آيات من القرآن الكريم

وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا
ﭜﭝ ﭟﭠﭡ ﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩ ﭫﭬﭭ ﭯﭰﭱ ﭳﭴﭵ ﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃ

سورة الشمس
مكية، وهي مائتان وسبعة وأربعون حرفا وأربع وخمسون كلمة وخمس عشرة آية
أخبرني أبو الحسن محمد بن القاسم الفارسي قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حامد قال:
حدّثنا أبو جعفر محمد بن الحسن الأصبهاني قال: حدّثنا المؤمل بن إسماعيل قال: حدّثنا سفيان الثوري قال: حدّثنا أسلم المنقري عن عبد الله بن عبد الرحمن بن ايزي عن أبيه عن أبيّ بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة وَالشَّمْسِ فكأنّما تصدّق بكلّ شيء طلعت عليه الشمس والقمر» [١٥٣] «١».

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الشمس (٩١) : الآيات ١ الى ١٠]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالشَّمْسِ وَضُحاها (١) وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها (٢) وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (٤)
وَالسَّماءِ وَما بَناها (٥) وَالْأَرْضِ وَما طَحاها (٦) وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (٧) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩)
وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (١٠)
وَالشَّمْسِ وَضُحاها قال مجاهد: ضوؤها. قتادة: هو النهار كلّه. مقاتل: حرّها كقوله سبحانه في طه: وَلا تَضْحى «٢» يعني ولا يؤذيك الحرّ.
وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها تبعها فأخذ من ضوئها وسار خلفها، وذلك في النصف الأوّل من الشهر إذا أغربت الشمس تلاها القمر طالعا.
وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها جلّى الشمس وكشفها بإضاءتها، وقال الفراء وجماعة من العلماء:
يعني والنهار إذا جلى الظلمة، فجازت الكناية عن الظلمة ولم [تذكر في أوله] لأنّ معناها معروف وهو ألا ترى أنّك تقول: أصبحت باردة وأمست عرية وهبّت شمالا فكنّي عن مؤنثات لم يجر لهن ذكر لأنّ معناهنّ معروف.
(١) تفسير مجمع البيان: ١٠/ ٣٦٧.
(٢) سورة طه: ١١٩.

صفحة رقم 212

وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها أي يخشى الشمس حتّى تغيب فتظلم الآفاق «١».
وَالسَّماءِ وَما بَناها أي ومن خلقها، وهو الله سبحانه وتعالى، كقوله: فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ ولا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ «٢»، وقيل: هو ما المصدر أي وبنائها كقوله: بِما غَفَرَ لِي رَبِّي «٣». وَالْأَرْضِ وَما طَحاها خلق ما فيها، عن عطية عن ابن عبّاس والوالبي عنه:
قسمها. غيره بسطها. وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها عدل خلقها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها قال ابن عبّاس برواية الوالبي: يبيّن لها الخير والشرّ.
وقال العوفي عنه: علّمها الطاعة والمعصية. الكلبي: أعلمها ما يأتي وما ينبغي، وقال ابن زيد وابن الفضل: جعل فيها ذلك يعني بتوفيقه إيّاها للتقوى وخذلانه إيّاها للفجور.
أخبرني الحسن قال: حدّثنا موسى قال: حدّثنا عبد الله بن محمد بن سنان قال: حدّثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدّثنا عزرة بن ثابت الأنصاري قال: حدّثنا يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الدؤلي قال ب قال لي عمران بن حصين: أرأيت ما يعمل فيه الناس ويتكادحون فيه؟ أشيء قضى عليهم ومضى عليهم من قدر سبق أو فيما يستقبلون ممّا آتاهم به نبيّهم- صلّى الله عليه- وأكّدت عليهم الحجّة؟ قلت: كلّ شيء قد قضى عليهم. قال: فهل يكون ذلك ظلما؟ قال: ففزعت منه فزعا شديدا وقلت: إنّه ليس شيء إلّا وهو خلقه وملك يده لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ «٤». فقال لي: سدّدك الله، أرأيت ما يعمل الناس فيه ويتكادحون فيه؟ أشيء قضى عليهم من قدر سبق أو فيما يستقبلون ممّا آتاهم به نبيّهم ﷺ وأكّدت به عليهم الحجّة؟
فقال: في شيء قد قضى عليهم. قال: فقلت فيتمّ العمل إذا قال من كان الله سبحانه خلقه لإحدى المنزلتين يهيئه الله لها وتصديق ذلك في كتاب الله عزّ وجلّ: وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها.
قَدْ أَفْلَحَ سعد وفاز، وهاهنا موضع القسم. مَنْ زَكَّاها أي أفلحت نفس زكّاها الله أي أصلحها وطهّرها من الذنوب ووفّقها للتقوى، وَقَدْ خابَ خسرت نفس مَنْ دَسَّاها دسسها الله فأهملها وخذلها ووضع منها وأخفى محلّها حين عمل بالفجور وركب المعاصي، والعرب تفعل هذا كثير فيبدّل في الحرف المشدّد بعض حروفه ياء أو واو كالتقضي والتظنّي وبابهما.

(١) راجع لسان العرب: ١٤/ ١٥٣ لفظة أجلى.
(٢) سورة النساء: ٣.
(٣) سورة يس: ٢٧.
(٤) سورة الأنبياء: ٢٣.

صفحة رقم 213
الكشف والبيان عن تفسير القرآن
عرض الكتاب
المؤلف
أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أو الثعالبي
راجعه
نظير الساعدي
الناشر
دار إحياء التراث العربي، بيروت - لبنان
سنة النشر
1422 - 2002
الطبعة
الأولى 1422، ه - 2002 م
عدد الأجزاء
10
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية