
﴿نُعَذِّبْ طَآئِفَةً﴾ بقولهم ورضاهم بالكفر، واستهزائهم بالله سبحانه، ورسوله ﷺ، وآياته.
وقيل: المعنى: إن تتب طائفة منكم، يعف الله تعالى، عنها، تعذب طائفة بترك التوبة.
قال أبو أسحاق: كانت الطائفتان ثلاثة نفر، استهزأ اثنان، وضحك واحد.
﴿بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ﴾.
أي: باكتسابهم الجرم، وهو الكفر بالله، سبحانه، والطعن على رسوله عليه السلام.
قوله: ﴿المنافقون والمنافقات بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ﴾ إلى قوله: ﴿هُمُ الخاسرون﴾.
هذا الكلام متصل بقوله: ﴿وَيَحْلِفُونَ بالله إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ﴾ [التوبة: ٥٦]، أي: ليسوا من المؤمنين، ولكن ﴿بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ﴾، أي: متشابهون في الأمر بالمنكر، والنهي عن المعروف، وقبض أيديهم عن الجهاد..
﴿نَسُواْ الله فَنَسِيَهُمْ﴾.

أي: تركوا الله فتركهم، أي تركوا أمره، فتركهم من رحمته وتوفيقه.
﴿إِنَّ المنافقين هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
أي: هم الخارجون عن الإيمان بالله ورسوله، عليه السلام.
وعدهم الله: ﴿نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا﴾، أبداً، أي: ماكثين، لا يحيون ولا يموتون.
﴿هِيَ حَسْبُهُمْ﴾.
أي: كافيتهم عقاباً على كفرهم.
﴿وَلَعَنَهُمُ الله﴾.
أي: أبعدهم من رحمته.
﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾.
أي: للفريقين من أهل الكفر والنفاق ﴿عَذَابٌ مُّقِيمٌ﴾، أي: دائم لا ينقطع ولا يزول.
﴿هِيَ حَسْبُهُمْ﴾، وقف عند نافع.

وقوله: ﴿كالذين﴾.
في موضع نصب نعت/ لمصدر محذوف، والمعنى: وعد الله هؤلاء بكذا وعداً، كما وعد الذين من قبلهم.
فعلى هذا لا يوقف على ما قبل " الكاف ".
ومثله: ﴿كالذي خاضوا﴾، [أي: خوضاً كما الذي خاضوا].
والمعنى عند الطبري: قل لهم، يا محمد، ﴿أبالله وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ﴾، ﴿كالذين مِن قَبْلِكُمْ﴾، فعلوا كفعلكم، فأهلكهم الله، وأعد لهم العقوبة والنكال في

الآخرة، فقد ﴿كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ [قُوَّةً]﴾، أي: بطشاً، وأكثر منكم أموالاً، ﴿فاستمتعوا بِخَلاقِهِمْ﴾، أي: بنصيبهم من دنياهم، كما استمتعتم، أيها المنافقون، ﴿بِخَلاَقِكُمْ﴾، أي: بنصيبكم من دنياكم، ﴿وَخُضْتُمْ﴾ مثل خوضهم.
وهذا يدل على أن " الكاف " في موضع نصب، نعت لمصدر " يستهزءون ".
وقد قال النبي ﷺ، في هذا المعنى: " لتأخُذنَّ كما أخذت الأُمم من قبلكم، ذراعاً بذراع، وشبراً بشبر، وباعاً بباع، حتى لو أنَّ أحداً دخل جُحْرَ [ضَبٍّ] لَدَخَلْتُمُوه "، رواه عنه أبو هريرة:
ثم قال أبو هريرة: اقرأوا إن شئتم: ﴿كالذين مِن قَبْلِكُمْ﴾، الآية.
قال أبو هريرة: " الخَلاَق ": الدِّينُ.