آيات من القرآن الكريم

فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ ۗ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا ۚ لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ
ﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉ ﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒ

فنزلت الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ يستهزئون بالفقراء احتقارا لما جاءوا به، ويعدونهم من المجانين والحمقى، وقيل: إنهم يلمزون الغنى والفقير، ويسخرون من الجميع سخر الله منهم، وجازاهم بعدله على ذلك العمل جزاء وافيا، ولهم في الآخرة عذاب أليم.
هؤلاء في أعمالهم التي لا تصدر إلا عن قلوب لا تكاد تعرف الإيمان، ولم يدخلها شعاع الإسلام ولن يدخل أبدا، ويقول الله فيهم لنبيه- عليه السلام-: سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم، لن يغفر الله لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة. والمراد:
كثرة الاستغفار لا العدد المحض، فلن يغفر الله لهم أبدا.
والظاهر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يستغفر لهم رجاء أن يتوبوا ويوفقهم الله للخير فأمر بعدم الاستغفار لهؤلاء المنافقين المعينين الذين حكى الله عنهم هذه الأفعال الخبيثة كالتآمر على الفتك بالنبي والهمّ بقتله، ولمز المتصدقين والعيب عليهم، فهؤلاء هم زعماء المنافقين، ورؤساء الشر الذين لا يرجى منهم خير أبدا ولن يعودوا للحق أبدا، وقد ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة، ولذلك علل الله هذا بقوله: ذلك بأنهم كفروا بالله وبرسوله وداموا على هذا مداومة طمست بصائرهم فلن يروا خيرا أبدا، فلا تستغفر لهم.
والله لا يهدى القوم الفاسقين إلى الخير إذ لم يعد لهم استعداد له.
المتخلفون عن الجهاد [سورة التوبة (٩) : الآيات ٨١ الى ٨٢]
فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ (٨١) فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢)

صفحة رقم 913

المفردات:
فَرِحَ الفرح: شعور النفس بالارتياح والسرور. الْمُخَلَّفُونَ: الذين تركهم رسول الله عند خروجه إلى غزوة تبوك. خِلافَ: مصدر كالمخالفة، وقد يراد به معنى بعد وخلف فيكون ظرفا، ويصح المعنيان هنا.
هذه الآيات في بيان حال المتخلفين عن القتال، وما يجب عن معاملتهم، وقد نزلت في أثناء السفر، ولا نزال في الكلام عن المنافقين، وأعمالهم في غزوة تبوك.
المعنى:
فرح المتخلفون من هؤلاء المنافقين الذين تخلفوا عن رسول الله عند خروجه إلى غزوة تبوك، وقعدوا في بيوتهم مخالفين أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قعدوا لأنهم لا يؤمنون أن الغزو خير، وامتثالا لأمر ربهم ورسوله، وقالوا لإخوانهم: لا تنفروا في الحر وتتركوا مهام أعمالكم ومصالحكم.
قل لهم يا محمد: نار جهنم التي أعدت للمخالفين العصاة أشد حرا، فهي تلفح الوجوه وتنضج الجلود، وتنزعها، ولو كانوا يفقهون ذلك ويعتبرون لما خالفوها وعصوا، وآثروا راحة الجسم راحة قليلة على هذا العذاب الدائم، والنار التي أعدت لهم، وكان وقودها الناس والحجارة.
فليضحكوا قليلا، وليبكوا كثيرا، ليس هذا أمر حقيقيا بل يراد به تهديدهم، وبيان أن هذا هو الأجدر بهم على حسب حالهم وما تستوجبه أعمالهم لو كانوا يفقهون ما فإنهم من أجر، وما سيلاقيهم من عذاب وضير، وهذا جزاء لهم بما كانوا يعملون ويكسبون من الجرائم ويقترحون من الآراء.

صفحة رقم 914
التفسير الواضح
عرض الكتاب
المؤلف
محمد محمود حجازي
الناشر
دار الجيل الجديد
سنة النشر
1413
الطبعة
العاشرة
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية