آيات من القرآن الكريم

أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَىٰ
ﭑﭒ ﭔﭕﭖ ﭘﭙﭚﭛ ﭝﭞﭟﭠ ﭢﭣﭤ ﭦﭧﭨ ﭪﭫﭬﭭ ﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵ ﭷﭸﭹ ﭻﭼﭽ ﭿﮀﮁ

سورة عبس
في السورة عتاب رباني للنبي صلّى الله عليه وسلّم على اهتمامه بزعيم كافر معرض عن الدعوة أكثر من اهتمامه بأعمى مسلم، وتقرير لمهمة النبوة وتنديد بالإنسان وجحوده وتعداد نعم الله عليه. وإنذار بالآخرة وهولها ومصائر الصالحين والمجرمين فيها. ومن المحتمل أن تكون قد نزلت فصلا بعد فصل حتى كملت بدون انفصال، وعدا فصل العتاب الذي هو الفصل الأول فإن أسلوب باقي آياتها هو تنديد وإنذار عام.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة عبس (٨٠) : الآيات ١ الى ١٢]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى (٢) وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى (٤)
أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى (٥) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦) وَما عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى (٧) وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى (٨) وَهُوَ يَخْشى (٩)
فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (١٠) كَلاَّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢)
. (١) يزكّى: يتزكى بمعنى يستفيد ويزداد علما وصفاء روح.
(٢) تصدّى: تتصدى أي تتعرض له.
(٣) تلهّى: تتلهى أي تتشاغل عنه.
في الآيات عتاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم على ما كان منه من عبوس وانصراف عن الأعمى المسلم المستشعر بخوف الله الذي جاءه ساعيا للاستفادة والاستنارة وتصدّ لرجل عنيد مكذب يظهر الاستغناء عن دعوة الله ليس مسؤولا عن عدم إسلامه واستجابته.

صفحة رقم 121

وقد انتهت بتقرير كون الدعوة إنما هي تذكير للناس لا إلزام فيه ولا إبرام، فمن شاء الخير تذكّر وانتفع، ومن لم يشأ فعليه وبال أمره.
وقد روي أن الآيات نزلت بمناسبة مجيء أعمى مسلم يتفق جمهور المفسرين على أنه ابن أم مكتوم إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ليسأله في بعض شؤون الدين في وقت كان يتحدث فيه مع بعض الزعماء بأمر الدعوة، وأن الأعمى قد ألحّ في السؤال حتى بدت الكراهية في وجه النبي صلّى الله عليه وسلّم وظل منصرفا معرضا عنه ماضيا في حديثه مع الزعيم الذي روي في رواية أنه عتبة بن ربيعة وفي رواية أنه أبو جهل وفي رواية أنهم كانوا ثلاثة وهم عتبة وأبو جهل والعباس بن عبد المطلب «١»، وروح الآيات تلهم صحة الرواية إجمالا.
مدى العتاب الرباني للنبي صلّى الله عليه وسلّم وما في آيات سورة عبس الأولى من تلقين ومبادئ
وهذه أول مرة ينزل فيها قرآن فيه عتاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وروح الآيات ومضمونها يلهمان أن العتاب إنما كان على مخالفة النبي صلّى الله عليه وسلّم لما هو الأولى. فالنبي صلّى الله عليه وسلّم كان في موقف المجتهد فيما رآه الأولى. والمستغرق في دعوته ونشرها والحريص على النجاح فيها، وليس في موقف الممتنع عن تعليم الأعمى وتنويره وليس في هذا شيء يناقض العصمة النبوية.
وفي العتاب وأسلوبه ومفهومه وروحه تهذيب رباني عظيم المدى للنبي صلّى الله عليه وسلّم وفي إعلان النبي صلّى الله عليه وسلّم العتاب يتجلى الصدق النبوي العميق الذي يملك النفس والقلب ويملأهما بالإعظام والإجلال.
وفي الآيات تلقينات ومبادئ أخلاقية واجتماعية وسلوكية جليلة مستمرة المدى، ففيها إشادة بذوي النيات الحسنة من الناس الذين يسعون وراء الخير والمعرفة صادقي الرغبة في الاستفادة والاستنارة وصالح العمل، وإيجاب الاهتمام

(١) انظر تفسير الآيات في تفسير الطبري والنيسابوري وابن كثير والبغوي والطبرسي.

صفحة رقم 122
التفسير الحديث
عرض الكتاب
المؤلف
محمد عزة بن عبد الهادي دروزة
الناشر
دار إحياء الكتب العربية - القاهرة
سنة النشر
1383
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية