آيات من القرآن الكريم

وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ
ﮥﮦﮧ ﮩﮪﮫ

بَلَى أَيْ رَبِّ] (١).
وَمَعْنَى الْآيَةِ: أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا صَغِيرًا فَقِيرًا حِينَ مَاتَ أَبَوَاكَ وَلَمْ يُخَلِّفَا لَكَ مَالًا وَلَا مَأْوًى، فَجَعَلْتُ لَكَ مَأْوًى تأوي إليه، وضمَّك إِلَى عَمِّكَ أَبِي طَالِبٍ حَتَّى أَحْسَنَ تَرْبِيَتَكَ وَكَفَاكَ الْمُؤْنَةَ.
﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (٧) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (٨) ﴾
﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا﴾ يَعْنِي ضَالًّا عَمًّا أَنْتَ عَلَيْهِ ﴿فَهَدَى﴾ أَيْ: فَهَدَاكَ لِلتَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ.
قَالَ الْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ وَابْنُ كَيْسَانَ: "وَوَجَدَكَ ضَالًّا" عَنْ مَعَالِمَ النُّبُوَّةِ وَأَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ غَافِلًا عَنْهَا، فَهَدَاكَ إِلَيْهَا، [كَمَا قَالَ] (٢) "وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ" (يُوسُفَ -٣) وَقَالَ: "مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ" (الشُّورَى -٥٢).
وَقِيلَ: ضَالًّا فِي شِعَابِ مَكَّةَ فَهَدَاكَ إِلَى جَدِّكَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَرَوَى أَبُو الضُّحَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ضَلَّ فِي شِعَابِ مَكَّةَ وَهُوَ صَبِيٌّ صَغِيرٌ، فَرَآهُ أَبُو جَهْلٍ مُنْصَرِفًا عَنْ أَغْنَامِهِ فَرَدَّهُ إِلَى عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ فِي قَافِلَةِ مَيْسَرَةَ غُلَامِ خَدِيجَةَ فَبَيْنَمَا هُوَ رَاكِبٌ ذَاتَ لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ نَاقَةً إِذْ جَاءَ إِبْلِيسُ فَأَخَذَ بِزِمَامِ النَّاقَةِ فَعَدَلَ بِهِ عَنِ الطَّرِيقِ، فجاء جبريل ١٩٥/أفَنَفَخَ إِبْلِيسَ نَفْخَةً وَقَعَ مِنْهَا إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، وَرَدَّهُ إِلَى الْقَافِلَةِ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ (٣). وَقِيلَ: وَجَدَكَ ضَالًّا [ضَالَّ] (٤) نَفْسِكَ لَا تَدْرِي مَنْ أَنْتَ، فَعَرَّفَكَ نَفْسَكَ وَحَالَكَ. ﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ أَيْ فَقِيرًا فَأَغْنَاكَ بِمَالِ خَدِيجَةَ ثُمَّ بِالْغَنَائِمِ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: [فَأَرْضَاكَ] (٥) بِمَا أَعْطَاكَ مِنَ الرِّزْقِ. وَاخْتَارَهُ الْفَرَّاءُ. وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا عَنْ كَثْرَةِ الْمَالِ وَلَكِنَّ اللَّهَ [أَرْضَاهُ] (٦) بِمَا آتَاهُ وَذَلِكَ حَقِيقَةُ الْغِنَى.

(١) ما بين القوسين ساقط من "أ". قال الهيثمي في مجمع الزوائد: ٨ / ٢٥٤: "رواه الطبراني في "الكبير" ١١ / ٤٥٥ و"الأوسط" وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط". وساقه ابن كثير في التفسير: ٤ / ٥٢٥ - ٥٢٦ من رواية ابن أبي حاتم وأبي نعيم في "دلائل النبوة" وعزاه في كنز العمال: ١١ / ٤٥٦ للحاكم والبيهقي وابن عساكر عن ابن عباس.
(٢) ساقط من "أ".
(٣) عزاهما ابن كثير في التفسير: ٤ / ٥٢٤ للبغوي.
(٤) ساقط من "أ".
(٥) في "ب" فرضاك.
(٦) في "ب" رضاه.

صفحة رقم 456
معالم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
محيي السنة، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي
تحقيق
محمد عبد الله النمر
الناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
سنة النشر
1417
الطبعة
الرابعة
عدد الأجزاء
8
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية