آيات من القرآن الكريم

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ ۖ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ
ﭑﭒﭓﭔﭕﭖﭗﭘﭙﭚﭛﭜﭝﭞﭟﭠﭡﭢﭣﭤﭥ ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴﭵﭶﭷ ﭹﭺﭻﭼﭽﭾ ﮀﮁﮂﮃﮄﮅﮆﮇﮈﮉﮊﮋ

يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (٣) أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)
شرح الكلمات:
الأنفال: جمع نفل١ بتحريك الفاء: ما يعطيه الإمام لأفراد الجيش تشجيعاً لهم.
ذات بينكم: أي حقيقة بينكم، والبين الوصلة والرابطة التي تربط بعضكم ببعض من المودة والإخاء.
إنما المؤمنون: أي الكاملون في إيمانهم.
وجلت قلوبهم: أي خافت إذ الوجل٢: هو الخوف لاسيما عند ذكر وعيده ووعده.
وعلى ربهم يتوكلون: على الله وحده يعتمدون وله أمرهم يفوضون.
ومما رزقناهم: أي أعطيناهم.
أولئك: أي الموصوفون بالصفات الخمس السابقة.
لهم درجات: منازل عالية في الجنة.
ورزق كريم: أي عطاء عظيم من سائر وجوه النعيم في الجنة.
معنى الآيات:
هذه الآيات نزلت في غزوة بدر وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد نفل٣ بعض المجاهدين لبلائهم

١ النفل: بسكون الفاء: اليمين وفي الحديث: "فتبرئكم يهود بنفل خمسين منهم" وهو أيضاً الانتفاء من الشيء وفي الحديث: "فانتفل من ولدها" والنفل: نبت معروف، والنفل: الزيادة على الفرائض في الصلاة.
٢ قيل لبعضهم: متى تعرف أنه استجيب دعاؤك؟ قال: إذا اقشعرّ جلدي ووجل قلبي، وفاضت عيناي بالدموع، وقالت عائشة رضي الله عنها: ما الوجل في القلب إلا كضَرَمَة السَعفَة، فإذا وجل أحدكم فليدع عند ذلك.
٣ هذا ما ذهب إليه ابن جرير ورجحه محتجاً عليه بشواهد اللغة والتاريخ والجمهور على أن المراد بالأنفال هنا غنائم بدر، والكل محتمل إذ حصل النفل، وحصلت الغنيمة، ولما اختلفوا ردت إلى الله ورسوله ثم حكم الله تعالى فيها بقوله: ﴿واعلموا أنما غنمتم من شيء... ﴾ الآية.

صفحة رقم 283

وتخلف آخرون فحصلت تساؤلات بين المجاهدين لم يعطي هذا ولم لا يعطي ذاك فسألوا الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنزل الله تعالى ﴿يسألونك١ عن الأنفال؟﴾ ٢ فأخبرهم أنها ﴿لله والرسول﴾ فالله يحكم فيها بما يشاء والرسول يقسمها بينكم كما يأمره ربه٣ وعليه فاتقوا الله تعالى بترك النزاع والشقاق، ﴿وأصلحوا﴾ ذات بينكم بتوثيق عرى المحبة بينكم وتصفية قلوبكم من كل ضغن أو حقد نشأ من جراء هذه الأنفال واختلافكم في قسمتها، ﴿وأطيعوا الله ورسوله﴾ في كل ما يأمرانكم به وينهيانكم عنه ﴿إن كنتم مؤمنين﴾ حقاً فامتثلوا الأمر واجتنبوا النهي. وقوله تعالى ﴿إنما المؤمنون﴾ أي الكاملون في إيمانهم الذين يستحقون هذا الوصف وصف المؤمنين هم ﴿الذين إذا ذكر الله﴾ أي اسمه أو وعده أو وعيده ﴿وجلت قلوبهم٤﴾ أي خافت فأقلعت عن المعصية، وأسرعت إلى الطاعة، ﴿وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً﴾ أي قوي إيمانهم وعظم يقينهم، ﴿وعلى ربهم﴾ لا على غيره ﴿يتوكلون﴾ وفيه تعالى يثقون. وإليه تعالى أمورهم يفوضون، ﴿الذين يقيمون الصلاة﴾ بأدائها بكامل شروطها وكافة أركانها وسائر سننها وآدابها، ﴿ومما رزقناهم﴾ أي أعطيناهم ﴿ينفقون﴾ من مال وعلم، وجاه وصحة بدن من كل هذا ينفقون في سبيل الله ﴿أولئك﴾ الموصوفون بهذه الصفات الخمس ﴿هم المؤمنون حقاُ﴾ وصدقاً، ﴿لهم درجات عند ربهم﴾ أي منازل عالية متفاوتة العلو والارتفاع في الجنة، ولهم قبل ذلك ﴿مغفرة﴾ كاملة لذنوبهم، ﴿ورزق كريم﴾ ٥ طيب واسع لا تنقيص فيه ولا تكدير، وذلك في الجنة دار المتقين.

١ السؤال معناه: الطلب فإن عدي بعن: كان لطلب معرفة شيء نحو: ﴿يسألونك عن الأنفال﴾ وإن عدي بنفسه نحو: "سأله مالا فهو: لطلب إعطاء الشيء المطلوب".
٢ الأنفال: جمع نفلٌ بفتح النون والفاء معاً كعَمَلٌ وهو مشتق من النافلة التي هي الزيادة في العطاء، وقد أطلق العرب لفظ النفل على الغنائم في الحرب اعتباراً منهم لها على أنها زيادة عن المقصود الأهم الذي هو إبادة العدو، ولذا كان بعض صناديدهم لا يأخذونها وهذا عنترة يقول:
يخبرك من شهد الوقيعة أنني أغشى الوغى وأعفّ عند المغنم
٣ اختلف في النفل هل يكون من الخمس أو هو خمس الخمس من الغنيمة؟ والصحيح أنه ما يعطيه الإمام من شاء من المقاتلين لبلائه من الخمس.
٤ وجل: كضرب، يوجل كيضرب ويجل كيلد بإسقاط فاء الكلمة والمصدر: الوجل كالعسل، وموجل كموعد.
٥ لفظ (الكريم) يصف به العرب كل شيء حسن في بابه لا قبح فيه ولا شكوى منه.

صفحة رقم 284
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير
عرض الكتاب
المؤلف
جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر أبو بكر الجزائري
الناشر
مكتبة العلوم والحكم بالمدينة المنورة
سنة النشر
1424
الطبعة
الخامسة
عدد الأجزاء
5
التصنيف
التفسير
اللغة
العربية