آيات من القرآن الكريم

وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ
ﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶ

﴿ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾

قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وأَنتَ فيهِمْ، وما كان اللهُ مُعَذِّبَهُموهُمْ يَسْتَغْفِرُون﴾:
قال الحسن: قولُه ﴿ومَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُون﴾: منسوخٌ بقوله: ﴿ومَا لَهُمْ ألاَّ يُعَذِّبَهُم الله﴾ [الأنفال: ٣٤] - الآية -.
والذي عليه أَهلُ النظر ويوجِبُه ظاهرُ النَّص أَنَّ نسخَ هذا لا يجوز لأنه خبر. وعامة العلماء على أنه غيرُ منسوخ. والمعنى:
وما كان الله ليعذبَهم وهم يستغفرون، أي: لو استغفروا لم يُعَذِّبْهم الله، كما تقول: ضربتُكَ ولم تَشْتُمني، أي: إنما ضربتُكبعد أن شتمتني، ومنه قول الشاعر:
بأيدي رجالٍ لم يُشيموا سُيوفَهم * ولم يكثر القتلى بها حين سُلَّتِ
أي: إنما شاموها بعد أن كثرت القتلى، يقال: شِمْتُ السيفَ: إذاأغمدته وإذا سللته، فهو مدح، ولو حُمِلَ على غير هذا لصار هجواً. وهذا المعنى حسن لطيف.
وقال ابن عباس في معنى الآية: وما كان الله معدبَ الكفار جميعاً وقدعلم الله أن فيهم من يُسْلِم، وما لهم ألاّ يعذبهم الله إذا أسلم من قضيله بالإِسلام.
وقال مجاهد: معنى: وهم يستغفرون: يعني: يُسَلِّمون بما سبقلهم في علم الله بهم.
وقيل معناها: ما كان الله مُعَذِّبَهم في الدنيا وهم يستغفِرون، [لأنهمكانوا يقولون: غُفْرانَك غُفْرانَك، وما لهم أَلاَّ يُعَذِّبَهُم الله في الآخرة.
وقال الضحاك: معنى ﴿وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُون﴾] يريد به: المؤمنين من أهل مكة. وما لهم أَلاَّ يُعَذِّبَهُم الله: يعني الكفارَ منأهل مكة - جعل الضميريْن مختَلِفَيْن -.
وكُلُّ هذه الأقوال تدلُّ على أن الآيةَ محكمة لا نسخَ فيها.

صفحة رقم 81
الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه
عرض الكتاب
المؤلف
أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي
تحقيق
أحمد حسن فرحات
عدد الأجزاء
1