
وسمانا. أو صحاحا ومراضا. وعن ابن أمّ مكتوم أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أعلىّ أن أنفر؟ قال: نعم، حتى نزل قوله لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ. وعن ابن عباس: نسخت بقوله لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وعن صفوان بن عمرو: كنت والياً على حمص، فلقيت شيخاً كبيراً قد سقط حاجباه من أهل دمشق على راحلته يريد الغزو. فقلت: يا عمّ لقد أعذر الله إليك فرفع حاجبيه وقال: يا بن أخى استنفرنا الله خفافا وثقالا، إلا أنه من يحبه الله يبتله. وعن الزهري: خرج سعيد بن المسيب إلى الغزو وقد ذهبت إحدى عينيه، فقيل له: إنك عليل صاحب ضرر، فقال: استنفرنا الله الخفيف والثقيل، فإن لم يمكني الحرب كثرت السواد وحفظت المتاع وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ إيجاب للجهاد بهما إن أمكن، أو بأحدهما على حسب الحال والحاجة
[سورة التوبة (٩) : آية ٤٢]
لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (٤٢)
العرض: ما عرض لك من منافع الدنيا. يقال: الدنيا عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر، أى لو كان ما دعوا إليه غنما قريبا سهل المنال وَسَفَراً قاصِداً وسطا مقاربا الشُّقَّةُ المسافة الشاطة الشاقة. وقرأ عيسى بن عمر: بعدت عليهم الشقة، بكسر العين والشين.
ومنه قوله:
يَقُولُونَ لَا تَبْعُدْ وَهُمْ يَدْفِنُونَهُ | وَلَا بُعْدَ إلّا مَا تُوَارِى الصَّفَائِحُ «١» |
ومعنى الاستطاعة: استطاعة العدّة، أو استطاعة الأبدان، كأنهم تمارضوا. وقرئ: لو استطعنا،
واستعمل «ما» في العاقل، لأن المراد بها الوصف. أو المراد بها الأجسام والأشباح مجردة عن الإدراكات والأرواح. والصفائح: أحجار عراض يسقف بها القبر، أى البعيد، حقيقته هو ما يستره القبر، كناية عن موته.