
تفسير سورة براءة
قوله: ﴿بَرَآءَةٌ﴾، مبتدأ والخبر: ﴿إِلَى الذين﴾، وحَسُنَ الابتداء بِنَكِرَةٍ، لأنها موصوفة.
ويجوز أن تكون رفعت على إضمار مبتدأ، أي: هذه براءة.

يقال: بَرِئْتُ من العهد براءةً، وبَرِئْتُ من المرض وبَرَأْتُ [أيضاً] بُرْءاً، وَبَرَئْتُ القلم بَرْياً، غير مهموز مفتوح وأَبْرَيْتُ الناقة: جعلت في أنفها بُرَةً وهي حلقة من حديد.
وسورة " براءة " من آخر ما نزل بالمدينة، ولذلك قلّ المنسوخ فيها.

ويدل على ذلك أن ابن عباس قال لعثمان، رضي الله عنهما: ما حملكم على أن عمدتم إلى " الأنفال " وهي من المثاني، وإلى " براءة " وهي من المئين ففرقتم بينهما، ولم تكتبوا بينهما: " بسم الله الرحمن الرحيم " ووضعتموهما في السبع الطُّوَل؟ فقال: كان رسول الله ﷺ، تنزل عليه السور ذوات العدد، فإذا نزلت عليه الآية قال: " اجعلوها في سورة كذا وكذا "، وكانت " الأنفال " من أول ما نزل بالمدينة، وكانت " براءة " من آخر ما نزل، وكانت قصتها تشبه قصتها، ولم يبين لنا رسول الله ﷺ، في ذلك شيئاً، فلذلك فرق بينهما ولم يكتب بينهما سطر " بسم الله الرحمن الرحيم ".
صفحة رقم 2905
ورُوي أن عثمان قال: ظننت أنها منها. وكانت تُدْعَيَانِ في زمن رسول الله ﷺ: القرينتَين، فلذلك جعلتهما في السبع الطُّوَلِ.
ففي قول عثمان هذا: دليل على أن تألييف القرآن عن الله، تعالى، وعن رسول الله ﷺ، كان، ويدل على أن ترتيب السورة على ما في المصحف إنما كان على اجتهاد من عثمان وأصحابه، ألا ترى إلى قول ابن عباس له: ما حملكم على كذا وكذا؟ يدل على أنهم هم رتبوا السورة، وأن تأليف السور إلى تمام كل سورة كان على تعليم النبي ﷺ إياهم ذلك.
وقد صح أن أبيَّ [بن] كعب، وزيد بن ثابت ومعاذ بن جبل، وأبا زيد عم

أنس، كانوا قد جمعوا القرآن على عهد النبي ﷺ.
قال الشعبي: وأبو الدرداء حفظ القرآن على عهد النبي ﷺ، ومُجَمَّع ببن جارية، بقيت [عليه] سورتان [أَ] وْ ثلاث. قال: ولم يحفظ القرآن أحد من الخلفاء إلا عثمان.

وحفظ سالم مولى أبي حذيفة القرآن في عهد النبي ﷺ إلا شيئاً بقي عليه.
فهذا يدل على أنه كان مؤلفاً؛ لأن هؤلاء لم يحفظوه إلا وهو مؤلَّف مرتَّبٌ عن النبي ﷺ، عن جبريل، صلوات الله عليه، جل ذكره.
وقال أبي بن كعب: آخر ما نزل " براءة " وكان رسول الله ﷺ يأمر في أول كل سورة بـ: " بسم الله الرحمن الرحيم "، ولم يأمر في سورة " براءة " بشيء، فلذلك ضُمّت إلى سورة " الأنفال "، وكانت أولى بها لشبهها بها.
وقال رسول الله ﷺ: " أُعطيت السبع الطّول مكان التوراة وأعطيت المِئِينَ مكان الزَّبور، وأعطيت المثاني مكان الإنجيل، وفُضِّلْتُ بالمفصّل ".
فهذا الترتيب يدل على أن التأليف/ كان معروفاً عند رسول الله [ ﷺ]، وبذلك

أتى لفظه، عليه السلام.
ومعنى: ما رُوِيَ: أن عثمان أمر زيد بن ثابت أن يجمع القرآن، وأنه ضم إليه جماعة، أنه إنما (أمر) بجمعه في المصحف ليرسل به إلى الأمصار، لا أنه كان غير مؤلف ثم ألفه، هذا ما لا يجوز، لأن تأليفه من المعجز، لا يكون إلا عن الله تعالى.
وقد قيل: إنما أمر بجمعه على حرفٍ واحدٍ؛ لأنهم كانوا قد وقع بينهم الخلاف لاختلاف اللغات السبعة الي بها نزل القرآن، فأراد عثمان أن يختار حرفاً واحداً، هو أفصحها ليثبته في المصحف، وإنما خص عثمان زيد بن ثابت لجمعه دون غيره ممن هو أفضل منه؛ لأنه كان يكتب الوحي للنبي ﷺ.
واختلف في الحرف الذي كتب عليه المصحف فقيل: حرفُ زيد بن ثابت.

وقيل: حرفُ أُبَي بن كعب؛ لأن قراءته كانت على [آخر] عَرْضةٍ عرضها النبي على جبريل عليهما السلام.
وعلى الأول أكثر الرواة.
ومعنى: حرف زيد، أي: روايته وطريقته.
" فَلْيَقْرَأْه بقراءة ابن أُمِّ عبد "، يعني: ابن مسعود. فإنه إنما أراد به ترتيل ابن مسعود، وذلك أنه كان يرتل القرآن إذا قرأه، فخصه النبي ﷺ بهذا الوصف لترتيله لا غير ذلك.

قال الحسين بن علي الجعفي: فقراءة عبد الله هي قراءة الكوفيين؛ لأن عمر رضي الله عنهـ، بعث به إلى الكوفة ليعلمهم، فأخذت عنه قراءته قيل أن يجمع الناس عثمان على حرف واحد، ثم لم تزل في أصحابه ينقلها الناس عنهم.
وأصحابه منهم: علقمة، والأسود بن يزيد، ومسروق بن الأجدع، وزِرُّ

ابن حُبَيْش، وأبو وائل، وأبو عمرو الشيباني وعبيدة، وغيرهم.
فلما جمع عثمان الناس على حرف واحد، كان أول من قرأ به بالكوفة أبو عبد الرحمن السَّلّمِي: عبد الله بن حبيب، فأقرأ بجامع الكوفة أربعين سنة، إلى أن توفي، C، في إمارة الحجاج. وقد أخذ القرآن عن عثمان، وعن علي، وعن ابن

مسعود، وزيد، وأُبي. وكان قر قرأ على علي، وقرأ عليه علي، وهو يمسك المصحف. وأقرأ هو الحسن والحسين. فلما مات أبو عبد الرحمن خلفه عاصم. وكان عاصم أخذ عن أبي عبد الرحمن، وعرض على زِرٍ.
وكان زر قد قرأ علي ابن مسعود.
ثم انتهت قراءة ابن مسعود إلى الأعمش. وقرأ حمزة على الأعمش بالكوفة، وقرأ أيضاً حمزة على ابن أبي ليلى، وعلى حُمران بن أعين، وقرأ

حُمران على عُبَيد الله بن نُضَيْلَة، وقرأ عبيد الله على علقمة.
وقرأ علقمة على ابن مسعود، وقرأ ابن مسعود على النبي ﷺ.
وقرأ أيضاً حمران على أبي الأسود وقرأ أبو الأسود على علي.
وقد قال المبرد: إنما لم تكتب " بسم الله الرحمن الرحيم " قبل " براءة "؛ لأن " بسم

الله الرحمن الرحيم " خير، و " براءة " أولها وعيد [و] نقض للعهود.
وعن عاصم أنه قال: " بسم الله الرحمن الرحيم " لم تكتب أول " براءة "؛ لأنها رحمة و " براءة " عذاب.
قوله: ﴿إِلَى الذين عَاهَدْتُمْ﴾.
إنما ذلك، لأن عقد النبي على أمته كعقدهم لأنفسهم.
وهؤلاء الذين بَرِئَ الله تعالى، ورسوله ﷺ، إليهم من العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله ﷺ، وأذن لهم في السياحة في الأرض أربعة أشهر، جنس من المشركين كان مدة العهد بينهم وبين رسول الله ﷺ، أقل من أربعة أشهر، وأُمهلوا بالسياحة تمام أربعة أشهر (ليرتاد كل واحد). والجنس الآخر كما عهده إلى غير أجل محدود/، فَقُصِرَ به على أربعة أشهر ليرتاد كل واحد لنفسه، ثم هو حرب بعد ذلك، يقتل حيث وجد، إلا أن يُسلم.
فكان نزول " براءة " في بعض ما كان بين رسول الله ﷺ، وبين المشركين من

العهود، و [في] كشف المنافقين الذين تخلفوا عن النبي ﷺ، في تبوك وغيرهم ممن سر خلاف ما أظهر.
وقيل: إنما أمهل أربعة أشهر، من كان بينه وبين رسول الله ﷺ، عهد، فأما من لم يكن له عهد، فإنما جعل أجله خمسين ليلة، عشرين من ذي الحجة والمحرم، ودلّ على ذلك قوله: ﴿فَإِذَا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين﴾ [التوبة: ٥].
قال ذلك ابن عباس.
وكان النداء بـ: " براءة " يوم النحر.
وقيل: يوم عرفة، وبه تتم خمسون ليلة.
ونزلت " براءة " أول شوال، ومن ذلك اليوم كان أجل أربعة أشهر لأهل العهد.
وقيل: أول شوال كان نزول " براءة " وذلك سنة تسع، ومن ذلك الوقت أول أربعة الأشهر للجميع. وهو قول الزهري.

فكان أجل من كان له عهد أربعة أشهر من ذلك الوقت، ومن لم يكن له عهد انسلاخ الأشهر الحرم، وذلك أربعة أشهر أيضاً.
وقال ابن عباس: إنما كان أول الآجال من يوم أُذِّنَ بـ: " براءة "، وذلك يوم النحر، فجعل لمن له عهداً أربعة أشهر من ذلك اليوم، وذلك إلى عشر من ربيع الآخر.
ولمن لم يسم له عهد آخر الأشهر الحرم خمسين يوماً، ثم لا عهد لهم بعد ذلك ولا ذمة، يقتلون حتى يدخلوا في الإسلام.
وكان علي هو الذي نادى بـ: " براءة "، وكان أبو بكر أميراً عليهم، فلم يحج المشركون بعد ذلك [العام]، وكانوا يحجون مع المسلمين قبل ذلك.
قال قتادة: كان النبي ﷺ، عاهد قريشاً زمن الحديبية، وكان بقي من مدتهم أربعة أشهر بعد يوم النحر، فأمر الله تعالى، نبيه عليه السلام، أن يُوفِّيَ بعهدهم إلى مدتهم، وأن يؤخروا من لا عهد له انسلاخ المحرم، ثم يقاتلون حتى يشهدوا [أن] لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وألا يقبل منهم إلا ذلك.

وقال السدي: كان آخر عهد الجميع تمام أربعة أشهر لعشر خلون من ربيع الآخر، وهذا كله كان في موسم سنة تسع.
وقال الكلبي: إنما أمر النبي ﷺ، بالأربعة الأشهر لمن كان بينه وبينه عهد أربعة أشهر فما دون، فأما من كان عهده، أكثر من أربعة أشهر، فهو الذي أمر النبي ﷺ، أن يتم له عهده، فقال تعالى: ﴿فأتموا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إلى مُدَّتِهِمْ﴾.
وذلك أن النبي ﷺ، فتح مكة سنة ثمان عَنْوةً، واستخلف على الحج سنة تسع أبا بكر. ونزلت " براءة " بعد خروج أبي بكر في شوال. وكانوا يحجون على رسومهم التي كانوا عليها، ولم يكن فرض الحج ولا أمر به، فأنفذ رسول الله ﷺ " براءة " مع علي رضي الله عنهـ، ليتلو الآيات على الناس وينادي بالناس: ألا يحج بعد ال عام مشرك، ولا يطوف بالبيت عُريان فنادى بذلك علي، وأعانه على النداء أبو هريرة

وغيره بمنىً وفي سائر أسواقهم.
فحج النبي ﷺ، في العام المقبل سنة عشر، ولم يحج معه مشرك، وهي حجة الوداع، وفي ذلك نزل: ﴿إِنَّمَا المشركون نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ المسجد الحرام بَعْدَ عَامِهِمْ هذا﴾ [التوبة: ٢٨]، فلما نزل ذلك وجد المسلمون في أنفسهم مما قطع عنهم من الأطعمة والتجارات التي كان المشركون يقدمون بها، فأنزل الله تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ الله﴾ [التوبة: ٢٨]، الآية، ثم أحل [في] الآية التي تتبعها الجزية، ولم تكن قبل ذلك/، جعلها الله عوضاً مما يفوتهم من تجارتهم مع المشركين. وهو اختيار الطبري [ومما يدل على صحة ما اختار الطبري] من أنه أمر الله تعالى، نبيه عليه السلام، أن يتم لمن عهده [أربعة أشهر فما دن أربعة أشهر، ومن كان عهده أ: ثر أتم له عهده]، إلا أن يكون نقض عهده قبل

انقضاء المدة، فأما الذين لم ينقضوا ولا تظاهروا عليه، فإن الله تعالى، أمر نبيه، عليه السلام، بإتمام العهد لهم، وأمره أن يؤخر الذين نقضوا العهد أربعة أشهر، وإن كان عهدهم أكثر مدة.
وهو قول الضحاك.
قوله تعالى: ﴿إِلاَّ الذين عَاهَدْتُمْ عِندَ المسجد الحرام فَمَا استقاموا لَكُمْ فاستقيموا [لَهُمْ]﴾ [التوبة: ٧].
فأمر الله تعالى، نبيه [عليه السلام]، بالاستقامة لهم على عهدهم، ما استقاموا. وأمر الله تعالى، أن يؤخر الذين نقضوا وظاهروا عليه أربعة أشهر.
وقد رُوي: أن علياً كان يقول في ندائه: ومن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد فعهده إلى مدته.
قوله: ﴿فَسِيحُواْ فِي الأرض أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾، الآية.
المعنى: فسيحوا يا أيها الذين لهم عهد وقد نقضوا قبل إتيان الأجل. وأما من له عهد أربعة أشهر فما دون، فقيل لهم: سيحوا في الأرض أربعة أشهر من يوم النحر، أي: تصرفوا مقبلين ومدبرين، ثم لا أمان لكم بعدها إلاّ بالإسلام.
وأشهُرُ [السياحة] على قول مجاهد، وغيره: من يوم النحر إلى عشر خلون

من ربيع الآخر.
وعند الزهري: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم.
وتسمى أيضاً أشهر السياحة، أي: سمح لهم فيها بالتصرف آمنين.
قوله: ﴿واعلموا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي الله﴾.
أي: مُفيتيه أنفسكم، أين كنتم، وأين ذهبتم بعد الأربعة الأشهر وقبلها، لا منجي منه ولا ملجأ إلا الإيمان به، تعالى، وبرسوله عليه السلام.
﴿وَأَنَّ الله مُخْزِي الكافرين﴾.
أي: مذلهم ومرثهم العار في الدنيا والآخرة.
قوله: ﴿وَأَذَانٌ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ إِلَى الناس﴾، الآية.

و " الأذان " في اللغة: الإعلام.
و ﴿يَوْمَ الحج الأكبر﴾: يوم عرفة؛ لأن علياً يوم عرفة قرأ على الناس أربعين آية من " براءة " بعثه بها النبي ﷺ، ثم قرأها عليهم في مِنًى لتبلغ جميعهم، فمن ثم قال قوم: ﴿يَوْمَ الحج الأكبر﴾: النحر. وهو قول مالك.
ورُوِيَ أن النبي ﷺ، خطب يوم عرفة فقال: " أما بعد، فإن هذا يوم الحج الأكبر ". [وهو قول عمر، وابن الزبير، وعطاء، وغيرهم.

وروي عن علي أنه قال: ﴿يَوْمَ الحج الأكبر﴾]: يوم النحر. وهو قول مالك، واختلف عن ابن عباس. وهو قول ابن عمر، والسدي، والشعبي، وغيرهم.
وقال مجاهد ﴿يَوْمَ الحج الأكبر﴾ معناه: حين الحج، وهو أيام الحج كلها، لا يوم بعينه.
وقال ابن جريج: ﴿الحج الأكبر﴾: أيام منى كلها.
واختار الطبري: أن يكون يوم النحر؛ لأن في ليلته يتم الحج، وليس من فاته يوم عرفة أو ليلته يفوته الحج، ومن فاته ليلة يوم النحر إلى الفجر فقد فاته الحج. وحق الإضافة أن تكون إلى المعنى الذي يكون في الشيء، فلما كان الحج في ليلة يوم النحر أضيف أسم الحج إلى يوم النحر.
ولما كان [من] لم تغب له الشمس يوم عرفة لم يحج، وإن كان قد وقف بعرفة طول نهاره، علم بأنه ليس بيوم الحج إذ لا يتم الحج

به ألا ترى أنهم يقولون: يوم النحر من أجل أن [النحر فيه، ويقولون: يوم عرفة من أجل أن] الوقوف بعرفة فيه يكون، و: يوم الفطر من أجل أن الإفطار بعد الصوم فيه يكون، فكذلك يوم الحج يقال لليوم الذي فيه، أو في ليله يتم الحج ويحصل، وفي يومه تعمل أعمال الحج، من النحر، والوقوف بمزدلفة، ورمي الجمار، والحلق، وغير ذلك.
وسمي: ﴿الحج الأكبر﴾: لأنه كان/ في سنة اجتمع فيها المسلمون والمشركون.
وقيل: سمي بذلك؛ (لأنه) من النحر والوقوف بمزدلفة ورمي الجمار والحِلاق وغير ذلك.
وسمي بذلك؛ لأنه كان يوم حج اجتمع فيه المسلمون والمشركون، ووافق عيد اليهود والنصارى.
وقال مجاهد ﴿الحج الأكبر﴾: القِرانُ في الحج، والأصغر: الإفرادُ.

وأكثر الناس على أن الأكبر: الحجُّ، والأصغر: العُمْرة.
وقال الشعبي الحج الأصغر: العمرة في رمضان.
وقد ثبت أن النبي ﷺ، بعث علياً بأول سورة " براءة "، إثر أبي بكر عام حجَّ بالناس أبو بكر، وذلك سنة تسع، فنادى علي بـ: " براءة " في الموسم.
وقيل: يوم النحر نادى بها.
وقيل: يوم عرفة.
وقيل: فيهما جميعاً.
ثم حج النبي ﷺ، في سنة عشرة.
ومعنى ﴿برياء مِّنَ المشركين﴾، أي: من عهدهم بعد هذه الحَجَّةِ.
﴿فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾.
أي: تبتم عن كفركم ﴿وَإِن تَوَلَّيْتُمْ﴾، أدبرتم عن الإيمان، ﴿فاعلموا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي الله﴾، أي: لا تفيئون الله أنفسكم، ﴿وَبَشِّرِ الذين كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾،

أي: مؤلم، أي: أعلمهم، يا محمد بذلك.
﴿برياء مِّنَ المشركين﴾، وقف، إن جعلت ﴿وَرَسُولُهُ﴾: ابتداء أضمر خبره، أي: وَرَسُولُهُ بَرِيءٌ منهم.
وإن جعلته معطوفاً وقفت ﴿وَرَسُولِهِ﴾، وكذلك من نصب، وهي قراءة ابن أبي إسحاق.
﴿غَيْرُ مُعْجِزِي الله﴾، وقف حسن.
﴿بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾، ليس بوقف حسن؛ لأن بعده الاستثناء.