آيات من القرآن الكريم

رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً
ﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ ﮤﮥﮦﮧﮨﮩ ﮫﮬﮭ ﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚ ﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬ

- ١ - لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ
- ٢ - رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً
- ٣ - فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ
- ٤ - وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ
- ٥ - وَمَآ أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ
أَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ فَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَالْمُشْرِكُونَ عَبَدَةُ الأوثان والنيران من العرب ومن العجم، قال مُجَاهِدٌ: لَمْ يَكُونُوا ﴿مُنفَكِّينَ﴾ يَعْنِي مُنْتَهِينَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ الحق ﴿حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ أَيْ هَذَا الْقُرْآنُ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ ثُمَّ فَسَّرَ الْبَيِّنَةَ بِقَوْلِهِ: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً﴾ يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يَتْلُوهُ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُوَ مُكْتَتَبٌ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى فِي صحف مطهرة، كقوله تعالى:
﴿فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ * مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بررة﴾، وقوله تعالى: ﴿فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: أَيْ فِي الصُّحُفِ الْمُطَهَّرَةِ كُتُبٌ مِنَ اللَّهِ قِيمَةٌ عَادِلَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ، لَيْسَ فِيهَا خَطَأٌ لِأَنَّهَا مِنْ عند الله عزَّ وجلَّ، وقال قَتَادَةُ ﴿رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفاً مُّطَهَّرَةً﴾ يَذْكُرُ الْقُرْآنَ بِأَحْسَنِ الذِّكْرِ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِأَحْسَنِ الثَّنَاءِ، وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: ﴿فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ مستقيمة معتدلة، وقوله تعالى: ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ البينة﴾ كقوله تَعَالَى: ﴿وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَآءَتْهُمُ البينات وأولئك لَهُمْ عَذَابٌ عظيم﴾، يَعْنِي بِذَلِكَ أَهْلَ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَى الْأُمَمِ قَبْلَنَا، بَعْدَ مَا أَقَامَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْحُجَجَ والبينات تفرقوا،

صفحة رقم 663

وَاخْتَلَفُوا فِي الَّذِي أَرَادَهُ اللَّهُ مِنْ كُتُبِهِمْ، واختلفوا اختلافاً كبيراً، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ مِنْ طُرِقٍ: «أَنَّ الْيَهُودَ اخْتَلَفُوا عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وإن النصارى اختلفوا على اثنين وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَسَتَفْتَرِقُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً»، قَالُوا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «مَا أنا عليه وأصحابي»، وقوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ كَقَوْلِهِ: ﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فاعبدونِ﴾، ولهذا قال: ﴿حُنَفَآءَ﴾ أي متحنفين من الشِّرْكِ إِلَى التَّوْحِيدِ، كَقَوْلِهِ: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطاغوت﴾، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ الْحَنِيفِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا، ﴿وَيُقِيمُواْ الصَّلَاةَ﴾ وَهِيَ أَشْرَفُ عِبَادَاتِ الْبَدَنِ، ﴿وَيُؤْتُواْ الزَّكَاةَ﴾ وَهِيَ الْإِحْسَانُ إِلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَحَاوِيجِ ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ أَيْ الْمِلَّةُ الْقَائِمَةُ الْعَادِلَةُ، أَوِ الْأُمَّةُ الْمُسْتَقِيمَةُ المعتدلة.

صفحة رقم 664
مختصر تفسير ابن كثير
عرض الكتاب
المؤلف
محمد علي بن الشيخ جميل الصابوني الحلبي
الناشر
دار القرآن الكريم، بيروت - لبنان
سنة النشر
1402 - 1981
الطبعة
السابعة
عدد الأجزاء
3
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية