آيات من القرآن الكريم

وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ
ﭽﭾﭿﮀ ﮂﮃﮄﮅ ﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍﮎﮏ ﮑﮒﮓﮔﮕﮖ ﮘﮙﮚﮛ ﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦ ﮨﮩ ﮫﮬ

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى :﴿ لا أقسم بهذا البلد ﴾ قال : مكة ﴿ وأنت حل بهذا البلد ﴾ يعني بهذا النبي ﷺ، أحل الله له يوم دخل مكة أن يقتل من شاء ويستحيي من شاء، فقتل يومئذ ابن خطل صبراً، وهو آخذ بأستار الكعبة، فلم يحل لأحد من الناس بعد رسول الله ﷺ أن يقتل فيها حراماً بحرمة الله، فأحل الله له ما صنع بأهل مكة.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس ﴿ لا أقسم بهذا البلد ﴾ قال : مكة ﴿ وأنت حل بهذا البلد ﴾ قال : أنت يا محمد يحل لك أن تقاتل به، وأما غيرك فلا.
وأخرج ابن مردويه عن أبي بزرة الأسلمي رضي الله عنه قال : فيَّ نزلت هذه الآية ﴿ لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ﴾ خرجت فوجدت عبد الله بن خطل متعلقاً بأستار الكعبة فضربت عنقه بين الركن والمقام.
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال :« لما فتح النبي ﷺ الكعبة أخذ أبو برزة الأسلمي وهو سعيد بن حرب عبد الله بن خطل وهو الذي كانت قريش تسميه ذا القلبين، فأنزل الله ﴿ ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ﴾ [ الأحزاب : ٤ ]، فقدمه أبو برزة فضربت عنقه وهو متعلق بأستار الكعبة، فأنزل الله فيها ﴿ لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ﴾ وإنما كان ذلك لأنه قال لقريش : أنا أعلم لكم علم محمد فأتى النبي ﷺ فقال : يا رسول الله إني أحب أن تستكتبني قال : فاكتب فكان إذا أملى عليه من القرآن، وكان الله عليماً حكيماً كتب، وكان الله حكيماً عليماً، وإذا أملى عليه وكان الله غفوراً رحيماً كتب وكان الله رحيماً غفوراً. ثم يقول : يا رسول الله اقرأ عليك ما كتبت. فيقول : نعم، فإذا قرأ عليه وكان الله عليماً حكيماً أو رحيماً غفوراً قال له النبي ﷺ : ما هكذا أمليت عليك، وإن الله لكذلك إنه لغفور رحيم، وإنه لرحيم غفور. فرجع إلى قريش فقال : ليس آمره بشيء كنت آخذ به، فينصرف فلم يؤمنه، فكان أحد الأربعة الذين لم يؤمنهم النبي ﷺ ».
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ﴿ لا أقسم ﴾ قال : لا رداً عليهم ﴿ أقسم بهذا البلد ﴾.
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ لا أقسم بهذا البلد ﴾ يعني مكة ﴿ وأنت حل بهذا البلد ﴾ يعني رسول الله ﷺ.

صفحة رقم 267

يقول : أنت في حل مما صنعت فيه.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ﴿ وأنت حل بهذا البلد ﴾ يقول : لا تؤاخذ بما عملت فيه وليس عليك فيه ما على الناس.
وأخرج عبد بن حميد عن منصور قال : سأل رجل مجاهداً عن هذه الآية ﴿ لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ﴾ قال : لا أدري، ثم فسرها لي فقال :﴿ لا أقسم بهذا البلد ﴾ الحرام ﴿ وأنت حل بهذا البلد ﴾ الحرام، أحل الله له ساعة من النهار قيل له ما صنعت فيه من شيء فأنت في حل.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير ﴿ لا أقسم بهذا البلد ﴾ قال : مكة.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح ﴿ لا أقسم بهذا البلد ﴾ قال : مكة ﴿ وأنت حل بهذا البلد ﴾ قال : أحلت له ساعة من نهار.
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك مثله.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ لا أقسم بهذا البلد ﴾ قال : مكة ﴿ وأنت حل بهذا البلد ﴾ قال : أنت به غير حرج ولا آثم.
وأخرج عبد بن حميد عن عطية ﴿ لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ﴾ قال : أحلت مكة للنبي ﷺ ساعة من نهار ثم حرمت إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن ﴿ وأنت حل بهذا البلد ﴾ قال : أحلها الله لمحمد ﷺ ساعة من نهار يوم الفتح.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك ﴿ وأنت حل بهذا البلد ﴾ يعني محمداً ﷺ يقول : أنت حل بالحرم فاقتل إن شئت أو دع.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عطاء ﴿ لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ﴾ قال : إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، فهي حرام إلى أن تقوم الساعة، لم تحل لبشر إلا لرسول الله ﷺ ساعة من نهار، ولا يختلي خلاها، ولا يعضد عضاهها، ولا ينفر صيدها، ولا تحل لقطتها إلا لمعرف.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد ﴿ وأنت حل بهذا البلد ﴾ قال : لم يكن بها أحد حلاً غير النبي ﷺ كل من كان بها حرام لم يحل لهم أن يقاتلوا فيها، ولا يستحلوا حرمه.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن شرحبيل بن سعد ﴿ وأنت حل بهذا البلد ﴾ قال : يحرمون أن يقتلوا بها الصيد ويعضدوا بها شجرة ويستحلون اخراجك وقتلك.
وأخرج الحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس ﴿ لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ﴾ قال : أحل له أن يصنع فيه ما شاء ﴿ ووالد وما ولد ﴾ يعني بالوالد آدم ﴿ وما ولد ﴾ ولده.

صفحة رقم 268

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس ﴿ ووالد وما ولد ﴾ قال : الوالد الذي يلد ﴿ وما ولد ﴾ العاقر الذي لا يلد من الرجال والنساء.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني ﴿ ووالد وما ولد ﴾ قال : إبراهيم وما ولد.
وأخرج ابن جرير والطبراني عن ابن عباس في قوله ﴿ لا أقسم بهذا البلد ﴾ قال : مكة ﴿ وأنت حل بهذا البلد ﴾ قال : مكة ﴿ ووالد وما ولد ﴾ قال : آدم ﴿ لقد خلقنا الإِنسان في كبد ﴾ قال : في اعتدال وانتصاب.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله :﴿ ووالد وما ولد ﴾ قال : آدم وما ولد ﴿ لقد خلقنا الإِنسان ﴾ قال : وقع ههنا القسم ﴿ في كبد ﴾ قال : في مشقة يكابد أمر الدنيا وأمر الآخرة ﴿ يقول أهلكت مالاً لبداً ﴾ قال : كثيراً.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ﴿ ووالد وما ولد ﴾ قال : الوالد آدم ﴿ وما ولد ﴾ ولده ﴿ لقد خلقنا الإِنسان في كبد ﴾ قال : في شدة ﴿ يقول أهلكت مالاً لبداً ﴾ قال : كثيراً ﴿ أيحسب أن لم يره أحد ﴾ قال : لم يقدر عليه أحد.
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير ﴿ ووالد وما ولد ﴾ قال : آدم ﴿ وما ولد ﴾، ﴿ لقد خلقنا الإِنسان في كبد ﴾ في نصب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ﴿ لقد خلقنا الإِنسان في كبد ﴾ قال : في شدة.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق عطاء عن ابن عباس ﴿ لقد خلقنا الإِنسان في كبد ﴾ قال : في شدة خلق في ولادته ونبت أسنانه وسوره ومعيشته وختانه.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقسم عن ابن عباس ﴿ لقد خلقنا الإِنسان في كبد ﴾ قال : خلق الله الإِنسان منتصباً، وخلق كل شيء يمشي على أربع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ لقد خلقنا الإِنسان في كبد ﴾ قال : منتصب في بطن أمه.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس في قوله :﴿ لقد خلقنا الإِنسان في كبد ﴾ قال : منتصباً في بطن أمه أنه قد وكل به ملك إذا نامت الأمر أو اضطجعت رفع رأسه لولا ذلك لغرق في الدم.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله :﴿ لقد خلقنا الإِنسان في كبد ﴾ قال : في اعتدال واستقامة. قال : وهل تعرف العرب ذلك؟ قال : نعم أما سمعت قول لبيد بن ربيعة :

يا عين هلاّ بكيت اربد إذ قمنا وقام الخصوم في كبد
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم رضي الله عنه، أحسبه عن عبد الله ﴿ في كبد ﴾ قال : منتصباً.

صفحة رقم 269

وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه ﴿ لقد خلقنا الإِنسان في كبد ﴾ قال : يكابد مضايق الدنيا وشدائد الآخرة.
وأخرج ابن المبارك عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية ﴿ لقد خلقنا الإِنسان في كبد ﴾ قال : لا أعلم خليقة يكابد من الأمر ما يكابد هذا الإِنسان.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه ﴿ لقد خلقنا الإِنسان في كبد ﴾ قال : يكابد أمور الدنيا وأمور الآخرة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه ﴿ في كبد ﴾ قال : شدة وطول.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم رضي الله عنه ﴿ في كبد ﴾ قال : في السماء خلق آدم.
وأخرج أبو يعلى والبغوي وابن مردويه عن رجل من بني عامر رضي الله عنه قال : صليت خلف النبي ﷺ، فسمعته يقرأ ﴿ أيحسب أن لن يقدر عليه أحد أيحسب أن لم يره أحد ﴾ يعني بفتح السين من يحسب.
وأخرج ابن المنذر عن السدي رضي الله عنه ﴿ أيحسب أن لن يقدر ﴾ الآية، قال : الكافر يحسب أن لن يقدر الله عليه ولم يره.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ مالاً لبداً ﴾ قال : كثيراً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله :﴿ أهلكت مالاً لبداً ﴾ قال : أنفقت مالاً في الصد عن سبيل الله ﴿ أيحسب أن لم يره أحد ﴾ قال : الأحد : الله تعالى.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله :﴿ يقول أهلكت مالاً لبداً ﴾ قال : أيمن علينا فما فضلناه أفضل ﴿ ألم نجعل له عينين ﴾ وكذا وكذا.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة ﴿ ألم نجعل له عينين ﴾ قال : نعم من الله متظاهرة يقررنا بها كيما نشكر.
وأخرج ابن عساكر عن مكحول رضي الله عنه قال : قال النبي ﷺ :« يقول الله يا ابن آدم قد أنعمت عليك نعماً عظاماً لا تحصي عدها، ولا تطيق شكرها، وإن مما أنعمت عليك أن جعلت لك عينين تنظر بهما، وجعلت لهما غطاء فانظر بعينيك إلى ما أحللت لك، فإن رأيت ما حرمت عليك فأطبق عليهما غطاءهما، وجعلت لك لساناً وجعلت له غلافاً فانطق بما أمرتك وأحللت لك، فإن عرض لك ما حرمت عليك فأغلق عليك لسانك، وجعلت لك فرجاً وجعلت لك ستراً فأصب بفرجك ما أحللت لك، فإن عرض لك ما حرمت عليك فأرخ عليك سترك. ابن آدم إنك لا تحمل سخطي ولا تستطيع انتقامي ».
أخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله :﴿ وهديناه النجدين ﴾ قال : سبيل الخير والشر.

صفحة رقم 270

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :﴿ وهديناه النجدين ﴾ قال : عرفناه سبيل الخير والشر.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ﴿ وهديناه النجدين ﴾ قال : الهدى والضلالة.
وأخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب رضي الله عنه مثله.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن علي رضي الله عنه أنه قيل له : إن ناساً يقولون : إن النجدين الثديين. قال : الخير والشر.
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة والضحاك رضي الله عنهما مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سنان بن سعيد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله ﷺ :« هما نجدان فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه من طرق عن الحسن رضي الله عنه في قوله ﴿ وهديناه النجدين ﴾ قال : ذكر لنا أن النبي ﷺ كان يقول :« أيها الناس إنما هما نجدان نجد الخير ونجد الشر فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير ». وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال :« يا أيها الناس إنما هما نجدان نجد خير ونجد شر، فما جعل نجد الشر أحب من نجد الخير ».
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن النبي ﷺ قال : فذكر مثله.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ قال :« إنما هما نجدان نجد الخير ونجد الشر، فلا يكن نجد الشر أحب إلى أحدكم من نجد الخير ».
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :﴿ وهديناه النجدين ﴾ قال : الثديين.

صفحة رقم 271
الدر المنثور في التأويل بالمأثور
عرض الكتاب
المؤلف
جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ابن سابق الدين الخضيري السيوطي
عدد الأجزاء
1
التصنيف
كتب التفسير
اللغة
العربية