آيات من القرآن الكريم

لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ
ﭷﭸﭹﭺﭻﭼﭽﭾﭿﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋﮌﮍ ﮏﮐﮑﮒﮓﮔﮕﮖﮗﮘﮙﮚﮛﮜﮝﮞﮟﮠﮡ ﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓ ﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥ ﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱ

صفيرا من مكا يمكو مكوا ومكاء إذا صفر وقال الحدادي المكاء طائرا بيض يكون فى الحجاز يصفر فسمى تصويته باسمه وَتَصْدِيَةً تصفيقا وهو تصويت اليدين يضرب إحداهما على الاخرى وأصلها احداث الصدى وهو ما يسمع من رجع الصوت فى الامكنة الخالية الصلبة يقال صدى يصدى تصدية وكان تقرب المشركين الى الله بالصفير والتصفيق يفعلونهما عند البيت مكان الدعاء والتسبيح ويعدونهما نوعا من العبادة والدعاء لما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال كانت قريش يطوفون بالبيت عراة الرجال والنساء مشبكين بين أصابعهم يصفرون فيها ويصفقون فمساق الآية لتقرير استحقاقهم العذاب وعدم ولايتهم المسجد فانها لا تليق بمن هذه صلاته وقال مقاتل كان النبي عليه السلام إذا صلى فى المسجد قام رجلان من بنى عبد الدار عن يمينه ورجلان عن يساره فيصفرون كما يصفر المكاء ويصفقون بايديهم ليخلطوا على النبي عليه السلام صلاته وقراءته وكانوا يفعلون كذلك بصلاة من آمن به ويريدون انهم يصلون ايضا فالمراد بالصلاة على هذا التقدير هى المأمور بها فَذُوقُوا الْعَذابَ اى عذاب القتل والاسر يوم بدر ويقال أراد بهذا انه يقال لهم يوم القيامة فذوقوا العذاب بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ اعتقادا وعملا فالكفر والمعصية سبب للوقوع فى العذاب والتوبة والاستغفار وسيلة الى فيض الرحمة من الوهاب وهى صابون الأوزار فحيث لا توبة ولا طهارة كان كل مسلم لا يسلح لان يلى امر مسجد القلب وانما يليق بولايته من كان فارغا من الشواغل معرضا عن العلائق طاهرا من العيوب والله تعالى لا يعذب اولياء بعد ادخالهم جنات التجليات العالية والأذواق والحالات المتوالية فانهم تخلصوا من الوجود المضاف الى النار المشابه للحطب وما بقي فيهم غير النور الإلهي المضيء فى بيت القلب الحقانى وانما يعذب بعدله من لم يستعد للرحمة او من خلط عملا صالحا بآخر سيئا ليخلصه من ذلك اللوث فالاقتداء بالنبي عليه السلام قبول ما جاء به من الاحكام والشرائع مؤد الى الخلاص وسبب للتصفية فعليك بالاختيار والاجتناب فانهما فرضان وحقيقة التقوى عبارة عن كليهما وبالاحتماء يصح المريض ومعالجة القلوب المرضى اولى من كل امر واهمّ من كل شىء للعبد العاقل وذلك بالتقوى واحياء سنة خير الورى وفى الحديث (من احيى سنتى فقد أحياني ومن أحياني فقد أحبني ومن أحبني كان معى فى الجنة يوم القيمة) وفى الحديث ايضا (من حفظ سنتى أكرمه الله بأربع خصال المحبة فى قلوب البررة والهيبة فى قلوب الفجرة والسعة فى الرزق والثقة بالدين) فان فاتت صحبة الرسول فقد تيسرت صحبة سنته وصحبة من أحب سنته وذلك ماض الى يوم القيامة ولصحبة الكبار واقتران المتقين تأثير عظيم ولاستماع كلام الحق والرسول نفع تام ولكن العمدة توفيق الله وهدايته نسأل الله تعالى ان يصحح أغراضنا ويكثر صالحات اعمالنا واعواضنا ويؤيدنا بنور الكتاب والسنة ويشرفنا بالمقامات العالية فى الجنة إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا نزلت فى المطعمين يوم بدر وكانوا اثنى عشر رجلا من اشراف قريش يطعم كل واحد منهم عسكر الكفار كل يوم عشر جزر وهو جمع جزور وهو البعير ذكرا كان او أنثى الا ان لفظه مؤنث تقول هذه الجزور وان أردت ذكرا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ على عداوة الرسول ﷺ لِيَصُدُّوا اى

صفحة رقم 343

يمنعوا الناس عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ اى دين الله واتباع رسوله لانه طريق ثوابه والخلود فى جنته لمن سلكه على ما امر به واللام فى ليصدوا لام الصيرورة وهى لام العاقبة والمآل فَسَيُنْفِقُونَها بتمامها ولعل الاول اخبار عن انفاقهم وهو انفاق بدر والثاني اخبار عن انفاقهم فيما يستقبل هو انفاق أحد ويحتمل ان يراد بهما واحد بان يكون ينفقون للاستمرار التجددي ويكون السين فى قوله فسينفقونها للتأكيد لا للتسويف فيتحد الانفاقان الا ان مساق الاول لبيان غرضهم من الانفاق ومساق الثاني لبيان عاقبته ثُمَّ تَكُونُ تلك الأموال عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ندما وغما لفواتها من غير حصول المقصود ولما كانت عاقبة إنفاقها حسرة فى قلوبهم جعلت ذوات الأموال كأنها عين الحسرة للمبالغة قال الحدادي والحسرة مأخوذة من الكشف يقال حسر رأسه إذا كشفه والحاسر كاشف الرأس فيكون المعنى ثم يكشف لهم عن ذلك ما يكون حسرة عليهم ثُمَّ يُغْلَبُونَ آخر الأمر وان كانت الحرب بينهم سجالا قبل ذلك وَالَّذِينَ كَفَرُوا وأصروا على الكفر إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ اى يساقون لا الى غيرها لِيَمِيزَ اللَّهُ اللام متعلقة بيحشرون او يعلبون والميز بالفارسية [جدا كردن] الْخَبِيثَ فريق الكفار مِنَ الطَّيِّبِ فريق المؤمنين وَيَجْعَلَ الفريق الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً اى يجمعهم ويضم بعضهم الى بعض حتى يتراكموا ويتزاحموا فالركم ليس عبارة عن الجمع مطلقا بل هو الجمع بين أشياء بحيث يتراكب بعضها فوق بعض ومنه السحاب المركوم فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ كله أُولئِكَ الفريق الخبيث هُمُ الْخاسِرُونَ الكاملون فى الخسران لانهم خسروا أموالهم وأنفسهم والاشارة ان الله تعالى خلق الروح نورانيا علويا وخلق النفس ظلمانية سفلية ثم أشرك بينهما وجعل رأس مالهما الاستعداد الفطري القابل للترقى والكمال فى القربة والمعرفة والخسارة والنقصان فمن اتجر فآمن وجاهد بنفسه وماله فى سبيل الله وطلبه وبلغ مبلغ الرجال البالغين فقد وبخ روحه ونفسه جميعا ومن آمن بالله ورسوله لكن وجد منه العصيان ومخالفة الشريعة فقد ربح روحه وخسر نفسه ومن لم يؤمن بالله ورسوله وكفر بهما فقد خسر روحه ونفسه جميعا قيل دخل على الشبلي قدس سره فى وقت وفاته وهو يقول يجوز يجوز فقيل له ما معنى قولك يجوز فقال خلق الله الروح والنفس وأشرك بين الروح والنفس فعملا واتجرا سنين كثيرة فحوسبا فاذا هما قد خسرا وليس معهما ربح فقد عزما على الافتراق وانا أقول شركة لا ريح فيها يجوز ان يقع بين الشريكين افتراق: قال السعدي

كوس رحلت بكوفت دست أجل اى دو چشمم وداع سر بكنيد
اى كف ودست وساعد وبازو همه توديع يكدكر بكنيد
بر من افتاده مرك دشمن كام آخر اى دوستان حذر بكنيد
روز كارم بشد بنادانى من نكردم شما حذر بكنيد
فعلى العاقل ان يجتهد قبل مجيىء الفوت ويربح فى تجارته ببذل النفس والمال والطيب من الأموال ما يبذل فى طلب الله على الطالبين والخبيث ما يلتفت اليه الطالب من غير حاجة ضرورية فيشغله عن الله وطلبه فيكون قاطع طريقه- ويروى- ان الله تعالى يضم الأموال

صفحة رقم 344
روح البيان
عرض الكتاب
المؤلف
إسماعيل حقي بن مصطفى الإستانبولي الحنفي الخلوتي , المولى أبو الفداء
الناشر
دار الفكر - بيروت
عدد الأجزاء
1
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية