وارتباط نجومها وأبراجها برباط محكم لَا يمكن أن يسير نجم في غير مساره، (لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (٤٠)، كل ما في الكون سخره اللَّه للإنسان من ثروات سائلة وجامدة، وما في البحار من كنوز وأحياء، وله الجواري تجري في البحر، بإذنه والرياح العظيمة والناقلة للماء واللقاح.
انظروا ماذا في الأرض والسماء، هل من إله غير اللَّه يسيرهما.
إن ذلك دليل على اللطيف الخبير المنشئ المبدع بإرادته السرمدية قائم على الكون ممسكا له من الزوال. كل ذلك أقره العرب ثم أشركوا، فتعالى اللَّه عما يشركون.

(وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ)، (مَا) نافية، والآيات هي الدلائل التي أشرنا إلى بعضها، والنذر جمع نذير وهو الرسول (... وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ).
والمعنى أنه لَا تنفع الآيات والنذر نفعا فيه غناء عن قوم لَا يؤمنون، أي أن اللَّه سبحانه أقام الآيات كافية وأردفها بالرسل مبشرين ومنذرين ولا ينفع هذا كله قوما لَا يؤمنون، أي قوما ضلوا سواء السبيل وسلكوا طرائق الشيطان، (لَا يُؤْمِنُونَ) ليس من شأنهم الإيمان بل اضطربت عقولهم وقلوبهم ونفوسهم وأنهم لا يفقهم إلا قارعة تنزل بهم فهل ينتظرونها.