عما كانوا يظهرونه فيما بينهم من أقاويل الكفر والنفاق ومعنى تنبيئها إياهم مع انها معلومة لهم وان المحذور عندهم اطلاع المؤمنين على أسرارهم لا اطلاع أنفسهم عليها انها تذيع ما كانوا يخفونه من أسرارهم فتنتشر فيما بين الناس فيسمعونها من أفواه الرجال فان قلت كيف يحذر المنافقون نزول الوحى الكاشف عن نفاقهم مع انهم ينكرون نبوته عليه السلام فكيف يجوزون نزول الوحى عيله قلت ان بعض المنافقين كانوا يعلمون النبوة لكنهم كانوا يكفرون عند اهل الشرك عنادا وحسدا وبعضهم كانوا شاكين مترددين فى امره صلى الله تعالى عليه وسلم والشاك يجوز نزول الوحى فيخاف ان ينزل عليه ما يفضحه وقال ابو مسلم كان اظهار الحذر منهم بطريق الاستهزاء فانهم كانوا إذا سمعوا رسول الله يذكر كل شىء ويقول انه بطريق الوحى يكذبونه ويستهزئون به بان يقولوا فيما بينهم على وجه الاستهزاء به عليه السلام انا نحدر ونخاف ان ينزل عليه ما يفصحنا ولذلك قيل قُلِ اسْتَهْزِؤُا اى افعلوا الاستهزاء وهو امر تهديد: يعنى [استهزا مكنيد كه جزا خواهيد يافت وجزا آنست كه براى تفضيح شما] إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ اى من القوة الى الفعل او من الكمون الى البروز ما تَحْذَرُونَ اى ما تحذرونه من إنزال السورة او ما تحذرون إظهاره من مساويكم ومن هذا سميت هذه السورة الفاضحة لانها فضحت المنافقين وتسمى ايضا الحافرة لانها حفرت عن قلوب المنافقين وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ عما قالوا بطريق الاستهزاء لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ فى الكلام ونتحدث كما يفعل الركب لقطع الطريق بالحديث وَنَلْعَبُ كما يلعب الصبيان- روى- انه عليه الصلاة والسلام كان يسير فى غزوة تبوك وبين يديه ركب من المنافقين يستهزئون بالقرآن وبالرسول عليه السلام ويقولون انظروا الى هذا الرجل يريد ان يفتتح حصون الشام وقصوره وهيهات هيهات يحسب محمد أن قتال بنى الأصفر معه اللعب والله لكأنهم يعنى الصحابة غدا مفرقون فى الجبال فاطلع الله نبيه على ذلك فقال (احبسوا علىّ الركب) فاتاهم فقال (قلتم كذا وكذا) فقالوا يا نبى الله لا والله ما كنا فى شىء من أمرك ولا من امر أصحابك انما كنا نخوض ونلعب فلما أنكروا ما هم فيه من الاستهزاء والتخفيف امر الله تعالى رسوله فقال قُلْ يا محمد على طريق التوبيخ غير ملتفت الى اعتذارهم أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ عقب حرف التقرير بالمستهزأ به اشارة الى تحقق الاستهزاء وثبوته فانه فرق بين ان يقال تستهزئ بالله وبين ان يقال أبا لله تستهزئ فان الاول يقتضى الإنكار على ملابسة الاستهزاء والثاني يقتضى الإنكار على إيقاع الاستهزاء فى الله لا تَعْتَذِرُوا لا تشتغلوا بالاعتذار فانه معلوم الكذب بين البطلان والاعتذار عبارة عن محواثر الذنب قال فى التبيان اصل الاعتذار القطع يقال اعتذرت اليه اى قطعت ما فى قلبه من الموجدة قَدْ كَفَرْتُمْ الكفر بأذى الرسول والطعن فيه بَعْدَ إِيمانِكُمْ اى بعد اظهاركم له فانهم قط لم يكونوا مؤمنين ولكن كانوا منافقين إِنْ نَعْفُ [اگر عفو كنيم] عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ لتوبتهم وإخلاصهم او لتجنبهم عن الاذية والاستهزاء نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ اى بسبب انهم كانُوا مُجْرِمِينَ مصرين على الاجرام وهم غير التائبين او مباشرين له وهم غير المجتنبين واعتذر النبي عليه السلام لمن قال ألا تقتلهم لظهور كفرهم
صفحة رقم 459
بقوله اكره ان تقول العرب قاتل أصحابه بل يكفيناهم الله بالدبيلة اى بالداهية وفى الآيات إشارات الاولى ان المنافقين وان اعتقدوا نزول الوحى على النبي عليه السلام واعتقدوا نبوته لكن لم ينفعهم مجرد الاعتقاد والإقرار باللسان فى ثبوت الايمان مع ادنى شك داخلهم ولم ينفعهم الحذر مع القدر وهذا تحقيق قوله (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) وفى هدية المهديين من قال آمنت بجميع الأنبياء ولا اعلم أآدم نبى أم لا يكفرو من لم يعرف ان سيدنا محمدا عليه السلام خاتم الرسل لا نسخ لدينه الى يوم القيامة لا يكون مؤمنا والثانية ان اظهار اللطف والرحمة بلا سبب محتمل ولكن اظهار القهر والفرق لا يكون الا بسبب جرم من المجرمين كما قال بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ: وفى المثنوى
چونكه بد كردى بترس ايمن مباش
زانكه تخمست وبروياند خداش
چند گاهى او بپوشاند كه تا
آيدت زان بد پشيمان وحيا
بارها پوشد پى اظهار فضل
باز گيرد از پى اظهار عدل
تا كه اين هر دو صفت ظاهر شود
آن مبشر گردد اين منذر شود
والثالثة ان الاستهزاء بالله وبرسوله وبالآيات القرآنية كفر والاستهزاء استحقار الغير بذكر عيوبه على وجه يضحك قولا او فعلا وقد يكون الاستهزاء بالاشارة والايمان وبالضحك على كلامه إذا تخبط فيه او غلط او على صنعته ونحو ذلك وهو حرام بالإجماع معدود من الكبائر عند البعض كما قال علاء الدين التركستانى فى منظومته العادّة لكبائر الذنوب وهى سبعون
ويل لمن من الأنام يسخر
مقامه يوم الجزاء سقر
وفى الحديث (ان المستهزئين بالناس يفتح لاحدهم فى الآخرة باب من الجنة فيقال له هلم هلم فيجيىء بكربه وغمه فاذا جاء اغلق دونه ثم يفتح له باب آخر فيقال له هلم هلم فيجيىء بغمه وكربه فاذا جاء اغلق دونه فما يزال كذلك حتى ان أحدهم ليفتح له الباب من أبواب الجنة فيقال له هلم فلما يأتيه من الإياس) وفى الحديث (ثلاثة لا يستخف بهم الا منافق ذو الشيبة فى الإسلام وذو العلم وامام مقسط) كما فى الترغيب والترهيب للامام المنذرى وانما خص هذه الثلاثة لان اوصافهم راجعة الى أوصاف الله تعالى فذو الشيبة حصل له كبر السن والباري له الكبرياء والعالم اتصف بصفة العلم والامام المقسط اتصف بصفة العدل وهما من صفات الله تعالى ايضا فمن إجلال الله تعالى وإكرامه إجلال هذه الثلاثة وإكرامهم ومن استخفافه استخفافهم وفى الحديث (ارحموا عزيز قوم ذل وغنى قوم افتقر وعالما بين الأقوام الجهال لا يعرفون حقه)
گفت پيغمبر كه با اين سه گروه
رحم آريد ارنه سنگيدونه كوه
آنكه او بعد از عزيزى خوار شد
وان توانكر هم كه بي دينار شد
وان سوم آن عالمى كاندر جهان
مبتلا گردد ميان ابلهان
زانكه از عزت بخوارى آمدن
همچوقطع عضو باشد از بدن
عضو گردد مرده كز تن وا بريد
كو بريده جنبد اما نى مديد
ومن تعظيم الرسول تعظيم أولاده- قيل- ركب زيد بن ثابت رضى الله عنه فدنا ابن عباس
صفحة رقم 460
لان قوله فاستمتعوا بخلاقهم ذم للاولين بالاشتغال بالحظوظ الفانية وذمهم بذلك تمهيد لذم المخاطبين بسلوكهم سبيل الأولين وتشبيه حالهم بحالهم وَخُضْتُمْ اى دخلتم فى الباطل وشرعتم فيه كَالَّذِي اى كالفوج الذي خاضُوا ويجوز ان يكون أصله الذين حذفت النون تخفيفا أُولئِكَ الموصوفون بما ذكر من الافعال الذميمة من المشبهين والمشبه بهم والخطاب لرسول الله او لكل من يصلح للخطاب حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ التي كانوا يستحقون بها الأجور لو قارنت الايمان مثل الانفاق فى وجوه الخير وصلة الرحم وغير ذلك اى ضاعت وبطلت بالكلية ولم يترتب عليها اثر فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ. اما فى الآخرة فظاهر. واما فى الدنيا فلأن ما يترتب على أعمالهم فيها من الصحة والسعة وغير ذلك حسبما ينبىء عنه قوله تعالى مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ ليس ترتيبه عليها على طريق المثوبة والكرامة بل بطريق الاستدراج وَأُولئِكَ الموصوفون بحبوط الأعمال فى الدارين هُمُ الْخاسِرُونَ الكاملون فى الخسران فى الدارين الجامعون لمباديه وأسبابه طرا فانه قد ذهبت رؤوس أموالهم فيما ضرهم ولم ينفعهم قط ولو انها ذهبت فيما لا يضرهم ولا ينفعهم لكفى به خسرانا: قال السعدي قدس سره
قيامت كه بازار مينو نهند
منازل باعمال نيكو نهند
بضاعت بچندان كه آرى برى
اگر مفلسى شرمسارى برى
كه بازار چندانكه آكنده تر
تهى دست را دل پراكنده تر
أَلَمْ يَأْتِهِمْ اى المنافقين نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ اى خبرهم الذي له شأن وهو ما فعلوا وما فعل بهم والاستفهام للتقرير والتحذير اى قد اتاهم خبر الأمم السالفة وسمعوه فليحذروا من الوقوع فيما وقعوا قَوْمِ نُوحٍ اغرقوا بالطوفان وهو بدل من الذين وَعادٍ اهلكوا بريح صرصر وَثَمُودَ اهلكوا بالرجفة والصيحة وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ أهلك نمرود ببعوضة وأهلك أصحابه بالهدم وَأَصْحابِ مَدْيَنَ اى واهل مدين وهم قوم شعيب اهلكوا بالنار يوم الظلة ومدين هو مدين بن ابراهيم نسبت القربة اليه وَالْمُؤْتَفِكاتِ الظاهر انه عطف على مدبن وهى قريات قوم لوط ائتفكت بهم اى انقلبت بهم فصار عاليها سافلها وامطروا حجارة من سجيل أَتَتْهُمْ اى جميع من تقدم من المهلكين رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ اى بالحجج والبراهين فكذبوهم فاهلكهم الله فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ اى لم يكن من عادته ما يشابه ظلم الناس كالعقوبة بلا جرم وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ حيث عرضوها للعقاب بالكفر والتكذيب: قال الصائب
چرا زغير شكايت كنم كه همچوحباب
هميشه خانه خراب هواى خويشتنم
فعلى العاقل ان لا يغتر بالقوة والأولاد والأموال فان كلها فى معرض الزوال: قال الحافظ
ببال و پر مرو از ره كه تير پرتابى
هوا گرفت زمانى ولى بخاك نشست
يعنى لا تغتر بقدرتك وقوتك البدنية والدنيوية ولا تخرج بسببها عن الصراط المستقيم فان حالك مشابه لحال السهم فانه وان علا على الهواء زمانا لكنه يسقط على الأرض فآخر كل علو هو
صفحة رقم 462