آيات من القرآن الكريم

يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ ۖ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ
ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢ

تؤدَّى زكاته فهو كنز وإن كان ظاهراً على وجه الأرض، وإلى هذا المعنى ذهب الجمهور. فعلى هذا، معنى الإنفاق: إخراج الزكاة. والثاني: أنه ما زاد على أربعة آلاف، روي عن علي بن أبي طالب أنه قال: أربعة آلاف نفقة، وما فوقها كنز. والثالث: ما فضل عن الحاجة، وكان يجب عليهم إخراج ذلك في أول الإسلام ثم نُسخ بالزكاة.
فان قيل: كيف قال: «ينفقونها» وقد ذكر شيئين؟ فعنه جوابان:
أحدهما: أن المعنى: يرجع إلى الكنوز والأموال.
والثاني: أنه يرجع إلى الفضة، وحذُف الذهب، لأنه داخل في الفضة، قال الشاعر:

نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وأنْتَ بِمَا عندك راضٍ والرأي مختلفُ «١»
يريد: نحن بما عندنا راضون، وأنت بما عندك راضٍ، ذكر القولين الزجاج. وقال الفراء: إن شئت اكتفيت بأحد المذكورين، كقوله تعالى: وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً
«٢»، وقوله تعالى: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها «٣»، وأنشد:
إني ضمنت لمن أتاني ما جَنَى وأبى وكان وكنت غير غَدورِ «٤»
ولم يقل: غدورين، وإنما اكتفى بالواحد لاتفاق المعنى. قال أبو عبيدة: والعرب إذا أشركوا بين اثنين قصروا، فخبَّروا عن أحدهما استغناء بذلك، وتحقيقاً لمعرفة السامع بأن الآخر قد شاركه، ودخل معه في ذلك الخبر، وأنشد:
فمن يك أمسى بالمدينة رحْلُهُ فاني وقيَّارٌ بها لغريب «٥»
والنصب في «قيار» أجود، وقد يكون الرفع. وقال حسان بن ثابت:
إنَّ شرخَ الشبابِ والشّعر الأس ود ما لم يعاص كان جنونا «٦»
ولم يقل: يعاصيا.
[سورة التوبة (٩) : آية ٣٥]
يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا ما كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (٣٥)
قوله تعالى: يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها أي: على الأموال.
(٦٩٥) قال ابن مسعود: والله ما من رجل يُكوى بكنز، فيوضعُ دينار على دينار ولا درهم على
موقوف صحيح. أخرجه الطبري ١٦٦٩٧ و ١٦٦٩٨ والطبراني ٨٧٥٤ عن ابن مسعود موقوفا وهو صحيح.
__________
(١) البيت قائله عمرو بن امرئ القيس «معاني القرآن» ١/ ٤٣٤.
(٢) سورة النساء: ١١٢.
(٣) سورة الجمعة: ١١. [.....]
(٤) البيت غير منسوب في «معاني القرآن» ١/ ٤٣٤.
(٥) البيت منسوب إلى ضابئ بن الحارث البرجمي وهو في «الأصمعيات» ١٦. «اللسان» قير.
(٦) البيت منسوب إلى حسان بن ثابت ديوان ٣١٢ «اللسان» شرخ.
الشرخ: الحد. أي غاية ارتفاعه، يعني بذلك أقصى قوته ونضارته وعنفوان.

صفحة رقم 255
زاد المسير في علم التفسير
عرض الكتاب
المؤلف
جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي
تحقيق
عبد الرزاق المهدي
الناشر
دار الكتاب العربي - بيروت
سنة النشر
1422
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية