آيات من القرآن الكريم

وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ
ﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗ ﯙﯚ ﯜﯝ ﯟﯠ ﯢﯣﯤﯥﯦﯧ ﯩﯪﯫﯬ ﯮﯯﯰﯱ ﯳﯴﯵﯶ ﯸﯹﯺﯻ ﯽﯾﯿ ﭑﭒﭓﭔ ﭖﭗﭘﭙ ﭛﭜﭝ ﭟﭠﭡﭢ

لاغِيَةً مصدر كالعاقبة والخائنة، وقرأ الجحدري «لا تسمع» بضم التاء، «لاغية» بالنصب، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: «لا يسمع» بالياء من تحت مضمومة «لاغية» بالرفع، وهي قراءة ابن محيصن وعيسى والجحدري أيضا. إلا أنه قرأ «لاغية» بالنصب على معنى لا يسمع أحد كلمة لاغية من قولك أسمعت زيدا.
وقرأ الباقون ونافع في رواية خارجة والحسن وأبو رجاء وأبو جعفر وقتادة وابن سيرين وأبو عمرو بخلاف عنه «لا تسمع» بفتح التاء ونصب «لاغية»، والمعنى إما على الكلمة وإما على الفئة، والفاعل ب «تسمع» إما الوجوه وإما محمد ﷺ قاله الحسن وإنما أنت أيها المخاطب عموما، واللغو سقط القول، فذلك يجمع الفحش وسائر الكلام السفساف الناقص وليس في الجنة نقصان ولا عيب في فعل ولا قول، والحمد لله ولي النعمة.
قوله عز وجل:
[سورة الغاشية (٨٨) : الآيات ١٢ الى ٢٦]
فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ (١٢) فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ (١٤) وَنَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (١٦)
أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠) فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١)
لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ (٢٤) إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ (٢٦)
عَيْنٌ في هذه الآية اسم جنس، ويحتمل أن تكون عينا مخصوصة ذكرت على جهة التشريف لها. و «رفع السرر» أشرف لها، و «الأكواب» أوان كالأباريق لا عرى لها ولا آذان ولا خراطيم، وشكلها عند العرب معروف. ومَوْضُوعَةٌ معناه بأشربتها معدة و «النمرقة» الوسادة، ويقال نمرقة بكسر النون والراء وقال زهير: [الطويل]

كهولا وشبانا حسانا وجوههم على سرر مصفوفة ونمارق
و «الزرابي» واحدتها زريبة، ويقال بفتح الزاي وهي كالطنافس لها خمل، قاله الفراء وهي ملونات، ومَبْثُوثَةٌ معناه كثيرة متفرقة، ثم أقام تعالى الحجة على منكري قدرته على بعث الأجساد بأن وقفهم على موضع العبرة في مخلوقاته، والْإِبِلِ في هذه الآية هي الجمال المعروفة، هذا قول جمهور المتأولين، وفي الجمل آيات وعبر لمن تأمل ليس في الحيوان ما يقوم من البروك بحمله سواه وهو على قوته غاية في الانقياد. قال الثعلبي في بعض التفاسير: إن فأرة جرت بزمام ناقة فتبعتها حتى دخلت الجحر فبركت الناقة وأذنت رأسها من فم الحجر، وكان سريح القاضي يقول لأصحابة: اخرجوا بنا إلى الكناسة حتى ننظر؟؟؟ إلى الإبل كيف خلقت، وقال أبو العباس المبرد الْإِبِلِ هنا السحاب، لأن العرب قد تسميها بذلك إذ تأتيها أرسالا كالإبل وتزجى كما تزجى الإبل في هيئتها أحيانا تشبه الإبل والنعام، ومنه قول الشاعر:
[المتقارب]

صفحة رقم 474

كأن السحاب دوين السما... نعام تعلق بالأرجل
وقرأ أبو عمرو بخلاف وعيسى «الإبل» بشد اللام وهي السحاب فيما ذكر قوم من اللغويين والنقاش، وقرأ الجمهور «خلقت» بفتح القاف وضم الخاء، وقرأ علي بن أبي طالب «خلقت» بفتح الخاء وسكون القاف على فعل التكلم، وكذلك رفعت ونصبت «وسطحت»، وقرأ أبو حيوة «رفّعت» و «نصّبت» و «سطّحت» بالتشديد فيها، ونُصِبَتْ معناه: أثبتت قائمة في الهواء لا تنتطح، وقرأ الجمهور «سطحت»، وقرأ هارون الرشيد «سطّحت» بشد الطاء على المبالغة، وهي قراءة الحسن، وظاهر هذه الآية أن الأرض سطح لا كرة، وهو الذي عليه أهل العلم، والقول بكريتها وإن كان لا ينقص ركنا من أركان الشرع، فهو قول لا يثبته علماء الشرع، ثم أمر تعالى نبيه بالتذكير بهذه الآية ونحوها، ثم نفى أن يكون مصيطرا على الناس، أي قاهرا جاهدا لهم مع تكبر تسلطا عليهم، يقال تسيطر علينا فلان، وقرأ بعض الناس «بمسيطر» بالسين وبعضهم بالصاد، وقد تقدم وقرأ هارون «بمصيطر» بفتح الطاء وهي لغة تميم وليس في كلام العرب على هذا البناء غير مسيطر ومبيطر ومبيقر ومهيمن. وقوله تعالى: إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ قال بعض المتأولين الاستثناء متصل والمعنى إِلَّا مَنْ تَوَلَّى فإنك مصيطر عليه فالآية على هذا لا نسخ فيها وقال آخرون منهم:
الاستثناء منفصل، والمعنى لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ وتم الكلام. وهي آية موادعة منسوخة بالسيف ثم قال إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ، وهذا هو القول الصحيح لأن السورة مكية، والقتال إنما نزل بالمدينة، ومَنْ بمعنى الذي. وقرأ ابن عباس وزيد بن أسلم وقتادة وزيد بن على «ألا من تولى» بفتح الهمزة على معنى: استفتاح الكلام، ومَنْ على هذه القراءة شرطية، والْعَذابَ الْأَكْبَرَ عذاب الآخرة لأنهم قد عذبوا في الدنيا بالجوع والقتل وغيره، وقرأ ابن مسعود «فإنه يعذبه الله» وقرأ الجمهور «إيابهم» مصدر من آب يؤوب إذا رجع، وهو الحشر، والمراد إلى الله، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع «إيّابهم» بشد الياء على وزن فعال بكسر الفاء أصله فيعال من أيب فعل أصله فيعل، ويصح أن يكون أوب فيجيء إيوابا، وسهلت الهمزة وكان اللازم في الإدغام يردها أوابا، لكن استحسنت فيه الياء على غير قياس. (انتهى).

صفحة رقم 475
المحرر الوجيز فى تفسير الكتاب العزيز
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي
تحقيق
عبد السلام عبد الشافي محمد
الناشر
دار الكتب العلمية - بيروت
سنة النشر
1422 - 2001
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية