
وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ (٢٠) الناجون من النار الواصلون الى الجنة والدرجات العلى دون المشركين وان كانوا سقاة الحاج وعمار المسجد.
يُبَشِّرُهُمْ قرأ حمزة بالتخفيف من الافعال والباقون بالتشديد من التفعل رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها اى في الجنات نَعِيمٌ مُقِيمٌ (٢١) دائم تنكير المبشر به للاشعار بانه وراء التعيين والتعريف.
خالِدِينَ فِيها أَبَداً أكد الخلود بالتابيد لانه قد يستعمل للمكث الطويل إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٢) يستحقر دونه ما استوجبوا لاجله او نعم الدنيا والله اعلم.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَإِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ قال البغوي قال مجاهد هذه الآية متصلة بما قبلها نزلت في قصة العباس وطلحة وامتناعهما من الهجرة وقال الكلبي عن ابى صالح عن ابن عباس لما امر النبي ﷺ الناس بالهجرة فمنهم من تعلق به اهله وولده يقولون ننشدك بالله ان يقنعنا فيرق عليهم فيقيم عليهم ويدع الهجرة فانزل الله تعالى هذه الآية وقال مقاتل نزلت في التسعة الذين ارتدوا عن الإسلام ولحقوا بمكة فنهى الله المؤمنين عن ولايتهم وانزل هذه الآية يعنى لا تتخذوهم اولياء بطانة وأصدقاء فتفشون إليهم اسراركم وتوثرون المقام معهم على الهجرة ان استحبوا اى اختار والكفر على الايمان كذا روى الثعلبي عنه وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فيطلعهم على عورات المسلمين ويؤثرون المقام... معهم على الهجرة والجهاد فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٣) لوضعهم الموالاة في غير موضعه فان محل موالاة المسلمين المسلمون قال البغوي لما نزلت الآية المذكورة قال الذين اسلموا ولم يهاجروا ان نحن هاجرنا ضاعت أموالنا وذهبت تجارتنا وخربت دورنا وقطعنا أرحامنا فنزلت.
قُلْ يا محمد للمتخلفين عن الهجرة إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ قرأ ابو بكر عن عاصم وعشيراتكم بالألف على الجمع والباقون بلا الف يعنى اقربائكم ماخوذ من العشرة وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها اى اكسبتموها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها اى فوت وقت رواجها ونفاقها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ

مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ
فقعدتم لاجله عن الهجرة والجهاد فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ جواب ووعيد قال عطاء بقضائه يعنى بالعقوبة العاجلة والاجلة وقال مجاهد ومقاتل بفتح مكة وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (٢٤) الخارجين عن طاعة الله تعالى اى لا يرشدهم قال البيضاوي المراد الحب الاختياري يعنى إيثار هذه الأشياء وترك امتثال أوامر الله تعالى ورسوله ﷺ دون الحب الطبيعي فانه لا يدخل تحت التكليف والتحفظ عنه قلت وكمال الايمان ان يكون الطبيعة تابعة للشريعة فلا يقتضى الطبيعة الا ما يأمره الشريعة قال رسول الله ﷺ من أحب لله وابغض لله واعطى لله ومنع لله فقد استكمل الايمان وفي رواية فقد استكمل إيمانه رواه ابو داود عن ابى امامة والترمذي عن معاذ بن انس مع تقديم وتأخير وفي الصحيحين عن انس قال قال رسول الله ﷺ لا يومن أحدكم حتى أكون أحب اليه من والده وولده والناس أجمعين والمراد لا يومن ايمانا كاملا وفيهما عنه قال قال رسول الله ﷺ ثبت من كن فيه وجد بهن حلاوة الايمان من كان الله ورسوله أحب اليه مما سواهما ومن أحب عبدا لا يحب الا لله ومن يكره ان يعود في الكفر بعد ان أنقذه الله منه كما يكره ان يلقى في النار قلت وجدان حلاوة الايمان عبارة عن الاستلذاذ به كما يستلذذ الرجل بالشهوات الطبيعية وذلك كمال الايمان ولا يكتسب ذلك الا من مصاحبة ارباب القلوب الصافية والنفوس الزاكية رزقنا الله سبحانه وهذه الآية وما ذكرنا من الأحاديث «١» يوجب افتراض اكتساب التصوف من خدمة المشايخ رضى الله عنهم أجمعين ومعنى قوله تعالى والله لا يهدى القوم الفاسقين يعنى لا يرشدهم الى معرفته قال البيضاوي في الآية تشديد عظيم وقل من يتخلص عنه قلت ذلك القليل هو الصوفية العلية قال صاحب المدارك الآية تنعى على الناس ما هم عليه من رخاوة عقد الدين واضطراب حبل اليقين إذ تجد من