
وفيه اشارة الى التجريد والتفريد والجمع والتوحيد أينما بريدون يجلسون ويستندون إليها وَزَرابِيُّ اى بسط فاخرة جمع زربى قال الراغب هو ضرب من الثياب محبر منسوب الى موضع على طريق التشبيه والاستعارة مَبْثُوثَةٌ اى مبسوطة على السرر زينة وتمتعا وفيه اشارة الى انبساط أرواحهم وانشراح صدورهم وانفتاح قلوبهم فى بساط القدس والانس والى مقامات تجليات الافعال التي تحت مقامات الصفات كالتوكل تحت الرضى مبثوثة اى مبسوطة تحتهم وأصل البث اثارة الشيء وتفريقه كبث الريح التراب أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ الهمزة للانكار والتوبيخ والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام والإبل بكسرتين وتسكن الباء واحد يقع على الجمع وليس بجمع ولا اسم جمع والجمع آبال كما فى القاموس وقال بعضهم اسم جمع لا واحد لها من لفظها وانما واحدها بعير وناقة وجمل وكلمة كيف منصوبة بما بعدها معلقة لفعل النظر والجملة فى حيز الجر على انها بدل اشتمال من الإبل اى أينكرون ما ذكر من البعث وأحكامه ويستبعدون وقوعه عن قدرة الله فلا ينظرون نظر اعتبار الى الإبل التي هى نصب عينهم يستعملونها كل حين انها كيف خلقت خلقا بديعا معدولا به عن سنن خلقة سائر انواع الحيوانات فى عظم جثتها وشدة قوتها وعجيب هيئتها اللائقة بتأتى ما يصدر عنها من الأفاعيل الشاقة كالنهوض من الأرض بالأوقار الثقيلة وجر الأثقال الفادحة الى الأقطار النازحة وفى صبرها على الجوع والعطش حتى ان ظمئها ليبلغ العشر فصاعدا واكتفاءها باليسير ورعيها لكل ما تيسر من شوك وشجر وغير ذلك مما لا يكاد يرعاه سائر البهائم وفى انقيادها مع ذلك للانسان فى الحركة والسكون والبروك والنهوض حيث يستعملها فى ذلك كيفما يشاء ويقتادها بقطارها كل صغير وكبير وتبول من خلفها لان قائدها امامها فلا يترشش عليه بولها وعنقها سلم إليها وتتأثر من المودة والغرام وتسكر منهما الى حيث تنقطع عن الاكل والشرب زمانا ممتدا وتتأثر من الأصوات الحسنة والحداء وتصير من كمال التأثر الى حيث تهلك نفسها من سرعة الجري ويجرى الدمع عينيها عشقا وغراما پير رومى فرموده است
بر خوان أفلا ينظر تا قدرت ما بينى | يكره بشتر بنكر تا صنع خدا بينى |
در خار خورى قانع در بار برى راضى | اين وصف اگر جويى در اهل صفا بينى |

آيند اين آيت آمد كه أفلا ينظرون إلخ يعنى شتر با آن همه بلندى وبزركى برشته مسخر كودكى ميشود تا برد برآيد وفرود آيد پس چرا از تخت بهشت متعجب ميشوند كه در فرمان بهشتى باشد وَإِلَى السَّماءِ التي يشاهدونها كل لحظة بالليل والنهار كَيْفَ رُفِعَتْ رفعا سحيق المدى بلا عماد ولامساك بحيث لا يناله الفهم والإدراك وَإِلَى الْجِبالِ التي ينزلون فى أقطارها وينتفعون بمياهها وأشجارها كَيْفَ نُصِبَتْ نصبا رصينا فهى راسخة لا تميل ولا تميد وقال ابو الليث كيف نصبت على الأرض أوتادا لها وفيه اشارة الى عالم المثال لانه متوسط بين سماء الروحانيات وأرض الجسمانيات كالجبال فى الخارج وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ اى والى الأرض التي يضربون فيها ويتقلبون عليها كيف سطحت سطحا وبسطت على ظهر الماء بسطا حسبما يقتضيه صلاح امور ما عليها من الخلائق والاستدلال بكونها مسطوحة على عدم كونها كرة مجاب بأن الكرة إذا كانت عظمة جدا يكون كل قطعة منها كالسطح فيصح أن يطلق عليها البسط ففرق بين كرة وكرة كما انه فرق بين بيض الحمامة وبيض النعامة والمعنى أفلا ينظرون نظر التدبر والاعتبار الى كيفية خلو هذه المخلوقات الشاهدة بحقية البعث والنشور لاشعارها بأن خالقها متصف بصفات الكمال من القدرة والقوة والحكمة منزه عن صفات النقصان من العجز والضعف والجهل حتى يرجعوا عما هم عليه من الإنكار والنفور ويسمعوا إنذارك ويستعدوا للقاء الله بالايمان والطاعة. در تبيان آورده كه مخاطب عرب اند واكثر ايشان اهل بريه باشند ومال ايشان شتر است وهر طرفى مينكرند جز آسمان وزمين وكوه نمى بينند لا جرم بعد از ذكر شتر آسمان وكوه وزمين ياد ميكرد.
يعنى قرنت الإبل بالسماء والجبال بالأرض لان الآية نزلت بطريق الاستدلال وهم كانوا أشد ملابسة بهذه الأشياء من غيرهم فلذا جمع الله بينها وقال الغزالي رحمه الله خص الإبل بالذكر لانها لا ثقة بقرائنها معنى فالسماء الظليلة والأرض الزاملة والجبال الثقيلة كالابل لفرش والحمولة فالسحاب تحمل الماء الزلال والإبل الأحمال الثقال والأرض الجبال والكل مسخر بأمره قال القرطبي قدم الإبل فى الذكر ولو قدم غيره جاز وعن القشيري رحمه الله انه قال ليس هذا مما يطلب فيه نوع حكمة. يقول الفقيران قلت لو أخر ذكر الإبل لكان له مناسبة تامة مع ذكر الأرض لان الإبل سفن البر قلت نعم لكنه اعتبر سمك الإبل فترقى منه الى سمك السماء. ثم يقول الفقير ولى كلام عريض فى هذا المقام ذكرته فى كتاب الواردات الحقية لى وخلاصته انه تعالى أشار بالإبل الى النفوس فانها ضخمة جسيمة مثلها وبدأ بالنفوس لانها اصل بمنزلة الام ولدرجة الأنوثة تقدم حكما وان كان لها تأخر صورة كحوآء بالنسبة الى آدم وأشار بالسماء الى الأرواح لانها علوية وبمنزلة الأب ولهذا أردفها بها وأشار بالجبال الى القلوب لانها أثبت من الرواسي ولانها خلقت بعد خلق الروح والنفس كما ان الجبال خلقت بعد خلق السماء والأرض فهى بمنزلة الولد لهما ولذا عقبهما بها وقد صح ان الجبال تعبر فى الرؤيا يأهل القلوب من الرجال لانهم أوتاد الأرض والعمد المعنوية فى الحقيقة كما ان الجبال أوتاد الأرض فى الصورة وأشار بقوله نصبت دون خلقت الى ان