آيات من القرآن الكريم

إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَىٰ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ۚ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ ۙ وَلَٰكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ
ﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰ ﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦ ﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳ ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟ ﭡﭢﭣﭤﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲ ﭴﭵﭶﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍﮎﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙ ﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡﮢﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭ

على إنفاقها من غير فائدة أو يتأسفون في الآخرة ثُمَّ يُغْلَبُونَ إخبار بالغيب لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ معنى يميز: يفرق بين الخبيث والطيب، والخبيث هنا الكفار. والطيب: المؤمنون وقيل: الخبيث ما أنفقه الكفار، والطيب: ما أنفقه المؤمنون، واللام في ليميز على هذا تتعلق بيغلبون، وعلى الأول بيحشرون فَيَرْكُمَهُ أي يضمه ويجعل بعضه فوق بعضه إِنْ يَنْتَهُوا يعني عن الكفر إلى الإسلام لأن الإسلام يجبّ ما قبله، ولا تصح المغفرة إلا به وَإِنْ يَعُودُوا يعني إلى القتال فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ تهديد بما جرى لهم يوم بدر وبما جرى للأمم السالفة حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ الفتنة هنا الكفر، فالمعنى قاتلوهم، حتى لا يبقى كافر، وهو كقوله صلّى الله عليه وسلّم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله «١» وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ لفظه عام يراد به الخصوص، لأن الأموال التي تؤخذ من الكفار منها ما يخمس: وهو ما أخذ على وجه الغلبة بعد القتال، ومنها: ما لا يخمس بل يكون جميعه لمن أخذه، وهو ما أخذه من كان ببلاد الحرب من غير إيجاف، وما طرحه العدو خوف الغرق، ومنها: ما يكون جميعه للإمام يأخذ منه حاجته، ويصرف سائره في مصالح المسلمين وهي الفيء الذي لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الآية: اختلف في قسم الخمس على هذه الأصناف فقال قوم: يصرف على ستة أسهم سهم لله في عمارة الكعبة، وسهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم في مصالح المسلمين، وقيل: للوالي بعده: وسهم لذوي القربى الذين لا تحل لهم الصدقة، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل.
وقال الشافعي: على خمسة أسهم، ولا يجعل لله سهما مختصا، وإنما بدأ عنده بالله، لأن الكل ملكه، وقال أبو حنيفة على ثلاثة أسهم: لليتامى، والمساكين، وابن السبيل، وقال مالك الخمس إلى اجتهاد الإمام يأخذ منه كفايته ويصرف الباقي في المصالح إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ راجع إلى ما تقدم، والمعنى: إن كنتم مؤمنين فاعلموا ما ذكر الله لكم من قسمة الخمس، واعملوا بحسب ذلك ولا تخالفوه وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يعني النبي صلّى الله عليه وسلّم والذي أنزل عليه القرآن والنصر يَوْمَ الْفُرْقانِ أي التفرقة بين الحق والباطل وهو يوم بدر الْتَقَى الْجَمْعانِ يعني المسلمين والكفار
إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا العامل في إذ

(١). الحديث متفق عليه من رواية عبد الله بن عمر. ورواه النووي في الأربعين.

صفحة رقم 326

التقى والعدوة: شفير الوادي، وقرئ بالضم والكسر وهما لغتان، والدنيا القريبة من المدينة، والقصوى البعيدة وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ يعني العير التي كان فيها أبو سفيان، وكان قد نكب عن الطريق خوفا من النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكان جمع قريش المشركين قد حال بين المسلمين وبين العير وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ أي لو تواعدتم مع قريش ثم علمتم كثرتهم وقلتكم لاختلفتم ولم تجتمعوا معهم، أو لو تواعدتم لم يتفق اجتماعكم مثل ما اتفق بتيسير الله ولطفه لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ
أي يموت من مات ببدر عن إعذار وإقامة الحجة عليه، ويعيش من عاش بعد البيان له، وقيل: ليهلك من يكفر ويحيى من يؤمن، وقرئ من حيي «١» بالإظهار والإدغام وهما لغتان إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ الآية: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قد رأى الكفار في نومه قليلا، فأخبر بذلك أصحابه فقويت أنفسهم لَفَشِلْتُمْ أي جبنتم عن اللقاء وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ الآية معناها أن الله أظهر كل طائفة قليلة في عين الأخرى ليقع التجاسر على القتال رِيحُكُمْ أي قوتكم ونشاطكم، وذلك استعارة وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ يعني كفار قريش حين خرجوا لبدر بَطَراً أي عتوا وتكبرا وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ الآية: لما خرجت قريش إلى بدر تصور لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك فقال لهم: إني جار لكم من قومي وكانوا قد خافوا من قومه، ووعدهم بالنصر نَكَصَ أي رجع إلى وراء إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ رأى الملائكة تقاتل يَقُولُ الْمُنافِقُونَ الذين كانوا بالمدينة، وقيل: الذين كانوا مع الكفار وهم نفر من قريش منهم: قيس بن الوليد بن المغيرة وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة والحارث بن ربيعة بن الأسود وعلي بن أمية بن خلف والعاصي بن أمية بن الحجاج وكانوا قد أسلموا ولم يهاجروا وخرجوا يوم بدر مع الكفار فقالوا هذه المقالة غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ أي اغترّ

(١). حيي: قرأها نافع والبزي عن ابن كثير وأبو بكر وقرأ الباقون حيّ بالتشديد.

صفحة رقم 327
التسهيل لعلوم التنزيل
عرض الكتاب
المؤلف
أبو القاسم، محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله، ابن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق
عبد الله الخالدي
الناشر
شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم - بيروت
سنة النشر
1416
الطبعة
الأولى
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية