آيات من القرآن الكريم

وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ
ﮮﮯﮰﮱ ﯔﯕﯖﯗ ﯙﯚﯛ ﯝﯞﯟ ﯡﯢﯣ

[سورة البروج (٨٥) : الآيات ١٢ الى ١٦]

إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (١٦)
شرح المفردات
البطش: الأخذ بالعنف والشدة، يبدئ ويعيد: أي هو الذي يبدأ الخلق ثم يفنيهم ثم يعيدهم أحياء مرة أخرى، ليجازيهم بما عملوا فى حياتهم الأولى، الغفور: أي الذي يعفو ويستر ذنوب عباده بمغفرته، الودود: أي الذي يحب أولياءه ويتودّد إليهم بالعفو عن صغير ذنوبهم، ذو العرش: أي صاحب الملك والسلطان والقدرة النافذة، المجيد: أي السامي القدر المتناهي فى الجود والكرم، تقول العرب: «فى كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار» : أي تناهيا فى الاحتراق حتى يقتبس منهما.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر وعيد الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات، ووعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات. ووصف ما أعدّ لهم من الثواب كفاء أعمالهم- أردف ذلك كله بما يدل على تمام قدرته على ذلك، ليكون ذلك بمثابة توكيد لما سبق من الوعيد والوعد فالملك لا يعظم سلطانه وهيبته فى النفوس إلا بأمرين:
(١) الجود الشامل والإنعام الكامل، وبذا يرجى خيره.
(٢) الجيوش الجرارة والأساطيل العظيمة التي توقع بأعدائه وتنكل بهم، وبذلك يهاب جانبه، وإليهما معا أشار بقوله فيما سلف: «الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ» وهنا زاد الأمر إيضاحا بقوله «إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ» الآية.

صفحة رقم 104

الإيضاح
(إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) أي إن انتقامه من الجبابرة والظلمة، وأخذه إياهم بالعقوبة- لهو الغاية فى الشدة، والنهاية فى الأذى والألم.
وفى هذا إرهاب لقريش ومن معها، وتعزية لرسوله ﷺ ولمن معه.
وقد زاد سبحانه أمر قدرته توكيدا فقال:
(إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ) أي إنه يخلق الخلق ابتداء، ثم يعيدهم بعد أن صيّرهم ترابا، وإذا كان قادرا على البدء والإعادة فهو قادر على شديد البطش بهم، لأنهم تحت قبضته، وخاضعون لسلطانه.
فكأنه سبحانه يقول: إن مرجعكم إلى ربكم، فإذا لم يعاقبكم فى هذه الحياة على ما تعملون مع أوليائه فلا تظنوا أن ذلك إهمال منه أو تقصير فى شأنهم، بل أخر ذلك ليوم ترجعون إليه، وهو اليوم الذي سيكون فيه البطش والانتقام منكم.
ثم ذكر سبحانه خمسة أوصاف من صفات الرحمة والجلال فقال:
(١) (وَهُوَ الْغَفُورُ) لمن يرجع إليه بالتوبة، فيتجاوز عن سيئاته.
(٢) (الْوَدُودُ) لمن خلصت نفسه بالمحبة له.
(٣) (ذُو الْعَرْشِ) أي ذو الملك والعظمة، والسلطان والقدرة النافذة، والأمر الذي لا يردّ.
(٤) (الْمَجِيدُ) أي العظيم الكرم والفضل.
(٥) (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) أي لا يريد شيئا إلا فعله وفق إرادته، فإذا أراد هلاك الجاحدين المعاندين ونصر أهل الحق الصادقين لم يعجزه ذلك، وأين هم ممن سبقهم ممن كانوا أضل منهم وأشد قوة؟

صفحة رقم 105
تفسير المراغي
عرض الكتاب
المؤلف
أحمد بن مصطفى المراغي
الناشر
شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبي وأولاده بمصر
الطبعة
الأولى، 1365 ه - 1946 م
عدد الأجزاء
30
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية